كنت أحد الذين رُزئوا بفقد الشاعر الكبير محمد الثبيتي الذي يعد علامة بارزة ونموذجاً لتجربة متفردة في المشهد الثقافي والأدبي ليس في المملكة العربية السعودية فحسب بل في الوطن العربي الكبير. فقد أثرى الساحة المحلية والعربية بنماذج شعرية متميزة ونصوص إبداعية ذات تجربة عميقة وثرية في لغتها وموضوعاتها وخروجها عن النمطية المعهودة كما لامست حروفه شغاف القلوب واستجلت ما في أعماق النفوس من أحاسيس ومشاعر. هذا الشاعر الاستثنائي استطاع أن يجدد ويبتكر في اللغة وفي أسلوب الإبداع الشعري كأحد رواد التجديد في الشعر السعودي فقد حمل القصيدة إلى فضاءات جديدة وعمق فيها معاني الانفتاح على الحياة وصاغ رموزها بطريقة مبتكرة ونابعة من وعي شديد الحساسية مما أسهم في تشكيل ذائقة شعرية جديدة. وعندما بلغني نبأ وفاته استعدت لحظة أن جاءنا إلى تبوك ملبياً دعوة لإحياء أمسية شعرية تشرفت حينذاك بإدارتها وتعرفت عن كثب على هذا الشاعر الرمز الذي ينبض قلبه شعرا وحباً للحرف والإبداع والجمال. وامتشق الثبيتي في تلك الأمسية الشمالية المختلفة صهوة القصيد وغنى للبيد والأرض والنجم والقمر والربابة والوطن وناغم بعذوبة شعره النسمات الشمالية. وحينما يغادرنا الثبيتي جسداً فإن روحه ستظل في أفئدة محبيه وأصدقائه الكثر في الوطن وخارجه وسيبقى (أبو يوسف) وإن ضمه الثرى في ذاكرة الثقافة والأدب بما تركه من ثروة أدبية أمام الأجيال المقبلة وأمام الدارسين والباحثين. وهنا أضم صوتي إلى مطالب المثقفين والأدباء المرفوعة إلى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجه والمنطلقة من بواعث وطنية وأدبية نبيلة وصادقة بتكريم الشاعر محمد الثبيتي في معرض الرياض الدولي للكتاب المقبل ودعم أسرته وإطلاق جائزة باسمه وإعداد جلسة بحثية تتناول تجربته الشعرية الغنية. خروج: للشاعر محمد الثبيتي. القصيدة.. إما قبضت على جمرها.. وأذبت الجوارح في خمرها.. فهي شهدٌ على حد موس.. فحتام أنت خلال الليالي تجوس؟ وعلام تذود الكرى وتقيم الطقوس؟ وألفٌ من الفاتنات الأنيقات يفرحن.. وما بينهن عروس.. [email protected]