ولي عهد الكويت يستقبل وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي    عمومية كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية ل"خليجي 27″    وزارة الثقافة تُطلق المهرجان الختامي لعام الإبل 2024 في الرياض    بموافقة الملك.. منح وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الثالثة ل 200 متبرع ومتبرعة بالأعضاء    "رينارد" يستبعد "الشهراني" من معسكر الأخضر في الكويت    مانشستر سيتي يواصل الترنح ويتعادل مع ضيفه إيفرتون    السعودية: نستنكر الانتهاكات الإسرائيلية واقتحام باحة المسجد الأقصى والتوغل جنوب سورية    أسبوع أبوظبي للاستدامة: منصة عالمية لبناء مستقبل أكثر استدامة    مدرب قطر يُبرر الاعتماد على الشباب    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    تدخل جراحي عاجل ينقذ مريضاً من شلل دائم في عنيزة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    السعودية رئيسًا للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة "الأرابوساي" للفترة ( 2025 - 2028 )    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    المملكة ترحب بالعالم    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لسان العبد طريق السعادة أو هاوية الشقاء
الشيخ عمر العيد في محاضرته عن آفات اللسان

اللسان نعمة كبيرة من نعم الله على العبد، ولقد ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ممتناً على عباده بقوله سبحانه : "ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين"، فدل على أهمية وعظم هذه النعمة من الله عز وجل، ولكن الخطر يكمن كاملاً في إساءة استخدام هذه النعمة لغير ما خلقت وسخرت له وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضمن الجنة لمن ضمن لسانه من الزلل والتعدي.
وفي هذا الموضوع يتحدث فضيلة الشيخ د. عمر بن سعود العيد الاستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في محاضرته عن أهمية اللسان وضرورة حفظه من الزلل والتي نلقي عليها الضوء لأهميتها
نعمة وامتنان
ابتدأ فضيلته الموضوع بالتأكيد على أهميته فبين أقوال العلماء في قوله تعالى: "ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين" من أن الله خلق للإنسان من كل أعضائه اثنين إلا اللسان في الجملة، فجعل الله اللسان واحداً قالوا: ليسمع الإنسان أكثر مما يتكلم ولكن واقع الناس أن كلامهم أكثر مما يسمعون وترى أن لسان الإنسان ينطلق هنا وهناك مع أن نصوص الشرع بل نصوص الكتاب جاءت آمرة بحفظ هذا اللسان. ألم يقل الله تعالى عن أوليائه: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون" ويمتن الله عليهم بقوله: "وإذا مرّوا باللغو مرّوا كراماً" ألم يقل ربنا: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" فهذا هو الضابط، أي ان الإنسان ما يتكلم به في كل مكان وفي كل زمان بل وفي كل أحوال المسلم وأحوال الأنسان فهناك ثمة رقيب عتيد يكتب كل ما يقول الإنسان. قل ما شئت وتكلم بما شئت ولك الحرية في كل شيء لكن يوم القيامة سيندم من أطلق لسانه فيما حرم الله عليه ألم يقل ربنا: "وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون"، والله يقول "ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً" أي أنه يسأل عن كل لفظ أطلقه الإنسان وتكلم به وحين يأتي الشهداء منك فما أحوجك من أن تفر من مغبة هؤلاء الشهداء ألم يقل الله سبحانه وتعالى: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" فلسانك الذي تتكلم به وتعطر المجالس بالكلام لا تعبأ بأي كلمة قلتها هو يوم القيامة شاهد عليك فإذا كان الإنسان سيحاسب على كلامه فينبغي له أن يحتاط فلا يطلق لسانه في غيبة ولا نميمة ولا لعن ولا سب ولا شتم ولا غير ذلك بل يجب عليه أن يمسك عليه لسانه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت من حديث بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن إنها تبلغ ما بلغت فيكتب الله بسبب هذه الكلمة رضوانه عليه إلى أن يلقاه، وأن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله على العبد بها سخطه إلى أن يلقاه يوم القيامة"، والحديث في البخاري ويقول علقمة أحد رواة هذا الحديث، كم من كلام منعنيه حديث بلال بن الحارث رضي الله عنه كما ذكر الحافظ بن كثير رحمه الله.
