سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السياحة الوطنية تلعب دوراً حيوياً في زيادة الدخل الوطني في ورقة عمل طرحتها غرفة أبها عن مستقبل السياحة في عسير
30 مليون ليلة سياحية يقضيها المواطنون خارج المملكة سنوياً
تلعب السياحة دوراً هاماً في تنمية الناتج المحلي العالمي ولقد اهتمت معظم بلدان العالم بصناعة السياحة ودعمها وتنميتها كإحدى الوسائل الهامة في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وقد حققت صناعة السياحة على المستوى العالمي عائدات بلغت 448 بليون دولار في عام 1997م من خلال انتقال أكثر من 613 مليون شخص بين مختلف بلدان العالم. ومن المتوقع ان تصل العائدات السياحية إلى 621 بليون دولار بحلول عام 2000م من خلال انتقال 672 مليون سائح على المستوى العالمي. كما يساهم القطاع السياحي في توفير 212 مليون فرصة عمل تمثل ما يقرب من 11% من اجمالي القوى العاملة على المستوى العالمي. وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي استطاعت بعض دول المجلس ان تحفر لنفسها مكانة متميزة في سوق السياحة العربية مثل دبي التي استطاعت زيادة حجم السياحة إليها من 629 ألف سائح عام 1994م إلى 6 .2 مليون سائح عام 1996م وحقق القطاع الفندقي نسب أشغال كاملة وايرادات بلغت 7. 2 بليون درهم إماراتي من خلال 21 ألف غرفة فندقة، كما جذبت البحرين 3. 2 مليون سائح عام 1994 وهو ما يعادل عدد السائحين إلى مصر في نفس السنة، كما عبر جسر الملك فهد إلى البحرين 7.2 مليون شخص مستخدمين حوالي 732 ألف سيارة في عام 1996 بما يشكل مصدرا هاما للسياحة إلى البحرين. وتسعى الكثير من الدول النفطية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني من خلال تنمية القطاعات غير النفطية، ويأتي القطاع السياحي على رأس القطاعات غير النفطية التي تعتمد عليها الكثير من الدول في زيادة الناتج المحلي الاجمالي. وبالنسبة للمملكة كانت منطقة عسير سباقة في هذا المجال ومنذ أكثر من خمسة عشر عاماً حين فكر صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز في تنمية القدرات والمقومات السياحية بالمنطقة فتم إنشاء إدارة للتطوير السياحي بالمنطقة في عام 1401ه ثم بدأ تسويق المنطقة سياحياً مع انعقاد المؤتمر الأول لرجال الأعمال السعوديين في عام 1407ه، ومنذ ذلك التاريخ تتقدم عسير على طريق التنمية السياحية بدعم ورعاية من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل حيث استطاعت المنطقة ان تفرض نفسها كأحد أهم مناطق الجذب السياحي في منطقة الخليج العربي، وأصبح مهرجان الصيف في عسير مناسبة سياحية تجذب الكثيرين من داخل وخارج المملكة. لذلك وبعد كل الخبرات المتراكمة في عسير حول التنمية السياحية وبعد إجراء العديد من البحوث والدراسات المرتبطة بتنمية السياحة في عسير، ومن واقع حرص الغرفة التجارية الصناعية في أبها على دعم الاستثمار في عسير بصفة عامة والاستثمار السياحي بصفة خاصة، فإننا رأينا ان نركز كخطوة أولى على دخولنا عصر التنمية المخططة التي تراعي المتغيرات المتنوعة، وتعد المنطقة لتصبح علامة مميزة وسط مناطق الجذب