سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إشاعات الإنترنت سلاح خطير يزعزع ثقة الناشئة بمعتقداتهم ومثلهم التحصين أهم عنصر في عملية المواجهة:
الأجهزة الأمنية معنية بمحاربة الإشاعة لأنها تهدد الأمن الاجتماعي للمواطن
د. البديوي: الإشاعة معلومة وخبر كاذب لا يقصد به الخير وترويجه إلكترونيا أشد خطراً
الى جانب انتشار الجريمة والمخدرات والمخاطر التي تسيء الى الاخلاق اصبحت الاشاعة وسيلة للتأويل والاثارة والطعن والتشكيك واداة لتشويه سمعة الآخرين حتى اذا تقادمت في عمرها الزمني لكن مع ترابط العالم وتحوله الى قرية كونية صغيرة واستخدام الانترنت اصبحت قاعدة خصبة لترويج الكثير من الموضوعات فأصبح المجال مفتوحا للترويج بصورة اسرع للاشاعة والتلاعب بالحقائق وما قد يترتب عليها من آثار خطيرة، ولمناقشة قضية الاشاعة عبر الانترنت لابد لنا ان نتعرف على المخاطر التي قد تترتب على مثل هذه النوعية من الاشاعة والكيفية التي باستطاعتنا مواجهتها بها وخصوصا في ظل وجود تلك الشريحة الكبيرة من الناشئة التي تتعامل مع الانترنت وتقبُّلها لكل ما يطرح عبرها وعدم ادراكها للمخاطر التي تكمن وراءها، والآثار الاجتماعية والنفسية للاشاعة ودور الاعلام في ذلك.. ليشاركنا بالرأي للاجابة على هذه المحاور كل من: د. ذياب البداينة عميد مركز الدراسات والبحوث بأكاديمية نايف للعلوم الأمنية، د. ابوبكر باقادر قسم الاجتماع جامعة الملك عبدالعزيز، د. فايز الشهري مركز الدراسات والبحوث كلية الملك فهد الأمنية، د. تركي العطيان الاستاذ المساعد لعلم النفس بقسم الدراسات الاجتماعية كلية الملك فهد الأمنية، د. ابراهيم عبدالمحسن البديوي، جامعة الملك عبدالعزيز قسم علوم الحاسبات والمدير السابق لمركز الحاسب الآلي بالجامعة والتحليل التصويري بواسطة الحاسب. عملية نفسية د. ذياب البداينة عميد مركز الدراسات والبحوث باكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية اوضح بان الاشاعة تعد احدى العمليات النفسية وتهدف الى التأثير المباشر على عقول الناس في مختلف المجتمعات وتستهدف بصفة اساسية متخذي القرار في الحكومات كما تستهدف من ناحية اخرى القادة العسكريين ايام الحروب. والهدف من ذلك بالطبع هو التأثير على توجيه معتقداتهم وسلوكياتهم بما يخدم الطرف الذي ينشر الاشاعة. ويشير هنا الى كيفية انتشار هذه الشائعات في اوساط دون غيرها كما يمكن للشائعة من ناحية اخرى ان تستهدف مجتمعا بعينه أو أي مؤسسة من المؤسسات الحكومية او اي منظمة من منظمات القطاع الخاص او شركة من الشركات أو شخصا ما. وينبه هنا من واقع القضية المطروحة الى مخاطر الانترنت وكيف انه يعتبر مكانا خصبا لانتشار الشائعات لكونها مفتوحة وعالمية وبامكان أي شخص في العالم الوصول اليها ناهيك عن أن مجتمع الانترنت في تزايد كبير وكل ينقلها أو يرسلها بالبريد الالكتروني للآخر. ويمكن نشر الاشاعة بالصوت اوبالصورة الملونة مما يؤدي إلى زيادة جاذبيتها.. وهناك مواقع تخصص اجزاء من محتوياتها للاشاعات وتعتمد على تسويق نفسها من خلال نشر شائعات تجعل لها جمهورا كبيرا.. خاصة اذا علمنا شغف المجتمعات النامية بمعرفة معلومات عن ذاتها.. وتكون اكثر اثارة