في الوقت الذي تحاول حكومة الفلبين فرض قانون الحد الأدنى لأجور عمالتها المنزلية في المملكة بما لا يقل عن 400 دولار في الشهر وهو معدل يتجاوز الحد الأدنى لأجور العمالة في الدولة نفسها بأضعاف كبيرة، والاستماتة في فرض إجراءات لحماية حقوق عمالتها حتى ولو تعارضت مع قوانين الدولة التي ينتمي لها صاحب العمل وينفذ فيها عقد العمل. وتقوم في سبيل تحقيق هذه الغاية بتعليق تدفق تلك العمالة لممارسة المزيد من الضغوط. نحن في المقابل نتسامح في استقدام آلاف من أنواع العمالة الأخرى الرجالية والنسائية من الدولة نفسها بعضها على حساب حقوق المواطنين في العمل خاصة في القطاع الصحي الذي تهيمن على أغلبه العمالة الفلبينية. هذا التمييز في المعاملة، أي تعليق قدوم عاملات الخدمة المنزلية التي يتحمل المواطن السعودي تكلفة استقدامها بالكامل، ويتحمل المسؤولية عنها أمام الأنظمة السعودية طيلة إقامتها بالمملكة، بقصد فرض مزيد من الشروط، وتسهيل قدوم أنواع العمالة الأخرى، بدأت في تطبيقه دول أخرى مثل إندونيسيا وسريلانكا دون مبرر. فأصبحنا من وجهة نظر تلك الدول أصحاب عمل طيبين فيما يتعلق بالعمالة الرجالية والنسائية التي تعمل لدى الجهات الحكومية والشركات الأهلية، وأصحاب عمل سيئين ومنتهكين لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالعمالة المنزلية. فعلى الرغم من علاقة العمل التاريخية بين المواطن السعودي والعمالة المنزلية من تلك الدول التي من سماتها العامة المعاملة الحسنة والاحترام المتبادل بين الطرفين مما ساهم في التغلب على مشاكل اقتصادية تواجهها العائلات في تلك الدول، إلا أن نهج السياسيين لديها في السنوات الأخيرة اتجه إلى فرض شروط غير واقعية نتيجة لردود أفعال متسرعة على حوادث وانتهاكات فردية يمكن حدوثها في أي مكان في العالم المتسببون فيها هم تحت طائلة العقوبات التي تفرضها الأنظمة السعودية. المطلوب من المملكة أن تتصدى لهذه الإجراءات والمعاملة التمييزية بإجراءات مماثلة. فأي دولة تعلق قدوم نوع من عمالتها بقصد فرض شروط من جانب واحد، يجب أن يواجه بتعليق مضاد لقدوم كافة أنواع العمالة الأخرى من تلك الدولة حتى يتم الاتفاق على شروط مقبولة للطرفين. ويجب أن يساهم المواطنون في إنجاح مثل هذه الإجراءات بالتضحية وتحمل النتائج المتوقعة لإيقاف تدفق العمالة من أي دولة، ومحاولة التكيف مع حلول بديلة من شأنها زيادة معدل الادخار لدى الأسر السعودية بتوفير تكاليف الاستقدام وأجور العمالة، والمساهمة في سد أي نقص في الوظائف لدى القطاع الخاص نتيجة لتعليق الاستقدام من أي دولة.