طالعتنا الجزيرة يوم الاثنين الموافق 28-1-1432ه العدد رقم 13976 بمقال الكاتب عبد الرحمن بن محمد السدحان في زاويته الرئة الثالثة بعنوان: ويسألونك عن التنمية!. ومعي مع المقال وقفات مساندة ومؤيدة ومعاضدة فيما كتب وصاغ وهي: أولاً: نبوغ ونباهة الكاتب تعرف من خلال تعريفاته المتنوعة للتنمية فقال في بداية التعريفات (التنمية ضد التخلف)، فهل بعد هذا البيان بيان! ولما لا يكون هذا التعريف والمفهوم أصلاً تتفرع من خلاله التعريفات والصياغات الأخرى للتنمية، قد يُظنْ أني متمائل مع ما كتبه؛ وليس كذلك إنما هي الحقيقة والبرهان، حيث إن هذا التعريف يناسب أن يكون (خطًا عريضًا) لما يحويه من مفهوم أوسع وأشمل مما نحاه المتخصصون والمهتمون الذين ضيَّقوا الخناق على مفاهيم ومصطلحات التنمية، ولهذا أقول إنه بهذا الأسلوب والنهج يفكر الخبير ويحلل العميق كما حلل معاليه، حيث إنه لم يتكئ على بعض المصطلحات والصياغات الأكاديمية المتخصصة التي تفيد الدارسين في تلك التخصصات ويضيع معها القارئ العادي، بل أراد مجتهداً باذلاً جل وسعه وطاقته أن يكون هو المرجع والمصدر للمهتمين والمتخصصين من خلال ما انتقاه من بحر الخبرة ومحيط التجربة. ثانياً: أعاد الكَرة مرة أخرى في إيضاح أكثر وضوحاً وأشمل عموماً فقال (التنمية في معناها الواسع والشامل هي الانتقال من حال أدنى إلى حال أفضل) لا أظن أن هناك في العالمين الإسلامي والغربي من سيخالف ويعارض إلى التسليم لمثل هذا المفهوم الذي لمَّ شمل الجزيئات التفصيلة تحت مظلة وسقف واحد، وترك الخوض في غمار التفاصيل الدقيقة التي يبحث وينقب عنها روادها والباحثون عنها، وهاهو دور المفكر وواسع الأفق، يعطي الملامح والإشارات العامة والدلائل المهمة ليفتح بها الطريق والممر للآخرين. ثالثاً: حدد وأشار إلى المسوؤل عن رقي وقيادة التنمية فقال (التنمية تبدأ من الإنسان وبه تنتهي)؛ ما أكملها من جملة وما أوجزها وأخصرها من عبارة، فجمع بين الحسنيين الكمال في المضمون والإجمال في اللفظ، أعاضده وأسانده فيما قاله أوليس الإنسان هو من يفكر ويخطط ويبيع ويصنع ويبني ويخترع ويبتكر، به تسير التنمية وبه تقف، فماذا عساها تنفع المصانع والآلات والتقنيات إن لم تجد من يستخدمها ويطورها ويحافظ عليها. رابعاً: الجانب الديني والرافد الأخلاقي والسلوكي لم يغب عن محتوى تلك الكلمات والعبارات ولهذا أشدد على أنه وبهذا الأسلوب وبتلك الطريقة يفكر» الإداري المسلم» الذي تغذى بفطرته السليمة على مبادئ الإسلام ونماء عقيدته، وتشربه سلوكاً ونهجاً وإيماناً بربطه بشتى جوانب الحياة لا كما يقول البعض الحياة شيء والدين شيء، بل هما واحد لا يتجزأ، ألم يعلمنا ربنا عز وجل في محكم كتابه العزيز آية جلية الوضوح وبينة المعنى ترشدنا على أن الحياة مرتبطة وملتصقة بديننا الحنيف فقال: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وبعد هذا وذاك: يتساءل مستفهمًا هل تراني قدمت إجابة وافية فيما أردت؟ وكأنه هاضم لما قدمه مستصغراً لما كتبه وحلله طامحاً في البحث والتنقيب مستقبلاً، فيقال نعم بكل صدق وأمانة وحق التنمية عبارة ضخمة ومخيفة للكثير من القراء والناس العاديين ترهبهم تلك المصطلحات المزخرفة التي يسمعونها في وسائل الإعلام المختلفة، ومن بيانات وتحليلات الاقتصاديين والمتخصصين، فكانت كما قلت آنفا بعنوان المقال الذي أسميته (الجواب الكبير على السؤال الأكبر) لما عنونت له ذلك، فليس مجاملة وانحيازا؛ بل لأن العامي يقرأه فلا يعجز، ويتأمله المتخصص فلا يُخطِّئُه، بل المنصف سيقتطف منه ويختطف من جوانبه الزاهرة ما يجمل به كتبه، ويصيغ به أبحاثه ويدلل به ويستشهد به في محاضراته وندواته. عبدالحميد جابر الحمادي