تلك السعودية التي قررت السفر إلى فلوريدا والتنازل عن الشهرة والأضواء التي ترتقبها في أقوى قناة عربية لتصنع مجداً تراه في عالم آخر.. وتصنع الفارق لعصر جديد، وحياة فريدة.. لم تكن كباقي الفتيات، عرفتها خلال ثلاث سنوات متواصلة كزميلة وأخت كما عرفها باقي الزملاء والزميلات في الmbc وقد اتفقنا أكثر مما اختلفنا.. كان الطموح الذي تحدثني عنه دوما والأحلام التي تسعى لتحقيقها كانت تلامس عنان السماء، وأكبر من صاحبة الجسم النحيل، إنها بمثابة (شقيقتي الصغرى) طالبة الماجستير المبتعثة مي بنت عامر الأحمدي التي قتلها سائق شاحنة عكس السير وبسرعة جنونية في تامبا بولاية فلوريدا الأمريكية حيث ارتطمت شاحنته بالباب الأمام حينما كانت تجلس (مي) في السيارة التي تقلها وزميلاتها لمقر سكنهن.. وتموت على إثر ذلك ليُخفي القدر من سعت للبعثة بكل ما تستطيع ولم تكن تعلم ولم نكن أيضاً نعلم أنها تتجه نحو النهاية.. نهاية فتاة لم تتجاوز السابعة والعشرين من عمرها بعد لكنها تملك خبرة تجاوزت ذلك بكثير وطموح منقطع النظير.. لم أره عند أحد كما رأيته في عينيها.. جاءني الخبر فجراً بمنزلي لتسابق دموعي كل كلام.. فجأة ماتت مي!! ماتت مي!! كيف؟ أتمتم بما لا أعي وزوجتي بجواري.. (تقرأ علي المعوذات فالفجر سيؤذن بعد قليل) ماذا بك؟ من المتصل؟ فهي أخت وزميلة عمل وآخر رسالة وصلتني منها لم تبرح هاتفي بعد تسأل عن أخباري وتطمئنني عن وضعها.. ماذا فعلت بنا يا سائق شاحنة فلوريدا..؟! بل ماذا فعلتي بنا يا فلوريدا بكبرك..؟ أي روح غردت في أعالي سمائك؟ بل أي أحلام رسمت في (الرياض) وؤدت فيك يا (تامبا) خطوب لا تشابهها خطوبُ وكرب لا تشابهه الكروبُ وأضلاع سرى فيها التياعُ تكاد لهول لوعتها تذوبُ بربك حامل النعش المسجى تلبَّث هل لنا منه نصيبُ وداعا (مي) يا من عرفنا نؤوب إلى البيوت ولا تؤوبُ رحمك الله يا بنت عامر وسامحك ورضي عنك وأرضاك وصبر أبيك وأمك وشقيقتك وشقيقك حزن الفراق ولوعة الوداع وألم وحسرة النهاية.. ولك مني جزيل الدعاء وأصدقه.. لروحك كل شآبيب الرحمة والغفران.