سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوزارة ليست مسؤولة عن فض المنازعات على الأوقاف أو غيرها! وكيل وزارة الشؤون الإسلامية لشؤون الأوقاف ل :الجزيرة
الاستثمار الحقيقي للأوقاف يتمثل في صرف غلالها في مصارفها الشرعية
أكد سعادة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون الأوقاف الدكتور عبدالرحمن بن سليمان المطرودي على المسؤولية الجماعية لعموم أفراد الأمة في إحياء سنة الوقف في الإسلام امتثالاً لما جاء في الكتاب والسنة من الحث على التعاون والبر والتقوى والتناصح لما فيه خير الأمة ومنفعها. وقال سعادته في حديث ل «الجزيرة»: إن الوقف في الإسلام فيه من السنن التي ندب أفراد المجتمع إلى التناصح فيها لما يتحقق من فوائد كبيرة للأوقاف التي تنفق في أوجه البر والخير المختلفة. وأبان الدكتور عبدالرحمن المطرودي أن وكالة الأوقاف تراعي في أعمالها مصلحة الأوقاف وتحقيق غبطتها والتمكن من رعايتها والعناية بها، كما تناول الحديث مع سعادته جوانب أخرى حول الأوقاف واستثمارها، وغير ذلك من الأمور وفيما يلي نص اللقاء: * احياء سنة الوقف في المجتمع الإسلامي.. هل هي مسؤولية وزارتكم وحدها أم يشترك معها أطراف أخرى، وماذا عملتم لاحياء هذه السنة، وفتح نوافذ تعريفية لأبناء المجتمع عن أوقاف المملكة؟ مسئولية النصح للمسلمين وارشادهم ، مسئولية تقع على عاتق كل فرد في المجتمع المسلم كما جاء في قول الحق جل وعلا: «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر»، فالخطاب هنا لعموم أفراد الأمة وليس خاصاً بأحد دون الآخر، وكما جاء في الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ روي أنه قال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان»، فالتوجيه لعموم أفراد الأمة أيضاً حسب استطاعتهم ومكانتهم وقدرتهم على القيام بأمر المعروف والنهي عن المنكر إذ إن ذلك مراتب وشروط يلزم العمل بها. وانصراف الناس عن سنة من سنن الإسلام مما يندب أفراد المجتمع إلى التناصح فيها لأن المسلم مرآة أخيه المسلم. وتختلف درجات الندب فقد يكون واجباً وقد يكون مستحباً وقد يكون غير ذلك. لهذا أرى أن الواجب يتعين على هذه الوزارة وخاصة المسؤولين في جهاز الوزارة وفي فروعها وعلى الدعاة والخطباء وأئمة المساجد، وذلك بحكم أن ولي الأمر أناط بهذه الوزارة مسؤولية رعاية الأوقاف والعناية بها، ثم على المتعاونين مع هذه الوزارة في جميع أعمالها من دروس وحلقات تعليم ومحاضرات ولقاءات وندوات وملتقيات ومؤتمرات، ثم على علماء الأمة القضاة وأساتذة في التعليم العام والعالي ونحمد الله سبحانه وتعالى أن جعل هذا المجتمع مجتمع الأمة الواحدة دينه الإسلام ومنهجه سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفهمه وفق فهم السلف الصالح، فولاة الأمر فيه آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر ويدعمون كل عمل فيه نصح للأمة وارشاد لها وحفظ لها من الزلل والغفلة والخطاء، ومجالسهم عامرة بذكر الله سبحانه وتعالى من تلاوة لكتاب الله وقراءة في السنة النبوية وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح وأئمة الدعوة إلى الله في قديم الزمان وحديثه. ومن هذا المنطلق فإن المهمة مشتركة، وإن كانت كما أسلفت متدرجة بحسب الاستطاعة في جلب المصالح ودفع المفاسد ودرئها لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح كما هو مقرر عند الأصوليين. والنوافذ التي تطل منها هذه الوزارة على أفراد المجتمع هي وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ومنابر المسا جد، ولهذا فإن على كل وسيلة من هذه الوسائل مهمة يفترض أن تقوم بها وهذه الوزارة مستعدة للتعاون مع كل من يعمل على النصح لاحياء سنة الوقف. * يعمل في الوقف بشرط الواقف إذا لم يخالف نصاً شرعياً، وإن لم يكن هناك شرط معين فإن القائم عليه يجتهد في صرفه في وجوه البر والإحسان.. ما المنهجية التي تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لتطبيق هذا النص الشرعي؟ الوزارة ناظرة على ما تحت يدها من الأوقاف ومن شروط النظارة تنفيذ شرط الواقف كما جاء في الصك الشرعي المثبت لذلك أو حسب الوثيقة الخاصة باثبات الوقفية، فلا يجوز للناظر التصرف إلا وفق ذلك وإن حدث ما يوجب النظر في تعديل شرط الواقف كانقطاع المصرف أو تغير حاله أو غير ذلك من الأحوال، رجع الناظر إلى القاضي للنظر فيما فيه تحقيق المصلحة الشرعية من الأجر للواقف وعموم انتفاع الموقوف عليه وتعدي النفع. ولا يوجد وقف ليس له شرط وإلا لما سمي بوقف ولكن الذي قد يوجد هو عموم شرط الواقف أو عدم تعيين الموقوف عليه أو عدم تحديد المصرف، كأن يكون الوقف على أوجه البر عامة، وهذا هو مجال اجتهاد الناظر وإن كانت هناك قواعد شرعية مقيدة لعموم هذا الشرط فالقواعد الشرعية تبين التدرج في مسائل البر وأوجه الخير فيقدم الأهم على المهم على ما دونه وما تعدى نفعه واستمر على غيره وما كان في ذوي القربى كان أولى مما كان في غيرهم «لأنه صدقة وصلة رحم»، القصد من هذا أن الأمر ليس على اطلاقه بل هناك قواعد شرعية يتم العمل من خلالها. * علمنا أنكم قمتم بحصر شامل للأوقاف في جميع مناطق المملكة، فما النتائج التي خرجتم بها، وما مردود ذلك على الوقف في المملكة؟ الأعمال التي تقوم الوزارة بها تجاه الأوقاف كلها يراعى فيها مصلحة الأوقاف وتحقيق غبطتها والتمكن من رعايتها والعناية بها، وحصر الأوقاف وتسجيلها عامل مهم من العوامل التي يحتكم إليها عند اتخاذ القرر المناسب، فذلك مما يوثق المعلومات أمام متخذ القرار عند دراسة أي موضوع من الموضوعات ذات الصلة بالأوقاف. وقد أعدت الوزارة برنامجاً حاسوبياً يتم من خلاله تسجيل جميع المعلومات عن الأوقاف ومواقعها بموجب الرسومات التوضيحية كروكي كما يتضمن البرنامج نوافذ لمواقع الأوقاف حسب خرائط المسح الجوي، وصور فوتوغرافية ومعلومات أخرى، نأمل أن تعود بالنفع على الأوقاف وغبطتها وحسن إدارتها وتنميتها ومتابعة كافة شؤونها قياماً بالواجب وأداء للأمانة. نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ما تحملنا من أمانة، وقد تم حتى الآن إدخال معلومات عن الأوقاف بمكةالمكرمة، جدة، المدينةالمنورة، الطائف، الباحة والرياض. بلغ عدد الاستبانات التي تم إدخالها ومعالجتها 4583 وقفاً، ويجري استكمال بقية المناطق، فيتم الآن الحصر والتسجيل والتبتير وإعداد الرسوم التوضيحية لكل من منطقةعسير، جازان، محافظة القنفذة والكامل، وأماكن أخرى. * استثمار الأوقاف من أهم الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها وزارة الشؤون الإسلامية ممثلة في وكالة الأوقاف.. فماذا تحقق بهذا الخصوص، وما المعوقات التي تواجهكم لتحقيق هذا الهدف؟ الاستثمار الحقيقي للأوقاف يتمثل في صرف غلالها في مصارفها الشرعية وهذا ما تحرص عليه الوزارة في المقام الأول، أما ما تقوم به الوزارة من تنمية للأوقاف فإنه يتمثل في أنواع متعددة من مجالات التنمية الاستثمارية منها تأجير أعيان الأوقاف، ومنها بناء مشروعات استثمارية على أراضي الأوقاف، ومنها عقود الاستثمار طويلة الأجل أما التنمية المالية فتتم في الفائض من غلال الأوقاف إلى حين يتبين مصرفها، وكذلك الغلال التي انقطع مصرفها أو توقف فتتم تنميتها حتى ينتهي النظر في ذلك، وتعويضات رقاب بعض الأوقاف التي أزيلت للصالح العام حتى يتم شراء البديل، أو تعويضاتها قليلة لا تقوى على إيجاد البديل الشرعي بمفردها، وهذا كله يتم بشكل مؤقت لأن الأصل في الأوقاف صرف غلالها في مصارفها الشرعية وإيجاد البديل الشرعي للأعيان التي تزال للصالح العام أو تباع لتعطل منافعها. وهذه الوزارة تسعى حثيثاً وتبذل كل ما في وسعها لتنمية الأوقاف وفقاً للوجه الشرعي وبما يحقق الغبطة والمصلحة لها وقد وفقت الوزارة في توقيع مجموعة من عقود الاستثمار ومنها وقف الشحومي في مكةالمكرمة، ورباط درويش، ووقف بستان مطر، ورباط اسكندر، وأربعة عشر عقداً في مدينة جدة، وفي المدينةالمنورة وقعت العديد من العقود وفي جميع المناطق تم تأجير عدد كبير من الأوقاف. * هناك تفاوت كبير في عدد الأوقاف في مناطق المملكة المختلفة، إلى ماذا ترجعون سبب هذا الاختلاف وما هي خطتكم لتفعيل الأوقاف في بعض المناطق؟ من عناصر المعرفة المكونة لثقافة المجتمعات البشرية أن كل منشط أو عمل فيها هو انعكاس لحاجة ذلك المجتمع، فما يتم من أعمال ومناشط وسلوك بشري في المجتمعات الإنسانية هو من باب سد الحاجة. واعتقد أن مصارف الأوقاف مما يتأثر بهذا المفهوم لهذا فحين ترى الأوقاف وقد كثرت على أمر من الأمور تدرك أن هذا الأمر يحتاج إليه المجتمع وقد تكون تلك الحاجة ظاهرة وقد تكون غير ظاهرة. فالأوقاف إذاً تصوير لواقع الحاجة الفعلية في زمن الواقف، وعلى سبيل المثال لا الحصر فلو نظرت إلى الأوقاف القديمة في مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة لوجدت أوقافاً كثيرة على المسجد الحرام في مكةالمكرمة، والمسجد النبوي في المدينةالمنورة، وكذا على سكن الحجاج والمعتمرين والغرباء من طلبة العلم فيهما، وهذه كانت مظان الحاجة أما وقد من الله سبحانه وتعالى على هذين الحرمين بولاة أمر يبذلون في خدمتهما كل غال ونفيس فلا شك أن الحاجة إلى ذلك الوقف في نظر الناس لن تكون كما كانت بينما تجد في منطقة أخرى أن الأوقاف تكثر على الذرية وهذه مما يصعب ظهورها للناس لأن النظارة عليها ليست للوزارة وإنما لمن يعينه الواقف أو الحاكم الشرعي ولهذا فمعرفتها قد لا تكون ممكنة إلا في نطاق ضيق كما تجد في منطقة أخرى الأوقاف قد كثرت على عابري السبيل أو على سراج المسجد أو على السقيا وغير ذلك كثير ولهذا فإن التفاوت ليس في العدد وإنما في ظهور المصارف من عدمه. * لا يزال البعض غير واثق ومتردد في إيقاف بعض أملاكه وتسليمها للوزارة وذلك لأسباب منها عدم الثقة في تنفيذ الوقف المطلوب وفق طلب الواقف فما تعليقكم على ذلك؟ مسؤولية الوزارة تنحصر في القيام بما وكل إليها ولي الأمر مهمة القيام به من الإشراف على الأوقاف على الوجه الشرعي الذي يرضي الله سبحانه وتعالى ثم ولاة الأمر أو ما يعينها الواقف ناظرة عليه وهو كثير، ومن حق الواقف أن يتابع ويسأل الجهة التي تنفذ شرطه فإن رأى منها قصوراً طالبها بتلافي ذلك القصور فإن لم تستجب أو لم تستطع حق له طلب فسخ نظارتها. والثقة لا تبنى على عدم إحسان الظن والصدق والتواصل والصراحة بين الناس والإخلاص في العمل وإتقانه ومتابعته. فالثقة لا تقوم على تصديق أقاويل وأوهام يتناقلها الناس دون تمحيص لها. وهذه الوزارة على أتم الاستعداد لعرض ما بين يديها عن الأوقاف وإعلانه لكل من يسأل عنه. * ناقش مجلس الشورى في إحدى جلساته موضوع الأوقاف في المملكة، واقترح ايجاد مؤسسة عامة للأوقاف.. فما رأي سعادتكم بهذا التوجه؟ بناء على توجيهات ولاة الأمر فإن جميع مؤسسات الدولة تسعى حثيثا إلى الوصول إلى أعلى درجات الكمال المطلق والتكامل فيما بينها. ومجلس الشورى من خلال جميع الأعمال التي أوصى بها يسعى دوماً إلى أن يقدم بين يدي ولي الأمر من النصح والرأي. والمقترح ما يسمو بأعمال الأجهزة الحكومية ونظمها ومتى ما ثبت ما تناقلته الصحف من أن مجلس الشورى يدرس اقتراحاً بإيجاد مؤسسة عامة للأوقاف أو أوصى بدراسة ذلك الاقتراح فإنه يقع في الإطار الذي ذكرته سابقاً من كونه يسعى إلى أن يقدم بين يدي ولي الأمر ما يرى أن فيه تطويراً لأعمال الأجهزة الحكومية، ونظمها ولا شك أن هذا المقترح سيخضع لدراسة ومناقشة مستفيضة من قبل أعضاء المجلس تراعى فيها الجوانب المتعلقة بالوقف الشرعية والتنظيمية، ولن يصدر بهذا المقترح توصية معينة إلا وقد استوفي بحثاً ودراسة ومناقشة ونسأل الله أن يكتب ما فيه الخير. * يتم الإعلان بين الحين والآخر عن قيام الوزارة بتسليم مبالغ مالية كبيرة مكافأة للمبلغين عن الأوقاف المجهولة، ما الضوابط التي يتم على ضوئها صرف تلك المكافآت؟ التعاون على البر والتقوى مطلب شرعي بين المسلمين امتثالاً لقول الحق جل وعلا: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، والاخبار عن الأوقاف المجهولة تعاون على البر والتقوى بل أمانة في عنق من يعلم ذلك فالابلاغ في أصله واجب شرعي والناس يقومون به من هذا الجانب وما يصرف لهم من مكافأة ما هو إلا من باب التشجيع على عمل الخير، ومن ضوابط استحقاق المكافأة جهالة الوزارة بالوقف المبلغ عنه، وكذا ثبوت الوقفية بالوجه الشرعي. * انتشرت في الآونة الأخيرة المشكلات الأسرية بسبب الوقف العائلي، أو ما يسمى «السبيل»، وأصبح المستفيد الأول منه هم الأغنياء والقائمون عليه، أما المحتاجون من تلك الأسر لا ينالون شيئاً منه.. أليس هناك توجه من الوزارة للتدخل في قضايا الأوقاف العائلية حسماً للمشكلات؟ يظهر من السؤال أن المقصود الأوقاف على الذرية، والوزارة ليست مسؤولة عن فض المنازعات على الأوقاف أو غيرها، وإنما مرجع ذلك المحاكم الشرعية، ومن واقع المتابعة الشخصية يلحظ أن بعض الخلافات العائلية منشؤها أحياناً حسن الظن من الواقف أو الموصي فلم يضع طريقاً وأسلوباً واضحاً في النظارة وانتقالها وما يجب أن يكون عليه الناظر من حسن الإدارة والمتابعة للوقف، وكذا تخصيص مكافأة لقاء نظارته، مما يفتح باب الاختلاف في وجهات النظر، وكذا مصرف غلة الوقف وكلما كان ممدداً وموصفاً بوصف دقيق لا يتطرق إليه الشك أو الاحتمال كان أدعى للبعد عن الاختلاف بشأنه، وكذا ما قد يفوت على بعض الناس من وجود الجنف في وصاياهم مما يجعل هناك مجالاً لاختلاف وجهات نظر الورثة ولجوئهم إلى القضاء أحياناً لإزالة الجنف في حق بعض الورثة.