تساهل مميت
ويضيف الشيخ العيد بقوله: وهنا نتساءل ونقول كم نلقي من الكلمات لا نتبينها بل ونظن أنها كلام هين ولكنها قد سجلت عند الله تعالى وقد تكون هذه الكلمة سبباً في أن يسخط الله عليك إلى أن تلقاه وقد ثبت من حديث أبي هريرة كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب" فمن يخرجه من هذه النار إذا وقع فيها، فيحتاج إلى أعمال صالحة وإلى توبة صادقة وإلى أعمال ترفع درجاته وتنقذه من هذا الوقوع والرسول صلى الله عليه وسلم قال عند مسلم "تكف شرك عن الناس فإنه صدقة منك على نفسك". وهنا نتساءل كم نجلس من المجالس وبماذا نعطر مجالسنا تلك؟! انعطرها بذكر الله وبقراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم؟ انعطرها بآية نتعلم شيئا من تفسيرها، انعطرها بسير الصالحين وأخبارهم ومن كان ينبغي لنا أن نتأسى بهم، أم نعطرها بأحاديث تمر على الذهن فلا ندري بماذا نتحدث. فنتحدث لحظة عن غيبة وأخرى عن نميمة وثالثةً عن سخرية وإذا نصح الإنسان وحذر قالوا بأي شيء نقضي مجالسنا وبأي شيء سنتكلم في هذه المجالس؟ ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم "ماجلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا فيه على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم ترةً "أي حسرةً" يوم القيامة". فإن هذا دليل على أن مجالس كثير من الناس ستصبح حسرات يوم القيامة، يوم يتمنى أنه ما جلس ولا اجتمع بهذا الذي جلس معه، وإن كان أخاً أو قريباً أو غير ذلك، ونقول كم من كلمة قصمت ظهر صاحبها وهو لا يعلم ولا شك أن فساد المجالس حين يجلس فيها فإنها تدل على قلة العلم ولا يخرج الإنسان فيها بإيمان وصلاح وتقوى، ولذلك لا يمر على العبد يوم إلا وقد جلس في بعض هذه المجالس التي لا يستفيد منها دنيا ولا آخرة.
نصيحة محب
ثم يواصل الشيخ العيد حديثه مشيراً إلى وصية نبوية مهمة لمعاذ بن جبل حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم له "إلا أخبرك بملاك ذلك كله، قال بلى يارسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل وأعطاء فعلاً أخذ بلسان نفسه ثم قال له كف عليك هذا، فقال يارسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يامعاذ وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة وفي رواية على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" فدل على أن الإنسان يجب عليه أن يضبط لسانه وهنا من الأمر العجيب أن هذا اللسان إما أن تغنم به وإما أن تخسر بسببه ولهذا يقول العلماء إن اللسان من أعظم الجوارح لجني الحسنات والأجور ومن أعظم الجوارح لجمع السيئات والآثام فقد تجلس في مجلس تستغفر أو تسبح أو تجلس وتقول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فيحصل لك الخير في الدنيا والآخرة ..ألم يقل عليه الصلاة والسلام "كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن ثقيلتان في الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" هذه الكلمات هل نحن ممن يعطر مجالسه بها أم أننا نبحث عن خواطر في الذهن نتحدث عن ماض فنتذكر غيبة أو نميمة ونتحدث عن مواقف مرت بنا فنعود إلى معصية الله تعالى أو نشاهد شيئاً فنتحدث فيه فلا نستفيد منه دنيا ولا آخرة وصدق النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن سهل بن سعد عنه عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" فدل على أن اللسان من أعظم الأسباب لدخولك جنة عدن، والعكس إذا لم تضمنه فإنه يدخلك النار ويرديك فيها وهذا يدل على أن الإنسان يجب عليه أن يحتاط من هذا اللسان، حركته سريعة فإما أن ينطلق في كلام تستفيد منه دنيا وآخرة وإما أن يعود عليك بالوبال فيكون سببا لدخولك في النار. فكم نجلس من المجالس على اختلاف ما فيها فتجد أن الإنسان ينطلق سريعاً لأنه ألف الغيبة والنميمة، ونجد أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصانا وصية جامعة مانعة بأن جعل معيار الإيمان بل كمال الإيمان باللسان في قوله "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" في دلالة على أن إمساك اللسان هو