روي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (جعل الله الرحمة في مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) رواه البخاري. رحمة واحدة أنزلها الله لخلقه ليتعاطفون ويتراحمون فيما بينهم ومما لاشك فيه أن إنشاء برنامج الأمان الأسري جزء من الرحمة الإلهية المنزلة بين العباد حضرت في هذه المؤسسة الوطنية الرائدة التي اتسعت أدوارها وأنشطتها لإيجاد مجتمع آمن ومتضامن تسود المحبة والألفة جميع أفراده. الرحمة التي ينشرها البرنامج بدت واقعاً ملموساً ذات آثار إيجابية على المجتمع تحققت تطبيقياً مع أهدافه الساعية إلى التصدي للعنف الأسري بالتوعية والإرشاد وتطابقاً مع مسماه فهو (الأمان) من الذعر والخوف لكل فرد في (الأسرة) التي هي نواة تكوين (الوطن). القريب من البرنامج يلمس في الدكتورة مها المنيف (المدير التنفيذي للبرنامج) النظرة المستقبلية برؤية مشرقة والتفاني في العمل والسعي المستمر إلى سماع الاقتراحات والآراء التي من شأنها الرقي بالمجتمع والوصول به إلى بيئة متراحمة خالية من العنف. يجد التوزيع والنسق الإداري للنشاطات التي تقوم عليها أعمال البرنامج والتي جميعها وعلى اختلاف مهامها تصب في خدمة الهدف العام بشكل مباشر؛ ففي قسم التوعية والإعلام كادر احترافي متميز يسعى إلى نشر الرحمة من خلال أعمال كثيرة منها تنظيم حملات التوعية وإصدار النشرات والمشاركة في النشاطات الحكومية والأهلية الهادفة إلى حماية الأسرة وكذلك يوجد قسم الخدمات الصحية والاجتماعية المعني بتقديم عدة مهام منها تقديم الإرشادات والنصائح الاجتماعية والمساندة النفسية للضحايا من قبل متخصصين في هذا المجال بالإضافة إلى قسم التدريب والبحث العلمي الذي يقوم برعاية الدراسات والبحوث العلمية وتقديم الدورات التدريبية وورش العمل والحلقات العلمية، وفي هذا الشأن يقدم البرنامج ندوات حول دور المؤسسات الأمنية والقضائية في مكافحة العنف الأسري برعاية واهتمام من صاحبة السمو الملكي الأميرة -عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيسة برنامج الأمان الأسري الوطني. هذه المنظومة الإدارية المتكاملة تسعى إلى الرحمة كذلك بسن أنظمة وإجراءات جزائية لمرتكبي العنف الأسري وفي إطار سعيها لذلك هي تنشر الرحمة والحماية للأطفال لأن مجرد وجود العقوبة رادع لهذه الممارسات وهناك فرق بين تشريع الأنظمة الجزائية وبين تنفيذها؛ فالبرنامج ولأن إدارته ذات مهنية تخصصية عالية المهم لديه هو الحماية من العنف ضد أفراد الأسرة ولا يسعى إلى طلب ومتابعة تنفيذ العقوبة كما يذكر ذلك الدكتور ماجد العيسى (نائب المدير التنفيذي بالبرنامج) لأنه دور أجهزة حكومية أخرى. بل إنه يقوم بتوفير الخدمات العلاجية للمعتدين وإدخالهم في برامج تعمل على تقديم التأهيل النفسي والاجتماعي لهم بغية في أسرة ومجتمع متراحم. يبقى أن نشكر حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على وجود هذا البرنامج الذي بات ضرورة من ضروريات مجتمعنا ونتطلع إلى توسعه كمؤسسة حكومية بشكل أكبر. - كاتب إعلامي [email protected]