في حالة اذا وضعت الاشاعات على شكل فضائح. وأشار الى أن الاشاعة تمثل جزءا من النشاطات السياسية والاقتصادية والمعلوماتية التي تمارسها الدول ضد بعضها البعض، وممارسة المؤسسات والافراد كذلك وقد يكون الهدف منها هنا هو محاولة اضعاف الروح المعنوية عند الطرف المتلقي لها كما توصف (بحرب العقل) والاسلحة الرئيسية فيها الصوت والسمع والنظر. وقد تأخذ الاشاعة اشكالا مختلفة تتراوح بين الاتهامات الوحشية للافراد او وضع صور فاضحة عنهم أو قصص.. او معلومات تسيء الى سمعتهم.. وقد تتناول وعودا كبيرة لا يمكن تحقيقها او استخدام اساليب لتحقير الاخرين او الاستقطاب ومنها على سبيل المثال (اذا لم تكن معنا فأنت ضدنا) وقد تستخدم في نشر المعلومات الكاذبة والملفقة والتشويه.. والتحريف كما تستخدم فيها أساليب الهندسة الاجتماعية والانتقاد العلني والمؤامرة وتشويه السمعة الشخصية باسلوب الطعن والافتراء. ويشير من ناحية اخرى الى ان الانترنت تعد وسيلة فعالة كذلك في الطعن حيث يمكن لأي شخص في مختلف انحاء العالم بان يعلق على أي شيء. ناقل مباشر جديد د. فايز بن عبدالله الشهري مركز الدراسات والبحوث الأمنية كلية الملك فهد الأمنية بالرياض يرى من جانبه انه يستحسن بنا محاولة ضبط بعض المفاهيم حول هذا الموضوع باعتبار اننا نتحدث عن الانترنت وهي وسيلة اتصال جماهيرية جديدة.. ومن الطبيعي ان يوظف هذا الوسيط المعرفة كوسيلة للنشر بغض النظر عن طبيعة المحتوى المنشور من خلاله. اما فيما يتعلق (بالاشاعات) فهي في مجملها ظاهرة انسانية قديمة قدم الاجتماع الانساني واستخدمت منذ القدم ضمن اسلحة الحرب النفسية بين المتحاربين واستخدامها في كافة المجتمعات للانتقام والتشكيك والتشهير ونحو ذلك. الا ان الجديد في الامر هنا هو توظيف هذه الوسيلة كناقل جديد للاشاعات والاستفادة فيها من الشبكة وسرعة دوران رسالة الانترنت. يضاف الى ذلك خاصية السرية النسبية وسرعة حركة الملفات (نصا وصوتا وصورة) عبر الشبكة وهذا يجعل من الصعوبة بمكان تتبع تنقل الاشاعات ومصادرها سواء كان هذا التتبع بغرض تصحيح وتخفيف اثارها او الملاحقة القانونية على سبيل المثال. ولا يتفق د. فائز هنا تماما مع مقولة ان الخطر هو من استخدام اعداء الامة للانترنت ونشر الاشاعات والتهويل والاثارة وان كان صحيحا جزئيا ولا يُستغرب ان حدث ذلك من عدو فالانترنت وسيلة اتصال عالمية.. متاحة لنا ولكل من ملك أدوات الاتصال المناسبة. كما يبدي تعجبه من خلال استقراء سريع لبعض الاشاعات التي تنتشر عبر الانترنت خاصة في مواقع المنتديات العربية والبريد الالكتروني ونجدها في معظمها لا تخرج عن اشاعات يطلقها مستخدمون عرب ومسلمون في اغلب الاحوال. ويرى انه من الاوجه ألا تلقى دائما انماط السلوك الشاذ لبعضنا على هذا العدو. لكن في ذات الوقت الذي يحذر فيه من مخاطر (الانترنت) فإن الانترنت كوسيلة لنشر الاشاعات فهي بدون جدال تعد من اخطر الوسائل التي عرفتها الانسانية ان لم تكن اخطرها لدينامكيتها وسهولة توظيف إمكانات الصوت والصورة واللون والاهم من هذا القدرة في بعض الاحيان على التفاعل مع مروجي الاشاعات كما تكمن هذه الخطورة فيها ايضا لانها وسيلة نشر شبه مجانية لا يحدها رقيب