((الفهم: التفكير، وإدراك الأشياء على حقيقتها)) - حكمة عربية - بالأمس كان أول أيام العام الميلادي الجديد، في العالم كله يتأمل الناس هذه المناسبة، وتتنافس القنوات الفضائية ومواقع شبكة الإنترنت في إظهار مظاهر احتفالات مختلفة حسب الشعوب أنفسها وطريقة قراءتها لليوم الأول من العام الميلادي الجديد. أما نحن فقد اعتدنا أن نؤطر كل شيء بإطار متطرف حتى أصبح مجرد ذكر التهنئة لأنها عام جديد تُفهم كأنها سلوك مضاد للدين. لكن كيف نتعامل في الواقع مع هذه المناسبة، ولماذا كما ذكرت الصحف المحلية لدينا أن مكاتب السياحة والسفر تشهد إقبالاً كبيراً، وتتزايد الحجوزات للسفر، لقضاء إجازة نهاية العام واحتفالات رأس السنة الميلادية، خصوصاً الشبان العزاب حيث يمثلون النسبة الأكبر من السعوديين المسافرين خلال هذه الأيام. والسؤال: هل شبابنا يسافرون لأنهم لا يستطيعون الاحتفال بهذه المناسبة في مجتمعهم أم أن الشباب في الأصل غير مقتنع بأن ذلك غير جائز في الدين؟ والسؤال الأخطر: هل بالفعل حين أجتمع مع أسرتي وأطفالي ونتناقش في تفاؤل وابتهاج بقدوم عام جديد أكون قد ارتكبت إثماً، أم أن عدم إجازة هذا الفرح هو من باب سد الذرائع، أو توظيف النصوص لصالح الفتاوى التي يصدرها بعض العلماء من جهة وينتقدها علماء آخرون؟ أعتقد أن الإسلام... هذا الدين الذي هو عنوان للتسامح واليسر لا يمكن أن يدعو إلى ما ينفر الشباب الواعد بالفرح والحياة. علينا أن نعترف بأن هناك مأزقاً كبيراً بين الشباب ومفهومهم لأوامر الدين ونواهيه. وإذا كنا نريد أن نبدأ البداية الصحيحة في تشكيل رؤاهم حول عقيدتهم، فعلينا ألا نُغَيِّب عقولهم، وأن نفتح صدورنا لأسئلة كثيرة أبسطها لماذا وكيف؟ وأن نثق بأن هذا الدين الذي هو آخر الأديان كتب له الله الثبات ولا شيء ينفر الإنسان من الالتزام إلا حين يفقد قدرته على التفكير العميق بحريّة في سماحة دينه في تعاطي أمور حياته.