تحرص حكومتنا الرشيدة أيدها الله وأبقاها على الحفاظ على الضرورات الخمس التي جاءت بها الشريعة الإسلامية: «الدين والنفس والعرض والعقل والمال». ومن منطلق الاهتمام الديني والسياسي والأمني بل الاهتمام الدولي في هذا الجانب صدرت توجيهات صاحب السمو الملكي وزير الداخلية السعودي في كلمته التي ألقاها أثناء افتتاح سموه المؤتمر الثامن لمديري المرور بالمملكة في بداية شهر رجب لعام 1407ه الذي وجه سموه دعوته للجميع بالوقوف وقفة واحدة ضد أضرار المخدرات. ويؤكد سموه في ميدان عمله الذي لا ينضب بدور المواطن السعودي بقوله « وحق الوطن على المواطن، أن يكون المواطن غيوراً على صورة بلاده ومجتمعه.. وأن يحافظ على سمعتها.. وأن ينأى بنفسه عن أن يكون سلاحاً في أيدي عصابات الجريمة الدولية تلك التي تنتج وتهرب المخدرات من أجل تدمير الفرد والأسرة والمجتمع..». فالمملكة إذن وهي تحمل رسالة الإسلام وتحكم بشريعته في جميع شؤونها تنبذ وبشدة المخدرات، فسارعت إلى وضع مشكلة انتشارها على الرئاسة العامة لادارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والارشاد وهيئة كبار العلماء. وكان الرد والموقف الديني الشرعي الموسوم برقم 1852/2 في 2/7/1407ه وقرار مجلس كبار هيئة العلماء رقم 138 في 12/6/1407ه بتحديد العقوبة الرادعة لمن يقوم بنشر المخدرات واشاعتها وتهريبها وترويجها. فكان هذا هو الأساس الديني الذي صدر بموجبه الأمر السامي، المبلغ لكل من وزارة العدل ووزارة الداخلية رقم 4/ب/9666 في 10/7/1407ه القاضي بتحديد عقوبة المهربين والمروجين للمخدرات. الأمر الذي يؤكده المسؤولون في الادارة العامة لمكافحة المخدرات انخفاض دخول المخدرات الى المملكة. فوزارة الداخلية وهي تتقدم في المسؤولية والجهد المضني في قضايا الأمن العام بوضع منطلقات أمنية ثابتة ومن خلال أجهزتها الأمنية المتعددة )كحرس الحدود، مصلحة الجمارك، الادارة العامة لمكافحة المخدرات وغيرها» تدعمها وزارات وادارات حكومية أخرى كمصلحة الجمارك العامة، وزارة الإعلام من خلال النشر والتوعية الإعلامية، وزارة الصحة من خلال المراكز الصحية ومستشفيات الأمل التأهيل النفسي، الحرس الوطني وغيرها، وذلك للقيام ببرامج الوقاية الوطنية من المخدرات. وبمناسبة اليوم العالمي الرابع عشر لمكافحة المخدرات وهي احدى المناسبات الصحية والتوعوية والاعلامية لتؤكد للجميع على أهمية العمل الدؤوب دون ملل أو كلل كل ذلك لاضرارها الروحية والعقلية والجسدية على الفرد المتعاطي الذي ينعكس على المجتمع ككل، والأخطر اثارها ونتائجها التي تستهدف عقيدة الانسان المسلم. فالمخدرات باتفاق العلماء والمفكرين والأطباء والمتخصصين والمسؤولين رغم اختلاف مذاهبهم واعتقاداتهم تعتبر آفة وغزوا جديدا وقضية خطيرة جداً وبالتالي يكون التصدي لها إلزامياً على كل فرد ودولة. ونظرة سريعة ومختصرة تقوم المملكة بأدوار متنوعة منها: التعريف والتثقيف وتوعية المجتمع باضرار المخدرات بالتنسيق مع الأجهزة الاعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية واقامة المعارض وتوزيع الكتيبات الارشادية والتوجيهية والمقالات التوعوية ايماناً بالدور الاعلامي الأمني وعدم ترك المواطن وحده لا يفقه ماذا يدور حوله من أخطار عصرية متوقعة تحقيقاً لمبدأ الوقاية. بالاضافة الى اقامة الندوات بأخطار المخدرات على الشباب ودعوة ومشاركة عدد من الأساتذة المتخصصين والأطباء والمسؤولين من مختلف الادارات والمؤسسات الحكومية والتعليمية لأهمية الدمج بين العلوم الأمنية والعلوم