ولا يحتاج الناشر عبرها للحصول على رخصة للنشر أو التوقيع على الالتزام بقانون نظام المطبوعات والنتيجة كما يتضح لنا الآن ان كل انسان له القدرة تقريبا ان يكون ناشرا لأي شيء وبالطبع يمكن ان يكون ناشرا للاشاعة.. فيكفي حيازة بريد الكتروني او الدخول باسم مجهول لاحد مواقع الحوارات ذات الجماهيرية او ربما تصميم صفحة مبسطة ووضعها في مئات المواقع المجانية على الشبكة وعبر هذه الخدمات ستجد الاشاعة ومروجوها معبرا عالميا للتنقل من خلاله حول العالم. ويعترف بان ليس هناك في حقيقة الامر معادلة سحرية لمواجهة السلوك الشاذ أيا كان نمط هذا السلوك.. كما لا يمكن وضع وصفة ناجعة لمنع التوظيف السيىء للتقنية ووسائط الاتصال الحديثة فالانترنت اصبحت حقيقة واقعة ضمن حركة المجتمع ووسائله اليومية، وربما اطلعنا قبل فترة على قصة الطلاق التي حدثت عبر الانترنت وكيف ارسل الزوج لزوجته الخليجية رسالة طلاقها عن طريق البريد الالكتروني قبل رفع دعوى حتى لمحكمة الاحوال الشخصية لتوثيق الطلاق رسميا. وقال في الحقيقة نحن هنا امام مركب اجتماعي معقد. ولكن من المهم التأكيد على انه متى ما كانت الرؤية التربوية لمؤسسات المجتمع واضحة تجاه الجيل بكامله وذات اهداف محددة.. ضمن مرجعية اسلامية صحيحة منسجمة مع هوية مجتمع يفترض ان ينطلق في تعامله وفق الضوابط الشرعية.. فلاشك ان مثل هذه الاشاعات والتهويل حتى (وان وظفت الانترنت أو غيرها) ستدخل باب المحظورات الشرعية التي يدركها المسلم مما يعلم من دينه بالضرورة. وفي الوصف القرآني جواب شاف لذلك يقول الله تعالى في وصف المؤمنين: (عن اللغو معرضون)، (وإذا مروا باللغو مروا كراماً). (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه). كما يشاركنا د. ابراهيم بن عبدالمحسن البديوي المدير السابق لمركز الحاسب الآلي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة عضو هيئة التدرييس بقسم علوم الحاسبات، دكتوراه في التحليل التصويري بواسطة الحاسب، كلية الهندسة بجامعة سوانزي ببريطانيا. وبدأ حديثه موضحا انه قبل محاولة تحديدنا لمخاطر الاشاعات عبر الانترنت يتطلب منا الامر معرفة طبيعة الاشاعات التي تمر عبرها ولتوضيح هذا الجانب يمكن النظر الى الاشاعات على انها معلومات غير صحيحة يتم تداولها ونشرها بين العامة لتحقيق أغراض معينة.. القصد منها الحاق الضرر بالفرد أو المجتمع مشيرا الى تشابه مخاطر الشائعات الاخرى وكيف ان مخاطر الاشاعات من خلال الانترنت تتماثل في حدتها مع التي تحصل من خلال الوسائل الاعلامية الاخرى والتي تستخدم لنشر الاشاعات ومن اشهرها الاعلام الشخصي الذي يعتمد على نشر الاشاعات من خلال تناقلها بين فردين فأكثر الآن وان الاختلاف يظهر عندما يكون استخدام الانترنت شائعا بين افراد المجتمع عندئذ يكون انتشار الاشاعات اسرع واوسع من حيث التأثير وهنا تكمن الخطورة. ومنذ اتساع استخدام الانترنت على مستوى العالم خلال الخمس سنوات الماضية يمكننا تحديد مخاطر الاشاعات من خلال الانترنت الى نوعين: مخاطر شخصية: وتتمثل في تناقل خبر غير صحيح وسيىء بجميع انواعه سواء كان نصاً او صورة او مشهد فيديو من شخص ما. اما النوع الثاني فيمثل مخاطر جماعية يمس تأثيرها