السياحي بالمملكة حتى تستطيع العبور إلى القرن الحادي والعشرين. ويمكن القول ان منطقة عسير قد بدأت تحقيق نقلة هامة ومتميزة تقود إلى مرحلة تخطيط التنمية السياحية والنشاط السياحي في عسير وذلك بعد نجاحها في اتمام مرحلة التنمية السياحية بمفهومها العام. فتلعب التنمية السياحية دوراً هاماً في دفع عجلة التنمية بمفهومها الشامل ورغم ادراكنا جميعاً لدور السياحة الداخلية وأهميتها للفرد والمجتمع إلا اننا سوف نعرض في الجزء الأول من الورقة تأثير السياحة على دفع عجلة التنمية الشاملة على المستويين الاقليمي والوطني. ونتعرض في هذه الجزئية من الورقة للنقاط التالية: 1 دور السياحة في زيادة الدخل الوطني: انفق السعوديون على السياحة الخارجية حوالي 17 مليار ريال في عام 1995م أي ما يعادل 4 .5% من الناتج المحلي الاجمالي للمملكة وبما يعادل 4 .13% من اجمالي الصادرات السعودية عام 1995م. لذلك يعد انفاق المواطنين على السياحة الخارجية نوعا من التسرب من دورة الدخل يخرج من الاقتصاد الوطني لدعم اقتصاديات الدول التي يسافر إليها السياح السعوديون، حيث يبلغ متوسط عدد السعوديين الذين يغادرون المملكة سنويا للسياحة أكثر من 3 ملايين سائح يقضون اكثر من 30 مليون ليلة سياحية خارج المملكة. لذلك يجب ان يتزايد الاهتمام بدعم برامج السياحة الداخلية من أجل جذب المواطنين للترفيه السياحي داخل المملكة والذي يمثل حوالي 20% فقط من حجم الانفاق على السياحة الخارجية. يهدف النشاط السياحي إلى تحقيق درجة أعلى من التشغيل للموارد الاقتصادية في الدولة وتعتبر السياحة أحد مصادر الدخل الوطني، وأحد الموارد المنظورة في الموازنة العامة خاصة في حال وجود سياحة دولية إلى الداخل عن طريق توفير جزء هام من العملات الأجنبية اللازمة لتمويل عمليات التنمية كما تلعب التنمية السياحية دورها في دفع عجلة التنمية في الاقاليم المختلفة مع توزيع الدخول الناتجة عن عدد أكبر من مواطني الدولة. كما تؤدي التنمية السياحية إلى تنشيط القطاعات الاقتصادية عن طريق توسيع أو تكوين أسواق جديدة للصناعات المحلية وزيادة الفرص الاستثمارية المتاحة أمام القطاع الخاص مما يزيد من درجة مشاركته في عمليات التنمية الاقليمية. كذلك تؤدي التنمية السياحية إلى المساهمة في توازن ميزان التجارة الخارجية وميزان المدفوعات، حيث انه نتيجة لتحفيز الطلب على السلع والخدمات الترفيهية فإن الإنتاج المحلي من هذه السلع والخدمات قد يزداد بصورة تمكنه من التمتع بوفرات اقتصادية، وبالتالي يمكن تصدير بعض هذه السلع والخدمات، بالإضافة إلى توجيه انفاق المواطنين لمخصصات السياحة في جداول استهلاكهم إلى داخل البلاد، كذلك توفير عناصر الجذب السياحي الدولي من الخارج وما يستتبع ذلك من حصيلة العملات الاجنبية، والتي تعمل في النهاية على توازن ميزان المدفوعات، إضافة لما يوفره القطاع السياحي ونمو قطاع السياحة الداخلية إلى زيادة عدد فرص العمل وتكوين وظائف ومهن جديدة مما يزيد من نسبة التشغيل ويقارب من توزيع الدخول بالإضافة إلى تحقيق درجات أعلى من التخصيص الاقتصادي للموارد البشرية. وقد ركزت خطة التنمية الاقتصادية 1415 - 