ليس غريباً أن تجد مسافراً يتصفح كتاباً أثناء انتظاره للصعود لطائرة في أحد المطارات, لكن الملفت للنظر بشدة أن تجد العشرات, وقد استغرقوا في القراءة في صالات المغادرة بمطار الملك خالد الدولي بالعاصمة السعودية الرياض, بعد أن وجدوا في ركن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة ما يمنحهم الفرصة لشغل وقت انتظار الصعود للطائرة في الاطلاع وتحصيل ولو قدر يسير من المعرفة. في صالات المغادرة بمطار الملك خالد الدولي, يشغل ركن القراءة الذي دشنته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة منذ أكثر من عام تحت شعار «سافر مع القراءة» كأحد الأفكار المبتكرة للمشروع الثقافي الوطني لتجديد الصلة بالكتاب, حيزاً متميزاً وقد اصطفت على رفوفه عشرات العناوين لإصدارات في كافة فروع المعرفة, بينما المشرفون على الركن, يقفون على مقربة منه في مساحة مفتوحة لإعادة كتاب تركه أحد المسافرين قبل مغادرته, أو إعادة ترتيب الكتب على الرفوف, أو مساعدة طفل للحصول على نسخة من قصة مصورة, أو إرشاد قارئ أوروبي إلى موقع الكتب المترجمة إلى اللغة الإنجليزية أو الفرنسية. التساؤل الأول الذي يطرحه كل من المسافرين عند رؤيتهم لركن القراءة, هل يمكنني قراءة أحد هذه الكتب؟ أثناء انتظاري لموعد صعود الطائرة, لترتسم بعدها ابتسامة عريضة على وجه هذا المسافر السائل أو ذاك, عندما تأتيه الإجابة من أحد مشرفي الركن بالطبع يمكنك ذلك, ويبدو أن كثيراً من المسافرين كانوا يظنون أن هذا الركن, إنما هو مخصص لعرض الكتب لمن يرغب في الشراء, لكنه يفاجأ عندما يعرض أن محتويات الركن متاحة مجاناً لمن يرغب في القراءة. المشرفون على الركن يؤكدن أن إعجاب المسافرين سواء من أبناء المملكة أو الأجانب بالفكرة لا يوصف وكذلك الإقبال على القراءة, من خلال هذا الركن حيث إن المسافرين يكون في حاجة حقيقة لشيء يعينه على قضاء وقت انتظار صعود الطائرة الذي ربما يصل إلى ساعة أو أكثر .. ويجد في محتويات الركن من الكتب والمطبوعات الأخرى ما يساعده على ذلك ولا سيما أن الركن يحتوي على كم كبير من الكتب في الأدب والثقافة والرحلات والعلوم التطبيقية والإنسانية إلى كتب ومطبوعات للمرأة والطفل, ومطبوعات مترجمة بكافة اللغات. ويضيف المشرفون على ركن القراءة في مطار الملك خالد الدولي, ومحتويات الركن متاحة للمسافرين على مدار الساعة, ليلاً ونهاراً وكل كتاب يوجد منه خمسة نسخ على الأقل, بالإضافة إلى تزويد الركن بإصدارات جديدة بصفة مستمرة على ضوء ملاحظات واقتراحات المسافرين. ولكن أغرب ما يتوقف عنده المشرفون على الركن هو ما يبديه بعض المسافرين من رغبته في اصطحاب الكتاب على متن الطائرة لاستكمال ما بدأه قبل مغادرة صالة الانتظار من القراءة, وهو الأمر الذي لا يسمح به لوجود صعوبات في استعادة الكتب مرة آخرى. أما النظرة المتأملة لمحتويات ركن القراءة بالمطار والعناوين المعروضة فيه, فتكشف عن تنوع كبير, فهناك الكتب التاريخية عن الجزيرة العربية من إصدارات المكتبة, وإصدارات مختارة عن تقاليد المجتمع السعودي وأبرز خصائصه الثقافية والاجتماعية, وكتب عن «وسطية الإسلام» لعدد من كبار العلماء والدعاة, وروايات أدبية ومجموعة من دواوين الشعر العربي لأشهر الشعراء, وإصدارات متنوعة في أدب الرحلات وعلوم الحاسب, وكتب في شؤون الأسرة والتربية السليمة, ومجموعة من الكتب الخاصة بالمرأة والاهتمامات النسائية, وعدد كبير من الإصدارات الموجهة للطفل, ومنها قصص مصورة وحكايات ترفيهية ومسابقات. ولمن يتحدثون بلغات أخرى يزخر الركن بمجموعة من الكتب المترجمة إلى عدد كبير من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصينية والأدبية ولا تقتصر محتويات الركن على إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة, بل تشمل عدداً كبيراً من إصدارات دور النشر العربية والأجنبية. وعن اختيار محتويات الركن يؤكد القائمون على مشروع القراءة في المطارات, أن هناك لجنة تضم نخبة من المختصين تتولى مهمة تحديد العناوين التي يقدم للمسافرين, وفق مجموعة من المعايير أهمها التنوع, بما يتناسب مع اختلاف المستويات الثقافية والتعليمية وتباين الاهتمامات, ثم طبيعة القارئ المسافر, الذي لا يتوافر لديه وقت كبير للقراءة أو الاطلاع, والذي ربما يكون دافعه الأول للقراءة هو التسلية وشغل الوقت, ويفضل الحصول على المعلومة أو الفكرة بصورة مباشرة وشيقة دون إغفال لاحتياجات القراء الباحثين عن الفكر وتحصيل المعرفة.