اكثر من فرد وقد يصل الى مستوى الدولة باكملها وتتمثل المخاطر الجماعية في خمسة فروع وهي: مخاطر دينية او اجتماعية او اقتصادية او سياسية او عسكرية. خطرها على الناشئة بطرحنا لهذه القضية كان لابد لنا ان نتساءل عن الآثار الاجتماعية وخصوصا على هؤلاء الناشئة الذين اصبحوا يتعاملون مع الانترنت بنهم وشغف كبير مما يتطلب منا التوقف امامه لاكثر من مرة، الدكتور ابوبكر باقادر استاذ علم الاجتماع بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة يؤكد ان تأثير الشائعات وبالذات في الحالات والمراحل التاريخية التي يكون فيها ترقب او منعطف لانتظار قرار حاسم عادة ما يكون كبيرا للغاية. وهذا بالطبع مما يستدعي مطالبة الدول والمصادر الاولية للمعلومات ايضا ان تكون حاسمة ويتركز هذا في ثلاثة امور هي: * ان تكون هي أول من يقوم باذاعة هذه الاخبار والمعلومات حتى تنزع الفتيل من الاشخاص الذين يمكنهم ان يروجوا لمثل هذه الاخبار غير المؤكدة وغير الرسمية. * من ناحية اخرى تقديمهم للمعلومات بشفافية وان تكون هذه المعلومات قابلة للتصديق وان تبث على اكبر مدى ممكن. وطبعا مثل هذه المصادر لديها عادة مثل هذا التوجه اما بنشر هذه المعلومات من خلال الجريدة الرسمية أو الاذاعة او التلفزيون عندئذ تحجب الشائعات. ومن هذا الواقع حتما فان الاشاعات قد تؤثر على الناشئة والشباب.. والتأثر بها وتصديقهم لها في كثير من الاحيان.. لان عقلياتهم وافكارهم ما زالت خصبة ولديها القدرة على تقبل هذه الاشاعات أو الاشياء التي تتخذ اساليب فيها شيء من الاغراء والتشويق ولهذا ينبغي لنا جميعا ان ننتبه لذلك. سلوك شاذ واضطراب نفسي ثمة تساؤل عمن يمارسون بث الشكوك والشائعات السلبية الضارة وهل هم أسوياء أم يعانون من بعض الاضطرابات النفسية؟ وعن هذا الجانب يحدثنا د. تركي بن محمد العطيان الاستاذ المساعد لعلم النفس بقسم الدراسات الاجتماعية بكلية الملك فهد الأمنية فيشير الى ان درجة السلوك غير السوي او الشاذ عادة ما تختلف حدته من فرد الى آخر لان من يطلق الاشاعة لمرة واحدة ليس كما هو الحال لمن يتخذها كسلوك مستمر ودائم وهكذا. لان حدوث خلل أو قصور في النشاط المعرفي يحدث عادة عندما تحدث إعاقة لإحدى القدرات العقلية كالادراك والحكم والاتصال.. وفي هذه الحالة يوصف صاحب هذا السلوك بأنه غير سوي او شاذ.. فبالتالي بعض مروجي الشائعات تنطبق عليهم هذه الصفة لعدم وعيهم وإدراكهم لما تسببه اشاعاتهم من ضيق او حرج أو إساءة للاخرين. ومما لاشك فيه ان مروج الاشاعة لا يستطيع الضبط والتحكم في سلوكه الغريزي باذية الاخرين (عبر الاشاعة) واطلاق العنان للفرقة وغريزته الراهنة والموقوتة بدون أي مراعاة لصاحب الشأن ممن قصد بالاشاعة. وحول ما اذا كان من يروجون لهذه الشائعات يعانون اضطرابات نفسية اكد د. تركي ان من يروج للشائعات يعاني من اضطراب نفسي متمثل في السلوك السلبي الذي ينتهجه للتعبير عن اسقاطاته الشخصية والتي لابد وان تكون قد تراكمت على بعضها وترسخت بمرور الزمن عبر مختلف مراحل النمو وهذه الفكرة تؤكدها نظرية التحليل النفسي والتي توضح أي سلوك في الفرد سواء كان سلبيا أو ايجابيا لمراحل النمو السابقة التي عاشها أو يمر