1420ه على أهمية تنمية القطاعات غير النفطية وزيادة الاعتماد على القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية، لذلك نجد ان الاهتمام بتنمية القطاع السياحي يدخل ضمن القطاعات غير النفطية والتي تحتاج إلى الدعم والمساندة. كذلك تشير تقارير منجزات خطط التنمية إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بأقيام المنتجين من 267 بليون ريال عام 1986 إلى 502 بليون ريال عام 1996م حيث ارتفع الناتج المحلي الاجمالي من القطاعات النفطية من 67 بليونا إلى 195 بليون بينما ارتفع الناتج المحلي من القطاعات غير النفطية من 200 بليون إلى 306 بليون ريال ساهم القطاع الخاص بنسبة 58% منه أي ما يعادل 178 بليون ريال وساهم القطاع الحكومي بنسبة 42% منها بما يعادل 129 بليون ريال. لذلك يشكل قطاع السياحة أهمية خاصة في الاقتصاد الوطني للأسباب التالية: أولاً: باعتباره أحد القطاعات غير النفطية التي تعلق الآمال على تنميتها والاهتمام بها ودعمها. ثانياً: باعتباره أحد القطاعات التي تعتمد على القطاع الخاص في تمويل استثماراتها دون أي أعباء على الموازنة العامة. ثالثاً: باعتباره أحد أهم القطاعات المولدة لفرص العمل بما يخدم أهداف تشغيل العمالة السعودية وزيادة حجم مساهمتها في قوة العمل. رابعاً: باعتبار ان الانفاق على الاستثمار السياحي بالمملكة يؤدي إلى تشجيع الاستثمار في العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى. خامساً: يعد الاستثمار السياحي جذبا للمواطنين للسياحة داخل المملكة مما يقلل من تسرب الدخل إلى خارج قنوات الاقتصاد الوطني مما يحافظ على الثروة الوطنية وينميها. سادساً: يوجد لدى المملكة العديد من المقومات السياحية غير المستقلة والتي يمكن استثمارها وتحقيق فائض اقتصادي يعمل على دعم تنمية الاقتصاد الوطني. كما تلعب صناعة السياحة دوراً هاماً في تحويل المقومات الطبيعية والتاريخية والأثرية، والتي تمثل عوامل الجذب السياحي ولا تدر عائداً أو تباع بطبيعتها، إلى منتجات سياحية تباع وتقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.. ولكي تنمو صناعة السياحة تحتاج إلى توفير العديد من التسهيلات السياحية كمشروعات البنية الأساسية ومنشآت الإقامة والطعام والنقل والمراكز الترفيهية والهدايا، وذلك إضافة إلى البرامج السياحية التي تضفر الجهود في عدة منشآت بما يحقق أقصى اشباع ممكن لاحتياجات السائحين سواء من داخل المملكة أو من خارجها. وتعمل البرامج السياحية على حفز الاستغلال الأمثل لمجموعة العناصر والمقومات السياحية. ويستلزم نجاح البرامج السياحية تكامل مجموعة من العناصر تشكل في مجملها منظومة متكاملة لتحقيق الخدمة السياحية وتتميز السياحة بتكامل العناصر السياحية لتحقيق الخدمة السياحية، فأداء الفنادق مرتبط بأداء المطاعم وشركات تأجير السيارات ومرتبط بانتظام الرحلات الجوية، كما هو مرتبط بسهولة إجراءات الجوازات والجمارك والخدمات الأمنية، لذلك يمكن لتدهور الخدمات في أي من القطاعات المرتبطة بالنشاط السياحي ان تؤثر على كفاة تدفق السائحين في موسم سياحي كما تؤثر بشكل كبير على المواسم التالية