لا تكاد تخلو منطقة من مناطق مملكتنا الغالية من جمعية من الجمعيات الخاصة بالمساعدة على الزواج أو تيسير الزواج ولدى وزارة الشؤون الاجتماعية عشرات الجمعيات وذلك بتعدد هذه الجمعيات في منطقة واحدة، ولهذه الجمعيات جهود طيبة ومباركة في مساعدة الشباب على الزواج مادياً، وإقامة زواجات جماعية في بعض المدن والقرى مما يوفر على الشباب بعض مصاريف الزواج. ولو أن الجمعيات لم تقم إلا بهذا العمل لكان كافياً بأن يدعى للقائمين عليها بجزيل الأجر والثواب من الملك الوهاب سواء للمحسنين والباذلين أموالهم, أو الباذلين أوقاتهم وجهدهم، ولكن بعضاً من هذه الجمعيات صار لها جهود طيبة ومباركة في العمل على التهيئة والتنشئة للأسرة السعيدة من خلال إقامة دورات قبل الزواج للمقبلين على الزواج من الجنسين، وهنا اقترح نشر الدورات صوتاً وصورة وكتابة على مواقع الجمعيات عبر الإنترنت حتى تعم الفائدة, وهناك جهد آخر لبعض هذه الجمعيات يسعى لحل الخلافات الأسرية بين الزوجين والإصلاح، وتقديم المشورة الاجتماعية، وغير ذلك من جهود مباركة. وإذا كانت الإشادة بجهود الجمعيات وعملها الأساس في تيسير الزواج والمساعدة بالدعم فإن وجود جمعيات قائمة بذاتها لمساعدة المتزوجين تقوم بجهد خاص في دراسة أسباب الطلاق في المجتمع أمر تدعو إليه الضرورة والحاجة، فقد تزيد نسبة الطلاق عن حالة واحدة لكل أربع زيجات وهو أمر مقلق للغاية، وفي الدراسة العلمية الميدانية التي قمت بها عن: «ظاهرة الطلاق في المجتمع السعودي» تكشفت حالات وأسباب يتطلب من ذوي الاختصاص البحث فيها والعمل على معالجتها قدر الاستطاعة. ولا شك أنه من الأهمية بمكان أن تكون معالجة الكثير من القضايا في المجتمع وفقاً لدراسات اجتماعية وعلمية وإدخال كافة العناصر العلمية في مثل هذه الدراسات من المختصين في علم النفس والاجتماع والعلوم الشرعية حتى تظهر الدراسات والأبحاث بصورة قريبة من الكمال ولا أقول الكمال المطلق فالكمال لله وحده سبحانه. ولقد اطلعت على دراسة حديثة تكفلت بنشرها إحدى الجمعيات الخيرية الخاصة بالزواج والدراسة هي (اختيار الزوجة وتعدد الزوجات عند الشباب السعودي) ومعد هذه الدراسة البحثية هو د. محمد بن إبراهيم السيف أستاذ الدراسات الاجتماعية ومناهج البحث في كلية الملك فهد الأمنية والناشر: الجمعية الخيرية لتيسير الزواج بالأحساء، ولا أستطيع تسليط الضوء على الدراسة وخاصة الشق الثاني منه فهو ذو حساسية بالغة وخاصة لدى السيدات (تعدد الزوجات) ولكنني سأقفز إلى ما توصل إليه الباحث من نتائج البحث أن الطلاق هو إحدى نتائج سوء الاختيار للزوجة أو لسوء اختيار أهل الزوجة للزوج وليس للسوء الذاتي بعينه إنما عدم التوافق العاطفي والسلوكي والرغبات الزوجية واختلاف ثقافة الزوجين وأحوالهم الاجتماعية والاقتصادية السابقة، وحمل الباحث الجهات التربوية والقضائية والاجتماعية مسؤولية معالجة هذه الظاهرة الاجتماعية السلبية. وهذا البحث لا تتجاوز أوراقه الستين إلا أنه بحث علمي رصين فيه من الشفافية والوضوح وتحديد مكمن الداء ووصف للدواء، وهو أنموذج أتمنى أن تبادر إلى القيام بعمل مماثل له الجمعيات المعنية بذلك، كما أتمنى أن تشجع وزارة الشؤون الاجتماعية قيام جمعيات أخرى تعنى بالإصلاح الأسري والإصلاح بين الأزواج وتقدم الدورات والنصائح عبر الوسائل التقنية الحديثة للأزواج.. والله من وراء القصد.