الواجب علينا لكن لا نمسك اللسان عن علم وعن دعوة وعن أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وعن نصيحة وعن غيرها من أعمال الخير، بل نمسك اللسان عما حرم الله تعالى، هذا ميزان عظيم لكل مسلم ومسلمة ليقطع الإنسان به إطلاق اللسان أيطلقه أم يمسكه فإن أمسكه غنم وفاز وإن أطلقه فإنه لا يستفيد دنيا وآخرة إن بعضاً من الناس لا يستطيع أن يمسك لسانه أبداً فتجده ثرثاراً مهذاراً وهذا يطلق لسانه في كل شيء لا تصبر الكلمة في فمه فتجده يطلقها لا ينظر إلى عواقبها أهي مما يستفيد منه أم لا، وهنا وقف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من الإيمان "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" فدل على أن إمساك اللسان دليل على الخوف لا يكون إمساك اللسان حياء وإنما خوف الله تعالى فالإيمان هو الذي يردعك من أن تطلق لسانك ولهذا ابتعد الناس عن استشعار اليوم الآخر كلما انطلقت ألسنتهم في الكلام بعدم محاسبة أو مراقبة أو غيرها ويعطينا النبي صلى الله عليه وسلم معنى آخر بل علامة على كمال إسلام العبد فكما أن الإيمان يزيد وينقص فكذلك الإسلام يزيد وينقص وأكمل المسلمين إسلاماً هو من حفظ لسانه حيث يقول عليه الصلاة والسلام "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" والحديث في الصحيحين فدل على أن المسلم الكامل هو الذي يسلم الناس من لسانه ونجد أنه عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الصحيح الذي صححه ناصر الألباني في صحيح الجامع يقول "إن الرجل ليتكلم بالكلمةلا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار" نعوذ بالله من النار ومن عمل يقرب من النار وكما ورد في صحيح الجامع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا" فهذا دليل على أن الإنسان إذا اعوج لسانه اعوجت جوارحه تبعاً لذلك فإن الإنسان إذا وُجِد بينه وبين أخيه نوع من الخصومة أليس بعض الناس ينطلق إلى اللعن والسب والغيبة والنميمة ثم بعد ذلك بنطلق إلى أن يمد يده أو رجله أو غير ذلك من الأمور فدل على أن لسان الإنسان ربما يكون سبباً لوقوعه في المعاصي كلها فيقع في معصية البصر ثم السمع ثم اليد ثم الرجل ولربما بعد ذلك أنطلق إلى الفرج وغيره أليس اللسان كما قال الشاعر: نظرة فابتسامة فكلام فموعد فلقاء..
الحذر الحذر
بعدها حذر الشيخ العيد من خطورة اللسان بقوله: فدل على أن اللسان سبب في الوقوع في الفواحش صغيرها وكبيرها، ومن اللطائف كذلك ما ثبت عن عائشة الصديقة رضي الله عنها وأرضاها قالت كنت مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عليه الصلاة والسلام يتكلم في صفية رضي الله عنها وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة من باب الغيرة حسبك يا رسول الله إنها قصيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته يعني لغيرت ماء البحر. وتسأل فضيلته هل نحن نقول كلمة قصيرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأجاب بل عندنا قصيرة وطويلة وغيبة ونميمة بجميع أشكالها مشيراً إلى أن على الإنسان الا يطلق لسانه ربما وهو لا يدري في أمور قد يعاقب عليها يوم القيامة ولهذا قال عليه الصلاة والسلام "لا تقل بلسانك إلا معروفاً ولا تبسط يدك إلا إلى خير".
وبيّن العيد أقوال السلف رحمهم الله تعالى في قضية اللسان بما يروي لنا الإمام مالك في موطأه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال دخلت على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وإذا هو يجبذ لسانه جبذاً شديداً فقال عمر مه ياأبا بكر أي اكفف، فقال أبو بكر رضي الله عنه هذا الذي أوردني المهالك. هذا اللسان هو الذي سيوردني المهالك إما إلى عقوبة من الله تعالى أو أسقط من عينه فلا يكون لي شيء من المنازل فإن اللسان ما أسرع ما ينطلق. وقال رجل: رأيت ابن عباس رضي الله عنهما وهو آخذ بثمرة لسانه وهو يقول ويحك أيها اللسان قل خير تغنم وامسك عن شر تسلم، فإذا هذا الرجل يقول لابن عباس مالك هكذا ياابن عباس فقال: بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيء احنق منه على لسانه.