بها الفرد. ومن هنا لابد ان نتبين أن اضطراب الشخصية وإسقاطاتها المختلفة والتي تركز عليها في هذه الاجابة بترويج الشائعات تختلف درجة قوتها وحدتها من شخص الى آخر طبقا للسمات الشخصية للفرد وبانه انسان يعاني من اضطراب نفسي. لذا ينبغي علينا ان نفهم نوع الاشاعة وموضوعها وهدفها حتى نحكم على مدى قوة أو ضعف الاضطراب النفسي لمروج الاشاعة. ايضا علينا ان نفهم ان بعض من يروج للاشاعة يفهم سلوكه من الدافع الذي تم عليه بناء ترويجه او اطلاقه للشائعة.. لهذا لا يختلف الباحثون في علم النفس على ان وراء كل سلوك دافعا متينا ومحددا.. فمن مروجي الشائعات هناك من يعتقد انه بترويجه للشائعة يكون مشهورا او معروفا او كما يطلق عليه علميا (حب الظهور). لذلك نجد ان من صفاتهم رغم اضطرابهم النفسي انهم اذكياء ومؤثرون ولهم جاذبيتهم في سلوكهم لاختيار الاشاعة (اختيار الوقت والمكان ونوع الاشاعة) ولابد لنا من الاشارة هنا الى انهم تنقصهم العاطفة والشعور بالذنب نتيجة لخبرات سيئة مروا بها في السابق واثرت على سلوكهم الحالي، إذاً ترويج الشائعة ليس الا وسيلة يلجأ اليها فرد ما للتنفيس عما بداخله من اضطرابات انفعالية نفسية مختلفة. ويشير هنا الى تأثير الاشاعة على المراهقين والشباب ملمحا الى دور النضج العقلي والانفعالي للفرد في تدقيق او تمحيص الاشاعة ومن ثم تصديقها او تكذيبها فالمراهق في إدراكه للشائعة يختلف نوعا ما عن الانسان الراشد نظرا لاختلاف نضج كل منهما لذلك: اولا: الشائعة تؤثر في السلوك الانفعالي للمراهق وتحدث لديه التردد بتصديق الخبر او تكذيبه مما يؤثر على اتخاذه للقرارات المهمة والمستقبلية في حياته لانعدام الثقة بينه كمتلقٍ وبين المصدر وهذا يكون تأثيره أقوى إذا كان المصدر جهة رسمية أو مؤسسة مهنية مرموقة (لها موقع انترنت). ثانيا: الشائعة تؤدي الى حدوث اضطراب انفعالي لدى المتلقي وملاحظتنا لها في حالات من الحزن او الفرح او الغضب، وفقا لنوع الخبر مما قد يضاعف ايضا من حالات القلق والتوتر والخوف مما ينعكس على الفرد وعلى سلوكه وتصرفاته مع نفسه ومع الاخرين وادراكنا بان المراهق مازال في طور النمو والبناء لشخصيته. وفي حالة اصطدامه او تعايشه مع الاسقاطات اللاشعورية لمروجي الاشاعات ودخوله تحت وطأة ضغوطها عبر الانترنت او في اي مصدر آخر. ثالثا: تأثر سماته الشخصية مما يعزز من صفات الكذب والخداع والشك لديه وكذلك اضاعة وقت المتلقي بملاحقته للخبر عبر مواقع الانترنت لمروجي الاشاعات وتحليله وعمل الاستنتاجات والتنبؤات حوله مما يصرفه عن اهتماماته ودوره في الحياة سواء كان طالب علم او صاحب مهنة او حتى لديه اهداف اخرى خصوصا اذا عرفنا ان دافع حب الاستطلاع دافع غريزي يجعل الفرد وخصوصا المراهق منهم.. يبحث عن الاثارة على حساب الجهد الذهني والنفسي والزمني له. وينبه هنا الى اهمية تحصين المتلقي للتعايش مع اي حدث طارىء سمة للشعوب المتحضرة والمتقدمة وفي الوقت الحالي ولهذا لا اعتقد بأن مجتمعنا السعودي ينقصه مثل هذا التوجه الحديث بدلا من التخوف والاستسلام للواقع ومثال على ذلك.. لا نستطيع حجب الشمس ولكن باستطاعتنا ان نستظل من حرارتها. التعامل مع الإشاعة بعد ان تعرفنا على الاشاعات والمخاطر التي من الممكن ان تترتب عليها وما لها ايضا من اثار اجتماعية ونفسية على فئة المتلقين ومنهم الناشئة على وجه الخصوص ومعرفة طبيعة سيكولوجية الفئات التي تروج لها. كيف باستطاعتنا ان نتعامل مع هذه الاشاعات في ظل وجود العدد الكبير الذي لا يستهان به من الاجيال الحديثة هذه الاجيال التي تجهل حقيقة هذه النوعية من الاسلحة الخفية والتي تكمن وراءها وامكانية تقبلها وتصديقها لها؟ وبالعودة الى ضيوفنا الافاضل.. للاجابة على هذا السؤال يرى الدكتور ذياب البداينة: ان التعامل مع الاشاعات عبر الانترنت يكون باكثر من وسيلة.. فهناك وقاية تقنية تحول دون وصول الشباب الى مواقع معينة ومنعهم من ذلك بالاضافة الى ان المواقع التي تشكل اساءة الى القيم الانسانية عامة محظورة على من هم اقل من (18 سنة) وهذه المواقع تكون ملزمة بوضع مثل هذه الجمل التحذيرية. وينبه الى اهمية التحصين الاجتماعي للشباب.. وكيفية تحقيق ذلك بتقوية قيمهم ومعتقداتهم وانتمائهم لوطنهم حتى يتكون لديهم حائط لصد هذه الاشاعات وغيرها.. وترسيخ هذه القيم بصورة مثبتة والتي لا تتزعزع امام هذه الاشاعات. وتعريف الشباب ... مراقبة الاسرة لبعض النماذج الضعيفة من الاشاعات وتحليلها لهم وبيان الاكاذيب التي تتضمنها حتى تتوفر لدى الشباب الحصانة اللازمة ضد الاشاعات القوية في المستقبل. مخاوف مستقبلية أما الدكتور فايز الشهري فيؤكد بأن الاشكالية هنا تكمن في عدم مقدرتنا بمناقشة هذه القضية بمعزل عن محيطها الاجتماعي لان ما يتضح للعيان الآن في مجتمعاتنا وعلى مستوى الخليج بشكل خاص هو اننا امام جيل نخشى ان يتشكل يوميا في غيبة شبه تامة عن اشراف وتوجيه مراجعه التقليدية كالاسرة، والمسجد، والمدرسة، وكأننا بالمحيط الاجتماعي بأكمله قد بدأ بالتخلي عن أدواره التقليدية في القيام بجزء مهم من مسؤولية التوجيه والضبط الاجتماعي. وحتى لا نكون ممن يمعن في جلد الذات كما لاحظنا فإن المشكلة ليست عربية أو اسلامية فقط وان كانت تختلف المفاهيم حول تحديد السلبيات من مجتمع الى آخر. كما يوضح أن الانترنت أتت لتكمل دائرة وسائل الاعلام الجديدة التي بدأت بالبث الفضائي المباشر وكيف اصبح الجيل الحالي يتلقى سيلا من الرسائل المبهرة بسحر الكلمة والاخراج الاخاذ وحسن العرض والاهم من هذا كله هو ان هذه الرسائل في معظمها تركز باساليب وطرق مباشرة او غير مباشرة على ما يخشى منه وهذه الثوابت مما قد يؤدي في اخر الامر الى تشكيك الجيل في ثوابته الدينية والاجتماعية والاقتصادية ومجمل قناعاته السياسية. وتكمن هذه المخاوف هنا لاعتبار ان معظم مؤسسات التوجيه غير المباشرة.. يخشى ان تكون قد اخذت بعض ادوار المؤسسات التقليدية التي اصبحت تدار بادوات من خارج ثقافة وخصوصية المجتمع وهذا مما سيقودنا الى حالة أشبه ما تكون بانعدام الهوية والخصوصية المحلية في التربية.. مما قد يزيد من ناحية اخرى الهوة وحدة الخلل الفردي والاجتماعي لأن الشاب او الشابة الذي يقضي ساعات طويلة امام الانترنت في الحوار والقراءة والمناقشة بدون مرجعيات محددة او مرجعيات تشكلت عبر هذه الوسائل حتما سيكون بلاشك صيدا سهلا لمروجي هذه الاشاعات وغيرهم. إجراءات نظامية د. ابراهيم البديوي يرى