تناقلت عدة مواقع إلكترونية وقنوات فضائية وصحف عربية وأجنبية الخبر، خبر انفراد «الجزيرة» بنشر خبر إحباط تجنيد طفلين يتيمين للانضمام لتنظيم القاعدة، وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء المهندس منصور بن سلطان التركي قد أكد خلال حديثه بالمؤتمر الصحفي الذي عقده بعد عصر أمس الأول بنادي الضباط بالرياض أن تنظيم القاعدة لا يتوانى في التغرير بأي شخص مهما كان عمره، مشيراً إلى أن التنظيم لو سنحت له الفرصة في تجنيد طفل لم يتجاوز عامه الثالث فسوف يضمه للتجنيد عاجلاً ودون تردد بهدف كثرة إفراده وتنوعهم ودون مراعاة للأطفال والقيم الإنسانية. قال اللواء التركي لن أتحدث عن عما نشر لأن ذلك سوف يبث قريباً عبر التلفزيون السعودي القناة الأولى والإخبارية ببرنامج همومنا، حيث تعلن كافة التفاصيل التي صاحبت هذه العملية الخطيرة. من جهته قال الدكتور فهد بن حمود العنزي عضو مجلس الشورى: غير مستغرب من الفئة الضالة التي تنتمي إلى تنظيم القاعدة اللجوء إلى تجنيد الأطفال ليكونوا ضمن الخلايا التابعة للقاعدة. فهي قبل ذلك لجأت إلى تجنيد النساء، وفي الحقيقة فإن لجوء القاعدة إلى تجنيد الأطفال ضمن خلاياها الإرهابية يدل على إفلاسها، وانكشاف أهدافها للجميع؛ وما تجنيد الأطفال إلا دليل على أن هناك شحّاً في كوادرها من البالغين. فهي لديها صعوبة في إيجاد رافد بشري من الشباب.. وهذا سببه انكشاف مخططاتها وحقيقة أهدافها، ولذلك أصبحت وسائل الإقناع التي تتبعها القاعدة لتجنيد الشباب غير مجدية. كما أن السبب الرئيس في معاناة القاعدة من شح العنصر البشري لديها يعود أيضاً إلى البرنامج التوعوي والطريقة الفعالة، الذي قامت به الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة الداخلية للحد من خطر القاعدة والتحذير من أهدافها القائمة على القتل والتكفير والتدمير. يُضاف إلى ذلك انكشاف حقيقتها من لدن من غُرر بهم ورجعوا إلى جادة الصواب وهذا شكل في الحقيقة ضربة موجعة للقاعدة، لأن من شهد على سوء مسلكها وخبث أهدافها هم من غُرر بهم وانساقوا وراءها. وأضاف الدكتور العنزي وإزاء هذا الإفلاس الكبير فقد لجأت القاعدة إلى النساء والأطفال لسهولة التأثير عليهم، بل إننا شاهدنا على سبيل المثال استغلال القاعدة في العراق لنساء معاقات فكرياً وتفخيخهن ثم تفجيرهن في عمليات إرهابية لا تمت إلى الإنسانية بصلة. بل إنَّ من أتباع القاعدة في العراق من تبنى ولا حول ولا قوة إلا بالله تجنيد الأطفال تحت مسميات تعبر عن مدى الهوس بالموت والقتل حتى وإن كانت الوسيلة طفل برئ، فقد ابتكروا مسميات لعمليات إرهابية يقوم بتنفيذها أطفال أبرياء مثل (طيور الجنة) لتعكس مدى استغلالهم لبراءة الطفولة واستهتارهم بحياة هؤلاء الأطفال لتمرير مخططاتهم الإجرامية. وبيّن عضو مجلس الشورى أن تجنيد الأطفال في مثل هذه الأعمال الإجرامية يدل على أن القاعدة ليس لها هدف إلا القتل والتدمير وترويع الآمنين. وما الأطفال في برنامجها الإجرامي إلا وسائل بشرية لا تدرك سوء ما تقوم به ولا تعي العواقب على فعلتها، فالإدراك لدى هؤلاء الأطفال شبه معدوم. وهذا يمثل للقاعدة صيداً ثميناً، ولذلك فلا غرابة أن تتوجه القاعدة ببرنامجها نحو الأطفال من ذوي الأعمار المتدنية وإغرائهم بالمال وما إلى ذلك لينفذوا ما تطلبه منهم سواء أكان ذلك بالعمليات الانتحارية أو بتمرير معلومات معينة أو القيام أدوار مساندة لعملياتها أو مخططاتها الإجرامية. فمن المعلوم أن الرقابة على الأطفال لا تكون مشددة كما هو الحال بالنسبة للبالغين وبإمكانهم المرور عبر الأجهزة الأمنية دون أن يثيروا الشكوك حولهم. مشيراً إلى أن تركيز القاعدة على الأطفال في دور الأيتام يدل على انعدام المروءة، لأن من ينتمي إلى هذه الفئة الضالة من أتباع القاعدة يستغل الظروف الإنسانية التي يمر بها هؤلاء الأطفال الأيتام ويستغلون تحديداً عدم وجود أُسر لهم يمكن أن يبوح لها هؤلاء الأطفال بما تروّج له القاعدة في أوساطهم. ثم كيف من يتسمى بالإسلام يستغل الأطفال في أعمال إجرامية؟.. فقد كرم الله اليتيم وحثّ على كفالته والرفع من كرامته والتشديد على حسن معاملته، بل إن حتى غير المسلمين