بداية نعرف القرنية بأنها ذلك الجزء الدائري الشفاف الذي يقع في مقدمة العين ويغطى القزحية. وهناك مجموعة من الأمراض تصيب طبقات القرنية العلوية مثل: القرنية المخروطية، وبعض أمراض القرنية الوراثية، أو بعض ندب القرنية، وهناك بعض الأمراض التي تصيب الطبقات السفلية من القرنية مثل: ارتشاح القرنية بعد عمليات الماء الأبيض المعقدة، وقد يصل المرض درجة تستدعي استبدال القرنية بقرنية أخرى سليمة تأخذ من شخص آخر متوفى حديثا ومجرى عليها اختبارات دقيقة لتحديد سلامتها وخلوها من الأمراض المعدية ومحفوظة في وسط يحافظ عليها لمدة لا تزيد عن شهر، وهو ما يسمى (زراعة القرنية الكاملة). ولقد تطورت عمليات زراعة القرنية في السنوات الأخيرة بحيث أصبح بالإمكان الآن وفي مركز النخبة الطبي الجراحي زراعة جزء من القرنية سواء الجزء الأمامي أو الخلفي بحسب الجزء المراد استبداله في القرنية المريضة. ومن بين كل أنواع جراحات زراعة الأعضاء (القلب- الرئة- الكلى) فإن زراعة القرنية هي أكثر تلك الجراحات انتشاراً ونجاحاً، حيث تتمتع زراعة القرنية بنسبة نجاح عالية قد تفوق نجاح زراعة أي عضو أخر من أعضاء الجسم. دور الإنتراليز أو المشرط الضوئي استخدام جهاز الإنتراليز أو المشرط الضوئي (ليزر الفيمتو ثانية) يمكننا من قطع الجزء المريض من القرنية بدقة فائقة واستبداله بجزء سليم وبالتالي تفادي مضاعفات الرفض والمضاعفات الجراحية التي قد تحدث مع الزرع الكامل للقرنية. كما أن القطع الناتج هو قطع متساوي وذو سماكة واحدة، وذلك بعكس المشرط الآلي، والذي تكون السماكة الناتجة عن القطع به غير متساوية وغير دقيقة، بالإضافة إلى ذلك فإن قطع القرنية بدقة ميكروسكوبية لا تتاح لليد البشرية ومع استخدام مواد تستعمل كغراء حيوي ربما تغنينا عن استخدام الغرز في المستقبل القريب مما يبشر بالتخلص من مشاكل الأستيجماتيزم (Astigmasim) التي تحدث بعد زراعة القرنية الكاملة بالطريقة التقليدية. وتتخلص فكرة عمل المشرط الضوئي بإطلاق نبضة ليزر صغيرة جدا مقدارها لا يتعدى عدة مايكرونات من أشعة الليزر تحت الحمراء ولمدة قصيرة جدا مقدارها فيمتوثانية Femtosecond (1 على مليون المليار جزء من الثانية)، ورغم قوة طاقة نبضة الليزر تلك إلا أن تسليطها داخل القرنية لهذه المدة القصيرة يجعلها تتحول إلى فقاعة دقيقة تقوم بفصل الأنسجة عن بعضها البعض دون أن تحدث أية أضرار للأنسجة المجاورة. كيف يمكن أن تؤثر حالة القرنية على الرؤية؟ حتى تكون الرؤية جيدة يجب أن يتوفر عاملان مهمان في القرنية: 1 - أن تكون القرنية شفافة تماما. 2 - أن تكون ذات سطح مستوي الكروية. وحيث أن القرنية تشكل أكثر من 66% من قوة تركيز الضوء في العين فإن أي مؤثر يؤثر على هذين العاملين أو أحدهما فإنه يؤثر على جودة الرؤية بالعين. دواعي زرع القرنية تظهر ضرورة زراعة القرنية في حالات منها: - بعض الأمراض الوراثية المسببة لعتامة القرنية. - القرنية المخروطية (زيادة تحدب القرنية). - ندب القرنية الناتجة من العدوى الفيروسية أو الإصابات. - رفض الجسم للقرنية بعد جراحة سابقة لزراعتها. - تجعد القرنية بسبب إصابتها. - ارتشاح القرنية بسبب ضعف الخلايا المبطنة للقرنية. كيف تتم زراعة القرنية؟ قبل الجراحة بعد قرار الطبيب وموافقة المريض على إجراء زرع للقرنية يتم التنسيق لتوفير قرنية سليمة من شخص سليم لا يعاني أي أمراض معدية مثل الالتهاب الكبدي أو الإيدز. يوم الجراحة يحضر المريض المستشفى صباح يوم الجراحة، والجراحة في حد ذاتها غير مؤلمة وتجرى تحت تخدير موضعي أو كامل وذلك حسب عمر المريض وحالته الطبية. وعند زراعة القرنية يتم إزالة جزء دائري من وسط القرنية المريضة ويتم استبداله بجزء مشابه من القرنية الجديدة، حيث يقوم الطبيب بواسطة الميكروسكوب الجراحي بأخذ القياسات اللازمة لتحديد مساحة جزء القرنية المراد قطعها من عين المريض ومساحة جزء القرنية المراد زراعتها، وبعد ذلك يتم قطع القرنيتين سواء بالمشرط الجراحي المخصص لذلك أو باستخدام ليزر الفيمتوثانية وهو الأدق في هذه الحالات. بعد ذلك يتم تثبيت القرنية المزروعة في عين المريض باستخدام خيوط جراحية قطرها أقل من قطر رمش العين، بعدها تغطى العين ويخرج المريض من غرفة العمليات. بعد الجراحة يمكن للمريض الذهاب لمنزله في نفس يوم الجراحة بعد قضاء فترة بسيطة في غرفة الإفاقة، ويجب أن يحضر المريض شخصاً آخر معه ليصحبه للمنزل، ثم يتم تحديد موعد في اليوم التالي للجراحة مع الطبيب لفحص حالة المريض، ويجب على المريض إتباع الآتي: - استعمال قطرات العين حسب وصف الطبيب والتي تساعد القرنية على الالتئام وعلى عدم رفض الج سم للقرنية الجديدة. - عدم فرك العين أو الضغط عليها. - استعمال مسكن للألم عند الحاجة. - يمكن ممارسة النشاط الطبيعي ما عدا الحركات العنيفة. - ارتداء نظارة أو غطاء للعين حسب وصف الطبيب. وتظل الغرز في العين عادة لمدة سنة ويقرر الطبيب إزالتها من عدم إزالتها حسب حالة المريض. درجة أمان زراعة القرنية نسب نجاح إجراء جراحة زراعة القرنية صارت عالية مقارنة بالماضي، فالتقدم التكنولوجي في صناعة الخيوط والتي أصبحت أقل سمكاً من شعر الإنسان، بالإضافة إلى استخدام المجهر الجراحي الذي يضمن الرؤية الواضحة للجراح ساعدت في نجاح زراعة القرنية. د. علي الخيري - استشاري طب وجراحة العيون