في إحدى الليالي المقمرة التي تشع خيوطها الفضية فوق قرية ريفية، أضواء سيارات الشرطة هنا وهناك ورجال الشرطة يبحثون بمصابيح صغيرة. عمن يبحثون يا ترى؟ رجل طويل، أصلع الرأس، حافي القدمين، ممزق الثياب، مختبئ خلف أحد المنازل الصغيرة وعندما اطمئن أن سيارات الشرطة ذهبت قفز يجري ويجري فإذا هو وسط الغابة أمام قصر ضخم نوافذه مكسرة وسطحه نصف مهدوم يثير الفزع والخوف، فتح باب القصر الذي أحدث صريرا. لفت انتباهه الصورة التي في مقدمة القصر «رجل عجوز بجانبه امرأة في سنه وبينهما فتاة صغيرة كانت عيونهم تنظر إليه ثم تحركت فجأة إلى اليسار، ارتعب قليلا ودخل القصر وأغلق الباب خلفه ومشى يلتفت يمنةً ويسرةً فإذا بسلم كبير متهرئ، رفع رأسه إلى أعلى الدرج. فرأى فتاة بيضاء، ذات شعر أسود طويل، مرتدية ثوبا ناصع البياض، ليس لها قدمان، نظرت إليه وابتسمت ثم اختفت...، تراجع إلى الخلف وسمع صوتا فالتفت وراءه فإذا بعينين يلمعان وسط الغرفة، ازداد تراجعه وأرضية الغرفة الخشبية تهتز تحت قدميه، وفجأة غاصت قدمه اليمنى في الخشبة التي انكسرت محدثة ضجة تحركت على إثرها بومة كبيرة خرجت مع إحدى النوافذ المكسورة، حرر قدمه وأخذ يصرخ في البيت مناديا ً « سارة...!! سارة...!! « وهو يصعد الدرج التفت يمينا فإذا بقطة بيضاء تنتظره وعندما رآها دخلت مع باب إحدى الغرف فتقدم وأمسك مقبض الباب وأداره فإذا بغرفة كبيرة فيها موقد للنار، وسرير كبير، ويعلو الغرفة غبار كثيف وشبكات العناكب متمددة على الجدران، ومن خلف السرير رأى طرف ثوبٍ يختفي فتقدم وأخذ ينادي « سارة...!! سارة...!! « فاشتعل الموقد وسقط على الأرض وهو يرتجف، أخذ يزحف ويزحف إلى أن خرج خارج الغرفة وبقي إلى أن جمع شتات نفسه، وعندما نظر من جديد إلى الموقد كان قد انطفأ وكأنه لم يشتعل، فالتفت فإذا الغرفة الأخرى يشع من تحت بابها ضوء، نادى « سارة..!! أأنت هنا ؟؟!!» ثم تقدم وفتح الباب فإذا بالمرأة العجوز التي في الصورة تجلس على كرسي هزاز وتنسج صوفاً وزوجها يجلس مقابلها والفتاة في أحضانه يلاعبها وعندما رأوه اختفى الصوف وتوقف العجوز عن ملاعبة الفتاة، وحين تقدم باتجاههم اختفوا جميعاً، وانظم إليهم في الصورة الكبيرة، وفي صباح اليوم التالي نشرت الشرطة منشورات لصور أشخاص مكتوب عليها: (البحث عن مجموعة من المجانين الفارين، وتحت الخبر صورة لرجل مسن وامرأة عجوز وشاب وبينهم طفلة). بقلم الطالبة: عبير سليمان مبارك – الثانوية (53)