ومن ثم على الدخل المتحقق من القطاع السياحي. وتتأثر السياحة بالعديد من التأثيرات الخارجية مثل سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى، أو تأثير بعض العوامل السياسية والأمنية مثل توقف الحجاج والمعتمرين من إيران أو انخفاض أعداد القادمين للحج تأثراً بحرب الخليج أو تأثير الأزمة الآسيوية على أعداد الحجاج القادمين إلى المملكة في حج عام 1418ه. لذلك يجب ان يخطط المستثمر في المشروعات السياحية للتعامل مع مشكلة الموسمية وكيفية مواجهتها ومنح التخفيضات وتنظيم المهرجانات والمسابقات في الفترات غير الموسمية بما يرفع نسب الإشغال. 2 دور السياحة في توفير فرص عمل تزيد من تشغيل العمالة الوطنية: يلعب عنصر العمل دورا هاماً في العملية الإنتاجية، بل انه يعتبر أهم عنصر من عناصر الإنتاج على الاطلاق، ومن هنا فإن قوة العمل في المجتمع تمثل ركيزة أساسية في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية. وإذا كانت القوى البشرية العاملة في صناعة السياحة تمارس دوراً كبيراً في نموها شأنها شأن أي صناعة أخرى، فإن صناعة السياحة تتميز عن غيرها في هذا الشأن، ففي الصناعة التحويلية مثلاً يمكن حجب المنتج الرديء عن المستهلكين بالفرز والرقابة داخل الوحدة الإنتاجية، أما في صناعة السياحة فإن المنتج السياحي يقدم مباشرة للمستهلكين، حيث ان طبيعة الخدمات السياحية تقتضي تأدية كثير منها دون وجود شخص ثالث غير السائح والعامل. وعلى هذا النحو، يؤثر سلوك العاملين تأثيراً كبيراً في كفاءة الخدمة ومستوى أدائها، كما يترك هذا السلوك انطباعاً هاماً لدى المستهلكين، مع ما هو معروف من ان المستهلك نفسه يعتبر أفضل انواع الإعلان عن المنتج باعتباره إعلاناً غير متحيز، وهنا نبرز أهمية البشاشة الشعبية لدى أبناء الدول المضيفة للسياح. وفر القطاع السياحي على المستوى العالمي فرص عمل مباشرة لحوالي 212 مليون شخص في عام 1995م أي ما يساوي 11% من إجمالي القوى العاملة في العالم ومن المتوقع ان يرتفع عدد فرص العمل التي يوفرها القطاع السياحي إلى 338 مليون وظيفة في عام 2005م وتوجد مناطق تعتمد على السياحة في خلق فرص العمل مثل الصين وجنوب آسيا ومنطقة الكاريبي. تشمل فرص العمل المتاحة في القطاع السياحي والمنشآت السياحية والفندقية كوكالات السفر وشركات النقل السياحي وبيع التذاكر والتسويق السياحي ومحال بيع التحف والتذكارات والفنادق والمطاعم ودور الترويح وغيرها. ويوجد أكثر من نوع من العمالة بالقطاع السياحي منها ما يلي: العمالة المباشرة وتهتم معظم الدراسات بهذا النوع من العمالة، ويشير إلى عدد فرص العمل المتولدة عن الانفاق السياحي، فقد أوضحت دراسة Archer «عن الكاريبي عام 1973م» ان العمالة المتولدة عن وحدة واحدة من الانفاق في القطاع السياحي تمثل العمالة المتولدة عن وحدة واحدة من الإنفاق في أي قطاع آخر، كما أوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور نبيل الروبي عن اقتصاديات السياحة، ان القطاع السياحي أكثر قدرة على خلق فرص العمل بتكلفة أقل، لذلك فإن الاهتمام بتنمية القطاع السياحي يساهم في توفير الكثير من فرص العمل