(جئتكم من مهوى قلوب المسلمين، من بلاد الحرمين الشريفين حاملاً معي رسالة من الأمة الإسلامية، ممثلة في علمائها ومفكريها الذين اجتمعوا مؤخراً في رحاب بيت الله الحرام، رسالة تعلن أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية والتسامح، رسالة تدعو إلى الحوار البناء بين أتباع الأديان). خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تذكرت هذه الكلمات المضيئة لطريق البشرية التي قالها خادم الحرمين الشريفين، وأنا أعايش الذكرى السادسة للبيعة المباركة، «ستة أعوام» مضت على قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - لوطن الوسطية والاعتدال.. حققت فيها مملكة الإنسانية مكانة مرموقة بين مصاف دول العالم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وأمنياً، وتحقق فيها لأبناء الوطن - هنا في الداخل - المزيد من اللحمة والتلاحم رغم خطط ومكايد الأعداء. وهنا تذكرت - أيضا - البروفسور جون هيك الباحث في مركز حوار الأديان في جامعة برمنغهام عندما وضع يده على جرح الحضارات الأزلي، مطالباً بإطالة عمر الحوار العالمي بين أتباع الأديان السماوية، عندما قال: «كلما كان الحوار بين الديانات مستمراً لفترة أطول كلما كان هذا أفضل خصوصاً أن الإصابة بالإسلامفوبيا (الخوف من الإسلام) قد بلغت مستويات عالية في الغرب نظراً للفهم الخاطئ ولقلة المعلومات، بعض منا استطاع تغيير هذه الفكرة عند الآخرين، بيد أن المشوار لا يزال طويلاً نحو تحقيق تفاهم عميق على نطاق واسع». وهذا المشوار - في نظري - لن يكون طويلاً أمام طموح خادم الحرمين الشريفين الذي دعى إلى حوار الأديان في مكةالمكرمة، ثم تابع غرسه في إسبانيا ملتقى الحضارات والأديان السماوية. إن القاسم المشترك في نشأة حروب البشرية وتكريس الكراهية بين أبناء هذا الكوكب الجميل، وخلق أجيال من العداوات المزمنة، هو - بلا شك - عدم إطالة عمر الحوار الإنساني بين أتباع الديانات السماوية، بل إن ذلك الغياب للحوار الإنساني ساهم بشكل رئيس في نشر فيروسات الفرقة وبكتيريا التناحر بين شعوب الأرض، وبقراءة سريعة لمشهد الحوار العالمي نجد أن جهود خادم الحرمين الشريفين توجت باجتماع عالي المستوى عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها بنيويورك شهر نوفمبر 2008م بناء على طلب منه لمواصلة الحوار العالمي الذي انطلق من العاصمة الإسبانية مدريد. ولم يكتفِ - أيده الله - بهذا بل أطلق جائزة عالمية للترجمة تحمل اسمه (جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة) إيماناً منه أن النهضة العلمية والفكرية والحضارية إنما تقوم على حركة الترجمة المتبادلة بين اللغات كونها ناقلاً أميناً لعلوم وخبرات وتجارب الأمم والشعوب والارتقاء بالوعي الثقافي وترسيخ الروابط العلمية بين المجتمعات الإنسانية كافة. واستمراراً للتأصيل الشرعي لمفهوم الحوار الإسلامي مع أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة في العالم رعى - حفظه الله - عام 1429ه حفل افتتاح المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بقصر الصفا في مكةالمكرمة، الذي أوصى المشاركون فيه بإنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للتواصل بين الحضارات بهدف إشاعة ثقافة الحوار وإنشاء جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للحوار الحضاري ومنحها للشخصيات والهيئات العالمية التي تسهم في تطوير الحوار وتحقيق أهدافه. أخيراً: إن ذكرى البيعة تؤكد أن خادم الحرمين الشريفين، لم يغب عما تمر به المنطقة من أزمات وصراعات، مما جعل المملكة تسعى لصناعة ثقافة عصرية بإعادة معمار الحوار الإنساني لتجمع الشعوب على كلمة سواء تنطلق من سماحة الإسلام الحنيف.