أن تتحدث العامية في بيتك في محاضراتك وفي كل شؤون حياتك و(تهيجنها) وتسمع ما يكتب بها من أغان وأناشيد وتتحاور اجتماعياً وأحياناً ثقافياً بها وتدعي أنك لا تريد أن تكرسها من خلال الكتابة عن المبدعين الحقيقيين من رموزها ودراسة ما يزخر به تاريخها الطويل من إبداع حقيقي يرصد لثقافة أمة فأنت مجانب للصواب وبعيد عن مهمتك الأساسية. ربما لو درست أنت والعدد الكبير من أمثالك من النقاد الذين يثق القارئ بعمق أفكارهم ونزاهة أقلامهم وحيادية طرحهم لسلمت العامية من هذا الطوفان الهائل من شعر رديء ساذج لا يلوي ممارسوه على شيء إلا التواجد والظهور الذي يكاد أن يقتل الجمال في الشعر فصيحه وعاميه. وأظن أن الناقد الفطن يدرك أن ثقافة مجتمعه العاميّة هي ثقافة أمة لا يستطيع سلخها من الذاكرة الجمعية وأن من الحكمة أن يحافظ على تراث المجتمع بنوعيه وأن يكتب عن الإبداع في الجانبين ليحبب الناس إلى قلمه ونهجه، فالتهميش والتجاهل والاتهام بالجهل لكتاب وعشاق وحفّاظ هذا النوع الجميل من الأدب - العامي- يجعل من عشاقه -وهذا ما لا نتمناه - أعداء لكل مناصر للفصحى ومشتغل بها. وقفة لإيليا أبي ماضي: يا صاح إنّ الكبر خلق سيئ هيهات يوجد في سوى الجهلاء والعجب داء لا ينال دواؤه حتى ينال الخلد في الدنياء فاخفض جناحك للأنام تفز بهم إنّ التواضع شيمة الحكماء لو أعجب القمر المنير بنفسه لرأيته يهوي إلى الغبراء