الأخرى النفسية والاجتماعية والاعلامية وغيرها. كما أن مسابقة اللجنة الوطنية إحدى الوسائل العلمية لمكافحة المخدرات. والعنصر النسائي يقوم بتنظيم وتنفيذ عدد من الدورات النسائية لتوعية المعلمات بأضرار المخدرات ليقمن بدورهن بتلقين طالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية ومحو الأمية، فضلاً عن دورات المعلمات والموجهات التربويات والبرامج الاذاعية والتلفزيونية توضح أضرار المخدرات على الفرد والمجتمع وكيفية الابلاغ عن مروجي المخدرات التي تهدف الى تبصير بالأخطار المحدقة من آفة المخدرات. كما تقوم بتنظيم حملات اعلامية توعوية والتي تهدف الى تثقيف الشباب بأخطار المخدرات واشراك جهات حكومية وغير حكومية في برامجها ومطبوعاتها ونشراتها وكتيباتها والتي خرجت بانطباع جيد جداً من قبل المقيمين والمواطنين. ولم تقف المملكة عند هذا الحد فقد تبنت برنامج «الرعاية اللاحقة » وربما هو الأول من نوعه في العالم العربي، وهو المكمل للعملية العلاجية والوسيلة العلمية لتوجيه المتعافي وارشاده ومساعدته على سد احتياجاته ومعاونته على الاستقرار في حياته والاندماج والتكيف والتوافق مع المجتمع وهي بالمقابل امتداد لعملية العلاج وتتم في البيئة الطبيعية. حيث تشير الاحصائيات عما حققه البرنامج تعافي أكثر من 2183 متعافى في المملكة، الأمر الذي جعل التنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتعيين وتوظيف بعض المتعافين في مجال الخدمة الاجتماعية وكذلك في وزارة الصحة للعمل في مستشفى الأمل في الرياضوجدة والدمام والقصيم. والجدير بالايضاح أن بعض دول الخليج استعانوا بمجموعة من هؤلاء المتعافين للاستفادة من عملهم كمرشدين يعملون في مجال علاج المدمنين من المخدرات. فالمملكة وهي تقوم بمثل هذه الأدوار لم تغفل حتى في أهدافها العامة والأسس الاستراتيجية لخطة التنمية السابعة 2000/2004م أمر الدفاع عن الوطن من الجريمة بأنواعها حيث جاء الهدف العام الثاني: «الدفاع عن الدين والوطن، والمحافظة على الأمن والاستقرار الاجتماعي للبلاد.. « والأساس الاستراتيجي الأول» في تدعيم وجود نظام دفاعي وأمني واق..» وهذا دليل يؤكد للجميع على الحرص المستمر على مكافحة الجريمة ومن أبرزها المخدرات. ومن جانب آخر لم تغفل المملكة التعاون والتنسيق الخارجي حيث يؤكد اللواء سلطان الحارثي مدير الادارة العامة لمكافحة المخدرات أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات انه لم يقتصر «التعاون بين الادارة والأجهزة الوطنية المحلية المعنية بالمشكلة بل يمتد بين الادارات والأجهزة المناظرة لها في الدول العربية والأجنبية فضلاً عن التعاون بين الادارات والمنظمات الاقليمية والدولية». وطبيعي لما تقدمه المملكة من عمل مشرف ان جاء تقرير هيئة الأممالمتحدة الصادرة لعام 1997م بان المملكة «ثالث أقوى دولة في العالم في مجال مكافحة المخدرات ومن الدول التي يصعب اختراقها» وبعده استلام المملكة الجائزة الدولية من برنامج الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات تقدير من المجتمع الدولي لجهد المملكة واعترافه بمقدرتها وهذا دليل آخر على ما تقوم به مملكتنا الحبيبة في ظل قيادتها الحكيمة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين. هذه المناسبة الطيبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات يجب أن نثمن دور وزارة الداخلية والقائمين والعاملين فيها الذي لا يمكن وصفه في مقال. والله تعالى أسأل أن يوفق الجميع وأن يحفظنا جميعاً من المخدرات.