اللعب قاسم مشترك أعظم بين كل الكائنات الحيّة، فالحشرات والحيوانات والزواحف والأسماك والطيور، كل هذه الكائنات تمارس اللعب من باب التدريب والتعلم والإدراك.. وتكشف الدراسات عن فنون عديدة وطقوس غريبة من اللعب والمرح بين الحيوانات. بعض الحيوانات لديها ميدان للألعاب، لا تخرج عنه، وتمارس فيه اللعب، فالبقر البري يحدد الملعب قبل أن يبدأ اللعب، الأبقار تتناطح وتطارد بعضها بعضاً وتتدحرج على ظهورها، والعجول الصغيرة تعدو في مرح وتصيح في سعادة، وذيولها مرتفعة إلى أعلى، وتدور في محاولة للإمساك بها كصغار القطط وهل تلعب، والحيوانات الصغيرة هي التي تنغمس في اللعب عادة، ،والعجول الصغيرة غالباً ما تلعب لعبة «الأم والطفل»، حيث يتظاهر أحدالعجول بأنه طفل صغير والآخر لا يعترض ويتظاهر بأنه يشارك زميله في اللعب ويرعاه كما تفعل الأم. قرد الجيبون الأفريقي لديه «لعبة» الأشجار المفضلة التي يقفز ويتأرجح عليها ساعات كما لو كانت عارضة افقية. والقرود الصغيرة تلعب طول النهار، مع فترة راحة لتناول الغداء. وبين حين وآخر كما يحدث مع الأطفال يفقد أحدهم السيطرة على نفسه ويجرح زميله الذي يلعب معه ليصيح من الألم، بعد ذلك يقوم ذكر بالغ للفصل بين المتقاتلين ويضربهم ضرباً خفيفاً. العالم الأمريكي «كارل اكلي» الذي زار افريقيا كثيراً راقب الفيلة وهي تلعب كرة القدم.فقد دحرجت كرة كبيرة من الطمي، وأخذت تركلها، ولعب الكرة يعتبر تمضية مفضلة للوقت لدى القرود والخنازير والقنادس، وفي حالة عدم وجود كرة، يلعبون بشرائح أو قطع من الجذور، قنادس البحر تلعب في الماء بكرة من الطحالب، والفقمة تلعب بالأحجار، والدلافين تلعب بسلاحف البحر كما لو كانت تلعب بكرة، وتعتبر القنادس حيوانات لطيفة وذكية جداً، وهي من بين الحيوانات المرحة في روسيا. تلعب لعبة القط والفأر بالسمك عندما لا تكون جائعة وتريد فقط المرح، يترك القندس السمكة كما تترك القطة فأراً بحيث يسمح للسمكة أن تسبح بعيداً، ثم ينطلق القدنس خلف فريسته، ويمسكها، ثم يتركها مرة ثانية. الوعول الجبلية والثعالب مغرمة بالتزحلق أسفل الشواطىء الثلجية، فهي تفعل ذلك وهي واقفة في صف واحد مع ثني أرجلها ثم تعود لأعلى المنحدر لتنزلق مرة أخرى. فهود الثلوج تتدحرج لأسفل المنحدر على ظهورها، لتنقلب عند نهاية المنزلق وتغطس في الثلج على أرجلها الأربع. أسد البحر والدب القطبي يلعبان في مرح وينزلقان أسفل المنحدرات الصخرية المبللة مباشرة إلى البحر. والقرود طويلة الذيل «السعدان» تنزلق على الفروع الملساء مثلما يفعل أطفال المدارس على حاجز السلم. وهي مغرمة بالتأرجح على سيقان أشجار الكروم كما لو كانت على ارجوحة. بالإضافة إلى اللعب مع أفراد من نفس النوع ونفس السن أو من نفس القطيع، فالأفراد من أنواع مختلفة يمكن أن تلعب مع بعضها كما يحدث مثلاً في حدائق الحيوان. ومن حين لآخر تلعب الحيوانات البرية من أنواع مختلفة معاً، مثل النعام والحمر الوحشية والتيتل الوحشي، وذلك أثناء مقابلاتها في الأماكن المائية للشرب، أو في الغابات أو المراعي. وقد شوهد ذات مرة غزال يلعب مع ثعلب، وسناجب مع أرانب، وأرنب بري مع شحرور، وأرنب أبيض مع الزاغ، وهو نوع من الغربان كانا مغرمين باللعب مع بعضهما حتى أصبحا لا يفترقان. والآن يعرف العلم طيوراً صغيرة مختلفة تلعب تماماً مثل الثدييات الصغيرة، ومن بينها العصفور الدوري وعصفور الظالم الصغير المغرد والغراب والحمام والتدرج أو الديك البري والبط والصقر والنسر والديك الرومي والطورق الأفريقي وأبو قرن والطائر الطنان الذي يعد أصغر طائر في العالم على الإطلاق. وعندما تلعب الببغاوات تتدحرج على الأرض أو تدحرج أحجاراً أو كرات. البجع أيضاً يلعب بالأحجار وفروع الشجر، التي يسرقها أحياناً من الجيران، وصغار طائر غراب البحر التي لم تنضج جنسياً تحب بناء العشوش. وقد شوهد صقر الباز الصغير قبل أسبوعين من تعلِّمه الطيران مشتركاً في مباراة قتال جوية صورية مع والده، فكان يقفز على رجل واحدة ويرفرف جناحيه بتهور وينقض لمواجهة هجمات الذكر البالغ الصورية، دون أن يسدد ضربات قوية، كان هذا لعباً وتعلماً لمبادىء الحركات البهولوانية في الجو. بينما الطيور البالغة مغرمة أكثر باللعب مع الطيور الصغيرة، فهي تلعب لعبة القط والفأر بفريستها، أو يضرب بعضها البعض، وتلعب أيضاً بفروع الشجر والعصي وأوراق الشجر والأحجار، ولكي تلعب طيور العقعق، قد «ترتكب جرائم» بسرة أية» «لعب» لامعة تحبها.حتى أسماك ذات الدم البارد تلعب! تحمل فروع أشجار صغيرة في فمها وتسقطها لتعود وتلتقطها مرة ثانية. أسماك أبو شوك شغوفة باللعب خاصة عندما تبنى العشوش. والأسماك النهرية شغوفة بالمزاح بروح الأفلام الكوميدية القديمة، تراها تقذف الماء من أفواهها الكنافورة على المارة لمجرد المزاح.