عندما نتحدث عن الميراث فإننا نتحدث عن تشريع إسلامي أمر الله به للذكر والأنثى وهو حق شرعي وليس صدقة. يقول الله تعالى: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً}، فهذه الآية الكريمة أوضحت النصيب من الميراث للرجال والنساء. الشريعة الإسلامية بكل نصوصها بيّنت الكيفية في حق كل من الأسرة سواء كان لك ذكر أو أنثى.. ولكن للأسف الشديد هنالك بعض المجتمعات تسعى إلى حرمان المرأة من حقها الشرعي في الميراث سواء بالتحايل أو إجبارها على التنازل عن إرثها لكي يختص به الذكور دون مراعاة نال للأنثى من نصيب وحق مشروع. فالله سبحانه وتعالى كرّم بني آدم على الكثير كما ورد في القرآن - وهذا التكريم القرآني في شموليته الذكر والأنثى.. في الحقوق قال الله تعالى: {آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً} النساء 11، فعملية إقصاء المرأة من حقها الشرعي إنما هو نزعة جاهلية وليست من الدين شيء، بل هو قانون بشري فاسد في بعض المجتمعات التي لا زال يتمسك بها البعض في منظورهم أنه قانون وشرع لا ينبغي تجاوزه أو خرقه، فالمرأة عندهم لا ترث لمجرد أنها أنثى لا تحتاج المال فيكفيها مال زوجها. ويأتي التشديد في إرث الأراضي والمزارع فهم يمنعون المرأة من حقها بحجة الحفاظ على إرث العائلة وتناسوا أن الإسلام لم يفرّق بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات، فكما أن الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة حق التكليف والجزاء والعقاب، فالرجل محاسب عن كل خطأ يفعله وامرأة كذلك وكل منهم محاسب على تقصيره في الأعمال. قال تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً} النساء 124، فمن هذه الشمولية في الحساب والعقاب تدل على عدم التفريق بين الذكر والأنثى في كل الأعمال، سواء صالحة أو غيرها.. ومجرد تطبيق نصوص الآيات القرآنية في جميع المعاملات نجد فيها ما يضمن للمرأة حقوقها أن التعدي على أي حق شرعي خاص بالمرأة يعود للطبقات الجاهلية والقوانين البشرية، فالإسلام جاء ليهدم تلك التعديات بما فيها من إجحاف وأحق الحق لكل فرد من أفراد المجتمع ولم يعرف عن ديننا الحنيف أنه أمال الكفة لشخص دون آخر فلو نظرنا إلى بعض الأديان لوجدنا أن حقوق المرأة مهدرة وغير مكافئة لها.. ففي التشريع اليهودي تحرم المرأة من الميراث سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجةً.. وكذلك في الكثير من الأديان التي هي بعيدة كل البعد عن النظام الإسلامي الذي شدد في أحقية المرأة كإنسانة تشاطر الرجل في جلّ الحقوق من دون تمييز أإجحاف.. ففي حقها من الإرث راعى الإسلام حاجتها إلى ذلك الميراث لكي تنفقه على حالها لو احتاجت إليه ويكون عوناً لها على الاستقرار ومراعاتها حالتها النفسية لكي تحس بوجودها في المجتمع وفي ذلك يتحقق معنى التكافل الاجتماعي والحفاظ على المنظومة الأسرية من التفكك والتمييز بين أفرادها في شتى المعاملات التي تجعل كل أطرافها في جو أسري سعيد يرفرف على محيطها الأمان. - أبها