علاج ناجح
ثم تطرق الشيخ العيد إلى العلاج النبوي لمن ابتلي بخطايا اللسان حيث قال: فإن الإنسان الذي لسانه دائم رطب من ذكر الله تعالى تجده لا يشغل بالغيبة والنميمة وإن ورد عليه شيء فإن الغيبة والنميمة تكون قليلة في حقه لكن إذا أصبح الإنسان يطلق لسانه في الناس فما أسرع أن ينطلق اللسان هنا وهناك فما يضبط الإنسان لسانه، قال طاووس بن كيسان وكان يعتذر من طول الصمت، إني جربت لساني فوجدته لئيماً راضعاً في أعراض الناس فما أسرع ما يرضع من أعراض الناس فيمصها ويتكلم فيها فيحتاج إلى ضبط دل على أن الواجب علينا أن نمسك هذا اللسان فلا ننطلق. كما أن الإنسان مأمور كلما اغتاب أن يتوب إلى الله تعالى، فإن التوبة هي الأصل وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة، قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى على قول عبدالله بن وهب رحمه الله هكذا والله كان العلماء وهذا هو ثمرة العلم النافع أن يكون علمه رادعاً له عن الانطلاق في المعاصي. والثمرة أن نترك المعصية لا أن نعاقب لأن بعض الناس يقول إن وقعت في هذه المعصية صمت شهرين وكلما فعلت كذا تصدقت بكذا ولكن سرعان ما يجد الإنسان أثقالاً وتعباً وإرهاقاً، والمسلم مأمور أن يتوب إلى الله تعالى فإن التوبة تجب ما كان قبلها. يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه الاذكار بلغني أن قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا فقال أحدهما للآخر وكلهم حكماء كم وجدت في ابن آدم من العيوب فقال كثيراً والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب، قال ووجدت خصلة إن استعملتها سترت العيوب كلها، فقلت له ما هي قال حفظ اللسان. يعني إذا أمسكت لسانك لم يدر عن عيوبك شيئاً أبداً.
وأكد فضيلته أن اللسان هو الذي يدل على عيوب الإنسان فتعرف عقل الإنسان وفسقه وفجوره وخفة عقله وعدم حيائه بلسانه لكن إذا أمسك الإنسان لسانه فإنك تجده على اتزان والناس يهابونه ويقدرونه، حتى ينطق فإذا نطق وزنوا عقله إما أن يكون عقلاً فطناً يستفاد منه وإما أن ينظر إلى عقله فلا يستفاد منه، نقل قصة مشهورة، الله أعلم بصحتها قيل أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يدرس تلاميذه في الحلقة فجاء رجل عليه لباس وأبهة مظهر سمة العلماء وطلاب العلم ولم يعرفه الإمام رحمه الله تعالى وكان ماداً لرجليه فلما رأى هذا استحيا فكف رجليه حياء من هذا الرجل وكان يشرح ويدرس الناس وإذا بهذا الرجل يرفع أصبعه يسأل فقال: أرأيت إن جاء رمضان وقت الحج فما يفعل الناس فقال: أبو حنيفة آن لأبي حنيفة أن يمد رجله فهذا لا يستحق أن يحترم، كان مقدراً فلما تكلم علم أنه لا يفقه في العلم مسأله ولا يستحق أن يقدر. وهنا نقول قال إبراهيم التميمي أخبرني من صحب الربيع بن خثيم عشرين عاماً يقول ما سمعت منه كلمة تعاب عليه ولهذا قيل للربيع ألا تذم الناس.. قال ما أنا عن نفسي براضٍ فكيف أذم الناس؟!! فأولى بأن أذم نفسي ولا أشتغل بذم الناس.. ولذا وجب علينا أن نجاهد هذا اللسان وإذا كان بعض أئمة السلف يقول جاهدته عشرين سنة لضبطه ما استطعت، ونحن نجلس المجلس فنسمع الحديث يدار ثم تجد لسانك في داخل فمك يتحرك لا يصبر يريد أن يتكلم فيتحدث بينما إذا نظرنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما كان هديه حيث كان يجاهد نفسه على قضية الذكر حتى أنه كان يعد له في المجلس الواحد يقول اللهم أغفر لي وتب عليّ إنك انت التواب الرحيم، وهنا تسأل فضيلته، فهل نحن ممن يقول في المجلس الواحد استغفر الله سبعين مرة؟ أو يعد لنا في اليوم سبعين مرة ؟ وأجاب بل بعضنا إذا سمع شخصاً يذكر الله في مجلس أو يستغفر نظر الناس إليه نظرة شزر وربما اتهموه بالرياء أو بالنفاق أو قالوا لعله قد عصى الله تعالى فيريد الاستغفار من ذنوبه، أو عنده ظلمات بعضها فوق بعض يريد التحرر منها، مشيراً إلى أهمية تذكر كفارة المجلس عند القيام منه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.