أحسنوا معاملة الأطفال وجنبوهم ويلات الحروب وهناك منظمات دولية تحارب تجنيد الأطفال واستغلالهم في الحروب أو في العمليات الإرهابية، وهناك منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) التي تحارب استغلال الأطفال وتجنيدهم في الحروب، إلا أن الجماعات المتشددة وللأسف الشديد وعلى رأسها القاعدة سواء في العراق أو الجزائر أو غيرها من البلدان التي تنشط فيها لا تبالي لا بتعاليم الإسلام وحمايته للطفولة ولا بما قررته القواعد الشرعية بخصوص اليتيم. كما أنها لا تبالي كذلك بالعهود والمواثيق الدولية الخاصة بحماية الطفولة فهي ضربت بكل القيم الإنسانية عرض الحائط وبالفعل فإن الإرهاب لا دين له ولا إنسانية له. أما الدكتور علي بن حسن الزهراني استشاري نفسي وأستاذ مساعد بكلية الطب فقال: حقيقة لقد تفاجأت مثلما تفاجأ غيري من خبر تجنيد الإرهابيين لأطفال لا يتعدى سنهم السابعة، وسر اندهاشي هو معرفتي لخصائص وسمات الأطفال في هذه المرحلة العمرية المبكرة والتي يركز فيها الأطفال على الألعاب فقط، بل إن كل الدراسات والبحوث وحتى المشاهدات اليومية تؤكد بأن 90% من تفكير الأطفال في هذه المرحلة يركز على «الألعاب»، ولكن هناك نقطة مهمة وخطيرة في نفس الوقت لابد الإشارة إليها ألا وهي أن هذه المرحلة مرحلة ما قبل المدرسة هي مرحلة «الغرس» أو مرحلة «الفطرة» والتي يتعلم فيها الطفل القيم والمبادئ والسلوكيات والتي قال عنها أحد علماء النفس «أعطني مجموعة من الأطفال بهذه المرحلة العمرية وأنا أستطيع أن أصنع منهم عباقرة أو إرهابيين أو تجاراً أو مجرمين».. بمعنى أن ولي الأمر «الوالدين» أو «الأوصياء» المشرفين على تربيتهم يستطيعون أن يشكلوا الأطفال بالطريقة التي يشاؤون. ولذا أشدد هنا على المسؤولين بضرورة أن تكون لدينا «إستراتيجية» واضحة للناشئة، يدعهما في ذلك البيت والمدرسة والإعلام وبقية الوزارات. كما أتمنى ومن أعماق قلبي أن يتم التفكير في إنشاء وزارتين إحداهما تعنى بالأسرة «وزارة الطفل والمرأة» والأخرى تعنى بالشباب «وزارة الشباب والرياضة» لعلاج قضايانا الأسرية ولامتصاص طاقات الشباب لأن هؤلاء الإرهابيين يستغلون بعض الثغرات ك»التفكك الأسري والفراغ والبطالة والفقر»؛ ليبثوا سمومهم ويتغلغلوا في أوساط هؤلاء الأطفال والمراهقين. كما أنني أتمنى القيام بدراسة مراجعة لخلفيات هؤلاء الإرهابيين من أجل أن لا نجد أنفسنا نكرر نفس المأساة بعد جيل أو جيلين. أما اللواء الرويلي فقد قال: قيادة تنظيم القاعدة فقدت صوابها وضلت طريقها في تجنيد الأطفال وفي السياق نفسه أكد اللواء الدكتور علي بن هلهول الرويلي الخبير الإستراتيجي وعضو هيئة التدريس بجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية بقوله: يتضح بما لا يدع مجالاً للشك بأن قيادة القاعدة وعناصرها فقدت صوابها وضلت طريقها إلى الشر بسبب الضربات والملاحقات الإستباقية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في المملكة العربية السعودية لحماية مواطنيها عندما أصدرت مذكرات اعتقال دولية بحق 47 سعودياً يشتبه في أنهم متشددون ينتمون إلى تنظيم القاعدة ويأتي هذا الإعلان أيضاً بعد إلقاء السلطات القبض على 149 متشدداً يتوزعون على 19 خلية لتحضير لهجمات داخل المملكة. وقال الدكتور الرويلي لهذا لجأت جماعات القاعدة إلى أساليب دنيئة وبعيدة على الأخلاق الإنسانية في تجنيد النساء والتشبه بهم وبزيهم لتنفيذ أهدافهم الخبيثة في إرهاب وقتل الأنفس التي حرم الله قتلها. وعندما فشلت هذه الخطط اتجهوا إلى استخدام الأطفال كأدوات للقتل والتدمير تحت شعارات مغرية مثل (فتيان الجنة) و(أشبال الجنة وطيورها) مستهدفين الأطفال المشردين والأيتام بقلوب غلف ليس فيها رحمة ولا تعرف الإنسانية، ونسوا أنهم في عملهم هذا إنما يسيئون لإسلامنا وهو منهم براء ويخدمون أعداء الأمة ويشوهون خصوصية وعفة المرأة وينالون من براءة الطفولة ويضرون بأهلهم ومجتمعاتهم، فهم إلى النار وبئس المصير. ولهذا يجب أن تتضافر كافة الجهود لحماية النساء والأطفال من أن تصل لهم هذه الأيدي الخبيثة كما وصلت لها في مناطق ودول مختلفة. حمى الله المملكة وشعبها من شرورهم أنه سميع مجيب.