الغش خيانة للضمير، واستباحة لحقوق الإنسان في العيش الكريم، وسطو مبرمج على الصحة، واحتيال على القوانين والنظم التي تسنها البلدان لحماية الإنسان والعناية بصحته ومعيشته. إنَّ اكتشاف السلع المقلدة والمغشوشة يعني أن اللصوص اخترقوا حواجز الصوت والبصر، وتجاوزوا حدود المنطق في الاعتداء على حقوق الوطن، وتمادوا في بسط نفوذ الضمير الميت على الشرائح والقيم الإنسانية كافة. ما يهمنا هنا أكثر هو ضبط الكثير من السلع الغذائية المغشوشة؛ لأن هذه السلع تذهب مباشرة لتدمير الحياة، وتهديد صحة الإنسان ومستقبله، والذين يتجرؤون ويقتحمون هذه السواتر الحمراء هم أناس احترفوا الجريمة المنظمة، وتمرسوا على اغتيال القوانين ودفنها بعيداً عن الأعين. الذين يقومون بهذه الأفعال ويتم ضبطهم نريد أن نسمع ونقرأ عن وسائل العقاب الذي يُتَّخذ بحقهم؛ فضبط المجرمين لا يكفي؛ لأنه بعد اكتشاف المجرم فإن أرحام الجريمة تتناسل آخرين وآخرين، وإذا لم تُتَّخذ العقوبات الصارمة والجازمة ضد هذه الفئة من الناس فإن المجتمع سيظل يعاني، وسوف يدفع الناس أثماناً باهظة من جراء هذه الاغتيالات المميتة. وقد يقول قائل: لقد اتخذنا الرد المناسب ضد هؤلاء. ونقول: لا بد أن يُفضح المجرمون، ولا بد أن تُنشر على الملأ أساليب العقاب التي اتخذت ضدهم؛ ليكونوا عبرة وليُردع مَنْ في قلبه نية، وفي ذهنه سوء الفكرة. التوضيح والشفافية علاج فعّال وناجح في كبح الاختلالات، وإذا كان بعض المجرمين قد نفذوا خططهم في تقليد وغش كثير من السلع فإن آخرين غيرهم قد يعدون العدة ويخططون لغيرها، وإذا لم نعلن أساليب مواجهتنا لهذه النفوس العدوانية فإن التزوير والتقليد والغش سوف تتواصل حلقاتها، وسوف تكبر دوائرها، وهذا ما سيزيد من ضحايا هذه الهجمات البغيضة ضد الإنسان وضد مكتسبات الوطن، وضد سمعة البلد. العقاب مهم وإعلانه يُكمل حلقة الردع، ويضع الناس أمام بيّنة، وما تستبين أمامه من حقائق لا لبس فيها ولا غشاوة. فهذا بلدنا، وهذه حقوقنا في الحفاظ على منجزات البلد، ومن حقنا أن نواجه بقوة، وبقوة النظام، ولا تأخذنا في ذلك لومة لائم؛ فلماذا الخجل والتواري خلف العبارات المبهمة؟.. بلادنا التي أكرمت القريب والغريب تستحق مَنْ يحترم حياضها ويُقدّر إنسانها ويحفظ ودها.. بلادنا التي سخت على الجميع تستحق من يحبها بصدق ولا يخون أمانتها ولا يغشها. [email protected]