ويُتوفَّى الشيخ محمد عبده، مفتي الديار المصرية وذلك سنة 1905م، ومما اشتهر به رحمه الله ملكاته الغنية في تفسير القرآن الكريم، كما اشتهر معه في ذلك تلميذه رشيد رضا، يقول شوقي مخاطباً الشيخ الامام )3/41(: مفسر آي الله بالأمس بيننا قم اليوم فسر للورى آية الموت ويعدُّ )رياض باشا( في مصر أحد الشخصيات الكبيرة التي ارتبطت بها مجموعة من أحداث التاريخ المصري ورثاه شوقي فقال: )3/42(: مماتٌ في المواكب، أم حياةُ ونعشٌ في المناكب، أم عظاتُ ويومُك في البريَّة، أم قيامٌ وموكبك الأدلة والشياتُ )رياضُ( طويتَ قرناً ما طوته مع )المأمون(: دجلةُ والفراتُ فقمت عليه تجربةً وخُبْراً ومدرسةُ الرجالِ التجرباتُ فهلاَّ قمتَ في النادي خطيباً لك الكلمُ الكبارُ الخالداتُ وفي رثاء )عثمان باشا غالب( الذي توفي سنة 1920م قال )3/49(: ضجت لمصرع غالبٍ في الأرض مملكة النَّبات قامت على ساقٍ لغيْ بته، وأقعدت الجهاتِ عثمانُ قم ترَ آيَةً الله أحيا المومياتِ ويقول في رثاء المغني )عبدالحي( المتوفى سنة 1912م )3/52(: مختتما القصيدة التي رثاه بها: قم غن ولدان الجنان، وحُورَها وابعثْ صداك فكلُّنا أرواحُ وفي رثاء )محمد ثابت باشا( المتوفَّى سنة 1901م )3/53(: قم، فحدّث عن السنين الخوالي وفتوحِ المملَّكين الصَّيدِ وفي أحد زعماء مصر المشاهير المتوفى سنة )1920م( )محمد فريد بك( قال: 3/55(: كل حيّ على المنية غادِ تتوالى الركابُ، والموتُ حادِ هل ترى كالتراب أحسنَ عدلاً وقياماً على حقوق العبادِ! قم إن اسطعت من سريرك، وانظر سرَّ ذاك اللواء في الأجنادِ وحين فقد الدكتور محمد حسين هيكل ابنه الوحيد سنة 1935م عزّاه شوقي بقصيدة مطلعها: )3/59( الضلوعُ تتقدُ والدموع تطَّردُ إلى أن يقول: )هيكلُ( النقاءِ له من مدامع عَمَدُ قامت النُّعوشُ على جانبيْه والوُسُدُ وكان عبد الخالق ثروت باشا من الزعماء المصريين الأفذاذ ، مات بفرنسا سنة )1928م(، وكان شوقي من أصدقائه الحميمين، فرثاه بمطولة )3/62( بدأها بقوله: يموت في الغاب، أوفي غيره الأسدُ كل البلاد وسادٌ حينٌ تُتَّسدُ نعَى الغمامَ الى الوادي وساكنِه برقٌ تمايل منه السهلُ والجلَدُ قام الرجال حيارى، منصتين له حتى إذا هدَّ من آمالهم قعدوا وقال في )عبد العزيز جاويش( حين مات سنة 1929م )3/66(: ثلاثُ عقائدَ في حفرةٍ تدك الجبال وتوهي الحديدْ قعدن فكنَّ الأساس المتينَ وقام عليها البناء المشيدْ وهكذا نلحظ أن القيام والوقوف شغلاَ حيزاً كبيراً من قصائد الرثاء عند الشاعر، فلم تكد تخلو منهما قصيدة واحدة من مراثيه، وذلك كما رأينا في النماذج السابقة، وما نجده فيما نتابعه معاً في القصائد اللاحقات. ففي تعزيته لصديقه )حامد بك مصطفى خلوصي( في والده الأميرالاي مصطفى، يقول: )3/69(: كأس من الدنيا تدارْ من ذاقها خلع العذارْ الليل قوّامٌ بها فإذا ونَى قام النهارْ ويموت قاسم أمين سنة 1909م فيرثيه شوقي بقصيدة منها )3/76(. تشري الممالكُ بالدم استقلالَها قوموا اشتروه بفضةٍ ونضارِ هاتوا )ابن ساعدةٍ( يؤبّن )قاسماً( وخذوا المراثي فيه من )بشَّارِ( ولم تقتصر دعوته الى الوقوف والقيام على مراثي المسلمين أو العرب او المصريين فقط، بل شملت كل عظيم، وربما كل من رثاهم شوقي فهو يقول في مرثيته لتولستوي الفيلسوف الروسي الشهير، )3/80( توفي سنة 1910م: تولوستويُ، تُجري آية العلم دمعَها عليك ويبكي بائس وفقيرُ قم، انظرْ، وأنت المالئُ الأرض حكمةً أأجدى نظيمٌ أم أفاد نثيرُ وفيها يقول أيضاً: وقام مقام الفرد في كل أمةٍ على الحكم جمٌّ يستبدُّ غفيرُ وفي مرثيته لواحد من علماء القانون في مصر، )وهو عمر بك لطفي توفي سنة 1911م( )3/83( يقول: قفوا بالقبور نسائلْ عمرْ متى كانت الأرضُ مثوى القمرْ سلوا الأرض: هل زيِّنتْ للعليمِ وهل أُرِّجتْ كالجنان: الحُفَرْ وهل قام )رضوان( من خلفها يلاقي الرضيَّ النقيَّ، الأَبَرّْ فقمتَ الى حفرة هيئت وقمتُ الى مثلها تحتفرْ إنها وقفة على القبور، لا على الأطلال ومساءلةٌ للحفر وساكنيها، لا للربوع التي لا أحد فيها، وفرقٌ بين وقفة ووقفة، ومساءلة ومساءلة، وان اشتركا في الوحشة والكآبة والاغتراب والاقتفار والاقتصار!