رضي الله عنه.. ابن عم رسول الله. ولد بالشعب الذي حوصر فيه بنو هاشم عندما قاطعتهم قريش؛ فلا يبتاعون منهم ولا يبيعون عليهم لأنهم رهط رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبوا صحيفة بذلك علقوها بالكعبة فلما اشتد الامر ببني هاشم قام بعض عقلاء قريش باستنكار ذلك وذهبوا لتمزيق تلك الصحيفة.. فوجدوا الأرضة قد سبقتهم إليها وأكلتها. هو حبر الأمة.. وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم علمه الحكمة وحسن التأويل».. وقد نشأ نشأة الصالحين المدركين الواعين.. وأصبح قطب العلم والتفسير. كان أبيض، وسيماً، طويلاً، كامل الجسم، مفوّهاً عندما يخطب وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدمه.. فيحتج بعض الصحابة.. فيقول عمر رضي الله عنه: ذاكم فتى الكهول.. إن له لساناً سؤولاً.. وقلباً عقولاً.. وقال له عمر مرة: «لقد علمت علماً ما علمناه».. ومن مزاياه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وأبوه العباس وجلسا فلم يهتم الرسول بالعباس كالعادة وخرجا. فقال العباس لابنه: «أرأيت ابن عمك لم يهتم بي كالعادة؟».. قال عبدالله لأبيه: «كان لديه رجل يكلمه».. ولم يكن العباس قد رأى أحداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال لعبد الله أوقد رأيته؟ قال نعم.. قال: ذاك جبريل كان يحادثني.. فكان ينصحه أبوه ويقول: أرى عمر يدنيك.. فاحفظ مني ثلاثاً، لا تفشين له سراً ولا تغتابنّ عنده أحداً ولا يجرّبن عليك كذباً. وقال عنه مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت اجمل الناس.. فاذا نطق قلت أفصح الناس.. فاذا تحدث قلت أعلم الناس.. وكان ذا رأي نافذ ومشورة صائبة وقد نصح عليّاً رضي الله عنه بأن لا يولي أبا موسى مهمة التحكيم.. وقال: إن معه، يقصد «عمرو بن العاص الذي كان ممثلاً لمعاوية».. رجلاً حذراً مرساً قارحاً من الرجال فلزني إلى جنبه فإنه لا يحل عقدة الا عقدتها.ولا يعقد عقدة الا حللتها.. لكنه لم يأخذ برأيه.. وكان ما كان. صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل ثلاثين شهراً واخذ من كبار الصحابة واخذ منه الكثيرون وروى عنه كثير من التابعين ومات رضي الله عنه بالطائف.. وتواترت أحاديث عنه أن طائراً أبيض جاء من قِبَل وادي وج وهو محمول على النعش فدخل في كفنه فلم يُرَ بعد ذلك وأُوِّل ذلك بأنه علمه. وكان رضي الله عنه قوّاماً لليل صوّاماً. وسئل: لماذا يصوم الاثنين والخميس قال: «لأنه ترفع فيهما أعمال العباد فأحب ان يرفع عملي وأنا صائم». وكان له سمة في وجهه وتحت مصادر عينيه من البكاء.. وكان يقول.. ذهب الناس وبقي النسناس.. قيل ما النسناس قال: الذين يشبهون الناس وليسوا بالناس.. إذا كان يقول هذا في ذلك الزمان الأفضل، فكيف بنا في زماننا!! مات رحمه الله وقد تجاوز السبعين.