أصبح معرض الكتاب يشكل تظاهرة ثقافية سنوية ينتظرها عشاق الكتاب بشكل دوري كل عام، واستمرار المعرض بهذا الزخم كل عام يشكل إيجابية كبرى تدل على أهميته وحرص الجميع عليه. هذه بعض المشاهدات التأملات من وحي معرض الكتاب الأخير. كانت أفقر الأجنحة في المادة الثقافية وأفخمها في الديكورات والمساحة هي مواقع الجهات الرسمية مثل مواقع الجامعات ووزارة الشئون الإسلامية وغيرها من الجهات الحكومية. لا نعلم مبرر مشاركة جهات ليس لديها ما يستحق التقديم للجمهور كمادة ثقافيه حقيقية، بل لا نعلم مشاركة جهات ليس لديها منتج ثقافي وليس من صلب تخصصها إنتاج الثقافة. هل هي مجاملة للقطاعات الحكومية؟ أم أن الأمر تجاري من يدفع تكاليف العرض يمنح المساحة التي يريد بغض النظر عن تقييم إنتاجه في مجال النشر وخبراته في النشر وخبرات المعرض السابقة معه؟.. الإشكالية أن الجهات المشرفة على المعرض تشتكي ضيق المساحة بينما هي تمنح مساحات شاسعة لجهات لم تقدم سوى الديكورات الفخمة وكأنه معرض ديكور وليس معرض كتاب. أقترح على وزارة الثقافة أن تسن قانوناً يمنع تأسيس ديكورات خاصة بالجهات المشاركة، وجعل الجميع يتساوون في تصميم مواقعهم. وأضيف باقتراح منع تقديم المشروبات والمأكولات داخل أجنحة العرض. حينها سنكشف مواقع قطاعاتنا الحكومية على حقيقتها ولن تبهرنا تلك المنصات الفخمة المظهر الخالية الجوهر. يبدو فهم بعض مكتباتنا ودور نشرنا المحلية لمعرض الكتاب بأنه مكتبة للبيع فتحجز مساحات شاسعة وتضع ديكورات فخمه وتحضر كتب قديمة وحديثة ولا تركز على إبراز إصداراتها الحديثة، إن وجدت. بمعنى آخر هي تحضر كدور بيع أكثر منها كدور نشر. أحياناً لا نلومهم حينما نلاحظ سلوكيات كثير من رواد المعرض، الذين يبدو أن لديهم مفهوماً غير واضح عن أولويات التسوق والإطلاع بالمعرض. البعض يعتقد أن المعرض فرصة للحصول على كتب مخفضة السعر فنجده يتجه للمكتبات المحلية للشراء وينسى أن تلك المكتبات موجودة طيلة الوقت وكان الأجدر به زيارة دور النشر غير المحلية التي سينحصر تواجدها خلال معرض الكتاب فقط. معرض الكتاب يفترض أن يكون فرصة تسويقية لعقد الصفقات التجارية في مجال النشر، لكن هذا الأمر غير حاصل هنا، حيث المعرض مجرد معرض بيع للكتب، وليس معني بموضوع صناعة الكتاب وتسويقه. ربما كان مناسباً تخصيص وقت في أيام المعرض للمتخصصين فقط ويمنع فيها البيع المباشر. هذا الوقت لتشجيع وحث الناشرين والمسوقين والمؤلفين لتبادل الخبرات وعقد الصفقات المتخصصة في مجال النشر. مثل هذا الأمر سيشجع القيادات والمسؤولين في دور النشر والتوزيع والتأليف على الحضور والاهتمام بقيمة المعرض ليس كمجرد منفذ تسويقي للأفراد بل كملتقى لأصحاب الاختصاص والاهتمام. الكتاب الأجنبي ودور النشر الأجنبية غائبة تقريباً في معرض الرياض للكتاب، وبالتالي هو معرض الرياض للكتاب العربي فقط. لا أدري هل نعتبر ذلك قصوراً في تسويق معرض الرياض كمعرض دولي عالمي أم أنها النظرة التي أشرنا إليها سابقاً من اعتباره مجرد معرض بيع للكتب وبالتالي لن يحضره سوى من يبحث عن الربح المباشر من خلال البيع؟. وزارة الثقافة والإعلام تبذل جهوداً كبيرة في التنظيم، وربما نقترح عليها إيجاد إدارة فسح فورية للكتب بمعرض الكتاب، وبالتالي فسح الكتب التي تدخل مباشرة ليتمكن المسوق السعودي من الحصول على اتفاقية توزيعها من خلال صفقات تعقد بالمعرض.. نكرر تقديرنا لمعرض الكتاب وأهميته، ونريد تطويره ليكون معرض كتاب ونشر ذا كفاءة وسمعة عالمية تهتم بالكتاب صناعة وتسويقاً وبيعاً. [email protected]