تحدّث الكثير عن أسباب مشكلة البطالة، واطلعت على كثير مما كتب حول هذا الموضوع، سواء على المستوى العالمي أو الإقليمي أو المحلي، والذي أرى أنه ضروري ومهم في الوقت الحاضر هو إيجاد الحلول العملية التي تسهم في معالجة هذه القضية الوطنية، ويستطيع أن يساهم فيها القطاع الخاص والعام كل في موقعه ووفق مسؤوليته. ونحن في جامعة الأمير سلطان، وقد جعلنا من أولوياتنا الإسهام في خدمة المجتمع من خلال دراسات أكاديمية مهنية متخصصة، تهتم بما يخدم المواطنين، وتجعل ذلك محل عنايتها، ليتم دراستها من قبل خبراء متخصصين ينظرون إليها من زاويتين: النظرة العلمية وفق أحدث الدراسات المحلية والعالمية، ونظرة إلى إمكانية تطبيقها على أرض الواقع، مستفيدين من أفضل التجارب العالمية في مجال الدراسة. وفيما يتعلق بموضوع البطالة فإن لدى جامعة الأمير سلطان تجربة واقعية جمعت بين النظرتين السابقتين (العلمية والعملية) وهي تجربة تستحق أن يلتفت إليها المهتمون بمعالجة البطالة، وأن يستفيدوا منها، وهي أيضاً تجربة قابلة للتطوير، إنها تجربة «برنامج الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف» التي يقدمها مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالجامعة، حيث إن هذه التجربة تركز على أهم شريحة ضمن فئة العاطلين عن العمل، وهي شريحة خريجي الجامعات السعودية الذين قد تتجاهلهم معظم برامج مكافحة البطالة في الغالب، علما بأن أعداد خريجي الجامعات السعودية يتزايد عاماً بعد عام وخاصةً بعد دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين اللامحدود لقطاع التعليم العالي الذي انتشر في جميع محافظات المملكة. وبدراسة واقع هذه الشريحة، وما يحتاجه سوق العمل، فقد ركز البرنامج على بعض البرامج المهنية الأكثر طلباً في سوق العمل حالياً، مثل (برامج سيسكو العالمية لشبكات المعلومات وبرامج أوراكل لقواعد البيانات وأنظمة الموارد البشرية والموارد المالية) فقام -بالدعم المالي من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية و بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة- بتصميم برامج دراسية خاصة تركز على رفع الكفاءة الفنية في هذه البرامج المهنية؛ ليتمكن خريجو دوراته من الحصول على شهادات فنية مهنية معترف بها عالمياً (مثل ERP(HR/FIN)-OCA-OCP-OCM-CCIE-CCNP-CCNA) بالإضافة إلى إتقان اللغة الإنجليزية والتأهيل القيادي، فنقل هذا البرنامج حتى الآن حوالي (180) شاباً من خريجي جامعاتنا إلى وظائف ذات عائد كبير يتراوح ما بين (11000 ريال و 28000 ريال شهرياً) وقد شغلوا مواقع مهمة تسهم في بناء المجتمع وتطويره، جعلت أكثر من (3.000 خريج) آخر يتقدم للالتحاق بالبرنامج. هذه النتائج الملموسة تشجعنا على التفكير في توسيع البرنامج في المستقبل -بإذن الله- ليتحول من مجرد برنامج ضمن برامج مركز خدمة المجتمع بالجامعة إلى مركز مستقل تحت مسمى «مركز الأمير سلمان للتعليم من أجل التوظيف» ليتمكن من استيعاب عدد أكبر من شبابنا خريجي الجامعات السعودية الذين يعانون من مشكلة البطالة، وإضافة برامج تدريبية أكثر بالتنسيق مع شركات عالمية أخرى مثل: ( SAP- JUNIPER - IBM) وغيرها من الجهات التي ترتبط معها الجامعة باتفاقيات تعاون. والجامعة على استعداد لتقديم تجربتها في هذا المجال إلى أي جهة معنية بالعمل على وضع حلول لهذه المشكلة، كما أنها مستعدة للعمل جنباً إلى جنب مع أي جهة (رسمية أو أهلية) تسعى لدعم وتطوير هذه التجربة وتوسيعها لفائدة الوطن وخير المواطن، تمشياً مع أهداف الجامعة التنموية وفق توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، رئيس مؤسسة الرياض الخيرية للعلوم (المظلة النظامية للجامعة)، وبمتابعة من صاحب السمو الأمير الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف أمين منطقة الرياض رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان، ليضاف إلى الجهود الجبارة التي تبذلها حكومتنا الرشيدة الهادفة إلى توفير فرص العمل والحياة الكريمة للشباب السعودي. والله ولي التوفيق. (*) مدير جامعة الأمير سلطان