المنتج بتكلفة أقل مما يساعد على دعم خطط تحقيق «السعودة». العمالة غير المباشرة تشمل فرص العمالة التي تتولد في القطاعات التي يعتمد عليها القطاع السياحي والفندقي في توريد الطعام والشراب «الزراعة والصناعات الغذائية» والأثاث والمقاولات وغيرها. أي ان هناك عدة قطاعات اقتصادية تتأثر بالنمو السياحي وتحقيق معدلات نمو توفر فرص عمل في العديد من القطاعات المرتبطة بالقطاع السياحي. يعد توفير العمالة للقطاع السياحي من العناصر الهامة التي يهتم بها المستثمر في الأنشطة السياحية المختلفة، فلا يكفي اقامة المشروعات السياحية الضخمة وتخصيص رؤوس الأموال الكبيرة لها، ولكن يجب ان يتوفر من يقوم بشؤون تشغيلها وإدارتها، ان العمل في القطاع السياحي يتطلب قدرات فنية وإدارية لمواجهة احتياجات هذا القطاع وتنميتها باستمرار، لذلك لا يمكن تشغيل أفراد ينقصهم التعليم والتأهيل والتدريب الكافي بما يؤدي إلى فشل هذه المشروعات، فالسياحة هي صناعة خدمات تتطلب مستوى معينا من المهارة سواء في الخدمة السياحية «العمالة المباشرة في المشروعات السياحية» والخدمات المعاونة «الجهات وثيقة الصلة بالخدمة السياحية كالجوازات والجمارك وغيرها». ومن هنا نجد ان توفير العمالة للقطاع السياحي يتطلب الوقوف على عرض العمالة المتاحة لهذا القطاع والطلب عليها، لتحديد الأفراد اللازمين له، وهو أمر يخضع لمعايير فنية وخطوات تنظيمية متعددة، ويلزمه الإعداد بالتأهيل والتدريب. لذلك توجد عدة مشاكل تتعلق بتدبير احتياجات المشروعات السياحية سواء على مستوى المملكة أو على مستوى المشروعات السياحية في عسير وحتى الآن يوجد حصر للمهارات المتاحة من العمالة السياحية بما يمكن من تخطيط العمالة السياحية وتحديد مجالات الفائض والعجز لذلك نحتاج إلى وضع خطط للعمالة بشكل عام وللعمالة في القطاع السياحي بشكل خاص، معتمداً على نظام المعلومات المتوفرة عن العمالة المتاحة وكفاءتها وخبرتها حتى يمكن توفير التأهيل والتدريب أو استيراد العمالة من الخارج. رغم ان استيراد العمالة يعتبر إجراء غير مرغوب فيه إلا ان بعض المشروعات السياحية تجد نفسها مضطرة إليه لمواجهة العجز في بعض الوظائف والمهن، لذلك يجب حصر المهارات المحلية أولاً ثم تحديد الاحتياجات من العمالة المستوردة، ويشار في هذا الصدد إلى وجوب وضع برامج للتعليم والتدريب من أجل اكتساب العمالة الوطنية للمهارات اللازمة حتى يمكن احلالها محل العمالة المستوردة. ويلاحظ بصفة عامة ان العمالة المستوردة في القطاع السياحي والفندقي تتركز في وظائف الإدارة العليا والوظائف الإشرافية والتخصصية وتلك التي تستخدم التكنولوجيا المتطورة وكذلك بعض الوظائف الدنيا كوظائف النظافة وخدمات المطعم وغيرها، وقد يكون من الضروري الاستعانة بالخبرات الأجنبية للاستفادة من عاملين على مستوى مرتفع من الخبرة وقادرين على تدريب العمالة المحلية، وكما يلاحظ ان القطاع السياحي لا يتطلب عمالة مستوردة بدرجة كبيرة على النحو الذي تتطلبه بعض القطاعات الأخرى كالصناعة التحويلية مثلاً. كما تشمل مشكلة العمالة تنمية الموارد البشرية والتعليم والتدريب فالمناهج التعليمية يجب ان