يعتمد الاقتصاد الياباني بصفة رئيسية على مصادر متنوعة للطاقة ومن أهمها الطاقة الأحفورية المتمثلة في البترول والغاز المُسال والفحم الحجري وبعض مصادر الطاقة البديلة، وفي مقدمتها الطاقة النووية التي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية من خلال 12 محطة نووية منتشرة في أنحاء اليابان تغذي اليابان بأكثر من 25% من احتياجاتها للطاقة الكهربائية. إن الدمار الشامل الذي أحدثه هذا الزلزال والمد البحري التابع له وخطورة تسرب الإشعاع النووي أدى إلى إغلاق جميع محطات توليد الكهرباء النووية بعضها بسبب دمار أحدثه الزلزال وبعضها كعمل احترازي خوفاً من تسرب إشعاعي مما جعل الكثير من المدن اليابانية تعيش في ظلام دامس. تشير أيضاً تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن اليابان تستورد وتستهلك أكثر من 4.7 مليون برميل بترول في اليوم تمثل 5% من الاستهلاك العالمي كثاني أكبر مستورد للبترول في العالم بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث يتم تكرير هذه الكمية من خلال 29 منشأة نفطية وتكريرية. يعتقد المراقبون للأحداث الأخيرة أن تأثير الزلزال المدمر وما تبعه من مد بحري هائل (تسونامي) لم يكن مباشراً وقوياً على معامل تكرير البترول اليابانية حيث تم الإعلان عن إقفال 6 منشآت تكريرية فقط بدون ذكر الأسباب ومدة الإغلاق ومدى تأثر هذه المنشآت بالزلزال والمد البحري. تقدر سعة هذه المنشآت المقفلة ب 1.6 مليون برميل في اليوم أو 30% من السعة التكريرية لليابان. إن تأثير إغلاق محطات توليد الكهرباء النووية على الاقتصاد الياباني والدمار الهائل الذي أصاب البنية التحتية لليابان يفوق بكثير تأثير إغلاق معامل التكرير وذلك لسهولة تعويض المواد البترولية المكررة من خلال استيراد اليابان لهذه المواد البترولية المكررة من الخارج, الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع سعر المنتجات المكررة مثل الديزل والبنزين في الأسواق العالمية على المدى القصير. لذلك نجد أن تأثير هذه الأحداث على أسعار البترول كان بسيطاً جداً ولا يُذكر حيث انخفض سعر سلة أوبك إلى 107.8 دولار للبرميل فقط مقارنة ب 109.2 دولار لبرميل قبل الزلزال. ما حدث الأسبوع الماضي يشير إلى أن تأثير الإمدادات أو ما يُعرف بعامل أمن إمدادات الطاقة بما فيها العامل الجيو سياسي على أسعار البترول يفوق كثيراً تأثير عامل الطلب أو نقص الاستهلاك، فنجد ارتفاعات الأسعار المتأثرة بالأحداث الأخيرة في ليبيا وبعض دول الشرق الأوسط يفوق بكثير تأثير نقص الطلب المتأثر بالزلزال الياباني وما تبعه من إغلاق لمعامل التكرير اليابانية. أعتقد أن عملية إغلاق معامل تكرير البترول اليابانية لن يطول كثيراً, بعكس عملية إغلاق محطات توليد الكهرباء النووية التي - بلا شك - سوف تطول وذلك بسبب الأضرار التي أصابتها ومخاوف التسرب الإشعاعي النووي وخطورته على الشعب الياباني والبيئة على حد سواء. لذلك أعتقد أن ال 25% من حاجة اليابان للطاقة الكهربائية والتي سوف تكون معطلة لعدة أشهر سوف تعوضها اليابان بشكل سريع جداً من خلال مصادر طاقة أحفورية وفي مقدمتها الفحم الحجري والغاز المُسال وبعض المشتقات البترولية المتوفرة بكثرة في الأسواق العالمية. أريد أن أنهي هذا المقال بالقول إن ما أحدثه زلزال الشعب السعودي الأبي الأسبوع الماضي والذي هز العالم بأكمله من خلال عدم الانصياع خلف المغرضين والحاقدين لهذا الوطن الجمعة الماضية, ومن خلال إظهاره لحبه اللا محدود لهذا الوطن وقائده جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - كان العامل الأساس لاستقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية في الأسبوع الماضي, وأن تأثيره الإيجابي فاق بكثير التأثير السلبي الذي أحدثه زلزال اليابان, فشكراً لهذا الشعب الذي عبَّر عن انتمائه وحبه لهذا الوطن. www.saudienergy.net