ان المتعارف عليه بالنسبة للتعامل مع الاشاعات هو عدم تصديقنا لها او تناقلها اما بالنسبة للمتضررين فإن الامر يتطلب اتخاذ خطوات معينة يجب تنفيذها سواء كان المتضرر افرادا او مجتمعا بكامله وهذا ما يتطلب اعداد الاثباتات والادلة بانواعها لنفي عدم صحة الاشاعة ونشر الاثباتات والادلة من خلال مواقع رسمية ومشهورة وعبر وسائل اعلامية اخرى؛ واتخاذ الاجراءات النظامية لوقف الضرر والتعويض مقابل الضرر. المقاومة وحجب الأسباب ولكن هل الافضل لنا ان نقاوم الاشاعات؟ ام من المهم ان نبدأ بمحاولة القضاء على اسبابها؟ ايضا باعتبار ان الاعلام بقنواته اثبت فاعليته ودوره المؤثر في رفع الوعي المجتمعي والامني كاداة اتصال فما دوره في هذه المواجهة؟ الدكتور البداينة اكد بأن هناك عددا من الحلول لمواجهة الاشاعات أهمها التحصين الاجتماعي ضدها والمساهمة في توعية الجمهور وخاصة المستهدفين منهم باضرار الاشاعات والتعريف بها ومخاطر تناقلها وهناك جهات عديدة يمكنها القيام بهذه المهمة كالأسرة والآباء والمعلم وقطاع العمل وكل مسؤول فيما يخصه في كشف الاشاعات وبيان أهدافها ومنع انتشارها. كما ان الاجهزة الأمنية لها مسؤوليتها باعتبار ان الاشاعة بجميع انواعها تهدد الامن الاجتماعي للمواطنين ويمكنها بالتالي ان تقوم بدور هام من خلال وسائل الاعلام الحكومية او من خلال وسائلها الخاصة بها. كما أن للمؤسسات الاهلية والتطوعية والمساجد والاندية الشبابية والرياضية والمنتديات والجمعيات التعاونية والقطاع الخاص والمؤسسات الاكاديمية ورجال الدين مساهمات في فضح الاشاعات وتجريدها وبيان مصادرها وتحديد اهدافها وتحليل محتوياتها وزيادة الوعي لدى الناس لتجنب ترديدها. الدكتور فائز الشهري يتوافق رأيه هنا مع رأي د. البداينة حول ضرورة تحصين انفسنا وعدم ترك المجال للتأويلات المضللة باعتبارها احد السبل الكفيلة للقضاء على كثير من الاشاعات كما يتطلب الامر تقوية الوازع الديني لدى الاطفال وهذا يعود بعد ملاحظتنا مثلا ان بعض طلبة المدارس وبعد اعلان النتيجة وفشلهم في النجاح يعمد الى الانترنت والقيام بترويج قصص عن مدرسيه وادارة مدرسته وربما بوجود الوازع الديني ما كان ليقوم بمثل هذا العمل.. لو كان يدرك اثم من يرتكب (الغيبة) والبهتان.. ونشر القول السوء أو النجوى الاثمة وينطبق هذا على الموظف مع رئيسه ورب العمل مع عماله. الدكتور العطيان قال: انه لابد لنا من ان نفهم ان معالجة الاشاعة والتصدي لها والتعامل معها عادة ما يأخذ عدة جوانب تبدأ بالفرد نفسه الذي يقوم بالترويج لهذه الاشاعات مرورا بالمتلقي او من يسعى وراء متابعة هذه الاشاعات عبر لانترنت او اي وسيلة اخرى ثم التركيز على دور المجتمع ومؤسساته المختلفة والتي تشارك في بناء فرد ومجتمع واع مدرك لحقيقة ما يدور حوله. ايضا مهما تطورت اساليب المكافحة في أي أمر ما فلابد ان تطور الجهة المقابلة اسلوبها بكسر حاجز المكافحة بالتحايل او باسلوب ابتكاري آخر مضاد بسيط له القدرة على المقاومة (وخصوصا عندما نتحدث عن الانترنت كوسيلة لترويج الاشاعة) عبر اساليب التقنية الحديثة في مجال هندسة الكمبيوتر والاهم توفير الحصانة للمتلقي مع التركيز على دور الآباء والأسر والمربين.