تطور بحيث تؤدي إلى توفير العمالة المطلوبة للعمل بالقطاع السياحي. كذلك فإننا بحاجة لتطوير التدريب ليتلاءم مع الاحتياجات الفعلية للمشروعات السياحية وبما لا يؤثر على كفاءة تشغيل المشروعات السياحية. لذلك يكتسب موضوع العمالة أهمية خاصة عند دراسة المقومات السياحية بالمملكة، ونحن نهتم بزيادة معدلات تشغيل العمالة الوطنية أو ما يسمى «سعودة الوظائف». لدينا الآن أكثر من 328 فندق سياحي على مستوى المملكة منها 28 فندقا في عسير إضافة إلى 158 مركز للشقق المفروشة، لذلك فإن تشغيل العمالة السعودية ورفع نسب تشغيلها بمنشآت السكن إضافة إلى مختلف المنشآت السياحية والترفيهية والتجارية، يخلق نوعا من الترابط العضوي بين قضيتي التنمية السياحية والسعودة. كذلك فإن ضخ الأموال للاستثمار في القطاع السياحي يحقق خلق فرص العمل اكثر من أي قطاع إنتاجي آخر مما يؤكد وجود علاقة ارتباط طردي كبير بين التنمية السياحية ورفع نسب تشغيل العمالة السعودية. لكن لا نزال بحاجة إلى استحداث معاهد للسياحة والفندقة بمختلف المدن الرئيسية، كما اننا بحاجة إلى استحداث عشرات البرامج السياحية التي تعمل على تأهيل الشباب السعودي للعمل في الأنشطة السياحية، إضافة إلى تطوير مناهج التعليم لتتواءم مع احتياجات الطلب في القطاع السياحي. وربما يكون تأسيس كلية الأمير سلطان لعلوم السياحة والفندقة هي خطوة هامة وضرورية على الطريق الصحيح للتنمية السياحية والتي سيستفيد منها أكبر عدد ممكن من المنشآت السياحية بالمملكة والدول المجاورة. 3 دور السياحة في دفع التنمية الإقليمية والحضارية والعمرانية: قد تحدث بعض الاختلالات في التوزيع الجغرافي للتنمية بين مختلف أقاليم الدولة لصالح بعض الأقاليم أو بعض المدن، بينما تلعب التنمية السياحية دوراً هاماً في إعادة توزيع الموارد بين مختلف المناطق والمدن بما يحقق التوازن في التنمية على حين تتوزع الموارد الطبيعية والسياحية البكر بين مختلف المدن والقرى وتحتاج إلى دعمها بالمرافق والخدمات التي تساعد على جذب الاستثمارات ومن ثم دفع حركة التنمية إلى الأمام. كما تلعب التنمية السياحية دورها في تحقيق التنمية الحضارية من خلال إقامة المتاحف والمرافق السياحية، ان الانتقال بين مختلف مناطق الدولة والتعرف على آثارها التاريخية ومناطقها الطبيعية وطبيعتها وتضاريسها، إضافة إلى العادات والتقاليد المختلفة وكذلك الملامح المعمارية وطابع البناء المميز والملابس والأثاث المنزلي وأهم الأكلات.. كل ذلك يزيد الترابط العضوي للمواطنين داخل الدولة الواحدة. كذلك تلعب السياحة دوراً كبيراً في الانفتاح الفكري والثقافي على الشعوب والحضارات الأخرى التي يأتي منها السائحون من خلال الاحتكاك المباشر بالسياح في المحلات والأسواق والمراكز التجارية والمنشآت السياحية، بما يؤدي إلى المزيد من التقدم والتنمية الحضارية وزيادة الاهتمام بدراسة وتعلم الكثير عن الآخرين وأساليب التعامل معهم. تلعب التنمية السياحية دوراً هاماً في دعم الاستثمارات السياحية وإقامة المنشآت والمرافق السياحية ومن ثم توطن أعداد من السكان حول المشروعات السياحية وقيام العديد من الخدمات والمتاجر اللازمة لدعم وجذب السائحين مما يحقق أهداف التنمية العمرانية، ومن ثم ينعكس على مختلف جوانب العملية التنموية. هكذا تلعب التنمية السياحية دوراً مهماً في دعم التنمية بمفهومها الشامل خاصة التنمية الاقليمية والحضارية والعمرانية. 