يتأرجح الموقف الغربي في ما يجب اتخاذه اتجاه ما يجري في مصر، ويُعَدُّ التردد الأمريكي صورة معبرة للمشهد الغربي عامة، إلا أن المراقب يمكن أن يرصد النقاط التالية: 1 - دون قصد منهم عزز الزعماء الغربيون، بدءاً من أوباما ووزيرته كلنتون إلى كل رؤساء حكومات الغرب، المكانة الإستراتيجية المهمة لمصر، فالجميع بات مُهتَمَّاً بما يجري في مصر من أجل مصالحهم، متذرعين بحقوق الإنسان والديمقراطية. 2 - كشفت الأحداث في مصر انتهازية القوى الإقليمية والدولية التي تتصارع لغرض نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، ففي الوقت الذي ساندت فيه إيران الخمينية الاضطرابات بأمل أن يصل حلفاؤها «الإخوان المسلمين» للسلطة، فيتحقق ركن آخر من «الشرق الأوسط الإسلامي» الذي يقوده ولي الفقية من إيران والعراق ولبنان ومصر، ومن ثم تسقط باقي الدول العربية في أتون هذا التحول. هذا المطمع والحلم الذي يحمل له الخمينيون يسعون له منذ وقت طويل، إذ إن وجود نظام قوي في مصر يضعف نفوذهم ونفوذ دول إقليمية أخرى تسعى أن تقضم جزءاً من الكعكة العربية، فظهرت تصريحات من زعمائها تطالب مبارك بالتنحي. 3 - أما انتهازية القوى الدولية وبالذات الغربية، فإنها تريد أن تكون نتيجة الأحداث التي تشهدها مصر تسريعاً لتنفيذ «منطقة الشرق الأوسط الكبرى» بالمفاهيم الغربية التي تظهر أحداث مصر أنه يمكن فرضها بالقوة إذا رتب لها بدقة عبر وسائط الإعلام الاجتماعي (الفيس بوك والتويتر)، ولا يهم ما يؤول إليه الأمر بعد ذلك، فإن استولى على السلطة ممن يسيرون في ركبها تم تسريع عمليات إنجاز «الشرق الأوسط الكبير» بالتفاهم السياسي، وإن استولى على السلطة النسخة السنية للخمينية (الإخوان المسلمين) فيكون ذلك مدعاة للغرب لمحاصرة مصر، وإلحاقها بغزة من حيث الحصار، ويقربها من السودان، ويدفع الدول العربية الأخرى للتخندق، كل مجموعة بمن يحميها، أو لتخفف قليلاً لتتحالف معها، فتكون النتيجة السقوط في إملاءات الغرب التي باتت واضحة ولا يخجلون من الإعلان عنها، مثلما هي إملاءات القوى الإقليمية الطامعة. [email protected]