4 دور السياحة في رفع مستوى معيشة الأفراد: لقد بلغ الانفاق السياحي العالمي حوالي 448 بليون دولار عام 1997م بدون احتساب أسعار التذاكر والسفر، يضاف إليها أكثر من 3400 بليون دولار لتذاكر السفر بحيث يمثل النشاط السياحي أكثر من 11% من الناتج الاجمالي العالمي. يمثل الانفاق السياحي أحد المصادر الهامة للدخل الوطني في العديد من الدول حيث تؤدي التنمية السياحية إلى زيادة الناتج الوطني الاجمالي وهو ما ينعكس على متوسط دخل الفرد في هذه البلدان. وإذا نظرنا إلى انفاق أي مجموعة من أفراد المجتمع سنجده يمثل دخولاً لمجموعة أخرى من الأفراد.. فالاتفاق على الطعام يمثل دخلاً لأصحاب المطاعم والانفاق على الترفيه يمثل دخلا لأصحاب المراكز الترفيهية وهكذا فإن أي تغير في حجم الانفاق الوطني يؤدي إلى تغير في نفس الاتجاه في الدخل الوطني. لذلك فإن حجم الزيادة في انفاق أي قطاع بالمجتمع يمتد ليحدث زيادة أكبر من حجم ذلك الانفاق، فالسائح ينفق على المبيت والطعام والنقل والترفيه وشراء الهدايا ويمثل انفاق السائح دخلا لصاحب الفندق يدفع منه رواتب الموظفين ويشتري خامات من الموردين وتصبح هذه المبالغ إيرادات للموظفين يشترون بها احتياجاتهم وكذلك للموردين قد يستثمرون جزءا منها ويستهلكون الجزء الباقي وهكذا يعاد دوران الانفاق السياحي داخل الاقتصاد الوطني.. ويمكن تقسيم الانفاق السياحي إلى أربع مجموعات هي: * الإقامة. * النقل الداخلي. * المشتريات والخدمات الأخرى. * الإنفاق الثقافي. أصبح الانفاق الثقافي مهماً جداً حيث بدأ يزداد بصورة كبيرة بالنسبة للانفاق السياحي وهو ما يفرض ضرورة الاهتمام بتطوير مقوماته وبرامجه. ومن المعروف ان كل انفاق يولد دخلا يؤثر على دورات الانفاق في الاقتصاد الوطني وتترابط قطاعات الاقتصاد الوطني في تأثرها بدورات الدخل. لذلك فإن الدخول التي تنتج من الانفاق السياحي لا تستفيد منها المنشآت السياحية فقط ولكن تستفيد منها قطاعات اقتصادية متنوعة. هكذا تلعب التنمية السياحية دوراً حيوياً في تنمية الدخل الوطني وتساعد دراسة القطاع السياحي وحجم وأشكال الانفاق به على المساهمة في تخطيط الاستثمار في المجال السياحي. كما ان معرفة انفاق السائحين من الجنسيات المختلفة على كل عنصر من عناصر الانفاق «الإقامة، الطعام، النقل، المشتريات» يمكن ان يساعد على تخطيط برامج الترويج السياحي بالتركيز على جنسيات معينة أو قطاعات معينة لترويج البرامج السياحية بينها بما يحقق أهداف التنمية السياحية. يتضح مما سبق ان الإنفاق السياحي يؤدي إلى زيادة متوسط دخول الأفراد ومن ثم تحقيق ارتفاع في مستوى المعيشة لكافة السكان سواء العاملين منهم في القطاعات المرتبطة مباشرة بالسياحة أو الذين يعملون في قطاعات غير سياحية لذلك ينعكس التقدم في تحقيق التنمية السياحية على مجمل السكان ومن ثم على مجمل الاقتصاد الوطني.