ناقشت في المقالة السابقة حيثيات واهمية تفعيل دور مصلحة الإحصاءات العامة، وضرورة العمل في ايجاد حل عاجل لمشكلة التعداد السكاني لدينا، أما هذه المقالة فتتكون من جزءين، يحتوي أولهما على استعراض مختصر لمقالة علمية باللغة الانجليزية يتمحور موضوعها حول أفضل الحلول لمشكلة العزوف عن المشاركة في التعدادات السكانية في المجتمعات النامية، بينما يشتمل الجزء المتبقي من المقالة على عرض موجز لمبررات تفعيل دور مصلحة الإحصاء خارجيا.. ففي مقالتهما المعنونة ب)تسويق التعداد السكاني: نحو سياسة اجتماعية: Marketinq the Census: toward a social policy(، يقترح مؤلفا هذه المقالة الأخذ باستراتيجية ما سمياه )بيع التعداد السكاني selling the Census( وذلك عن طريق تسخير آليات ما يعرف علميا ب«التسويق الاجتماعي» الذي هو بالاختصار الشديد تسليع )للفكرة( المراد تعميمها، وتطبيق لمبادئ التسويق والدعاية والإعلان عليها بوصفها بضاعة قابلة للاستهلاك من قبل الزبون )المواطن(. بعبارة أخرى يتمثل الهدف الرئيس من التسويق الاجتماعي في )بيع الفكرة( من خلال ضخ المعلومات المطعمة بالايحاء، والمكسوة بالإغراء، والموجهة اشتقاقا من واقع الجماعات المستهدفة بالتغيير، على أن تصبح هنا الجهة المسؤولة عن التعداد على سبيل المثال وكالة تجارية )تقمصا(، والخطاب الاعلامي إعلاناً ودعاية، والمواطن زبونا، ونموذج التعداد )شكلا ومضمونا( بضاعة معروضة في )الحراج النفسي( للمواطن العازف عنها، انبثاقا من معرفة وثيقة بطرائق تفكير وظروف هذا المستهلك.. المواطن. أما فيما يخص الدور الخارجي المقترح لمصلحة الأحصاء، فهناك من المبررات ما يحتم ضرورة تأسيس هذا الدور استدلالا بأن الظروف )الرقمية( في الداخل هي ذات الظروف في الخارج الأمر الذي يتطلب من ضمن ما يتطلب إعادة صياغة أهداف ومسؤوليات هذه المصلحة حسب المستجدات الزمنية، فمنحها من التأهيل ما يؤهلها الاضطلاع بأعباء تعويض نقص المعلومة الرقمية )عنا( عالميا، والحد من تناقضات المتوافر منها، بل تعويض فشل المراكز البحثية المحلية في القيام بأدوارها الوطنية المنوطة بها، فمن الثابت أن ثمة علاقة تأثر وتأثير بين مستجدات الداخل، وما يستجد في الخارج اقتصاديا وعلميا واستثماريا.. ومن نافلة القول: إن الرقم الصحيح الصادق جدير بخلق الثقة الصادقة تخطيطا واستيرادا وتصديرا واستثمارا وخلافها. بل إن في تفعيل دور المصلحة خارجيا، حماية وحفاظاً على صورتنا الخارجية في القولبة والتشويه، فليس من المعقول أبدا أن يترك المجال مفتوحا للمنظمات الأجنبية ذات الأدوار المشبوهة لكي تضطلع )بتعبئة( النماذج المعلوماتية عنا بالنيابة عنا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا..، وما عليكم سوى استعراض تقارير التنمية البشرية الصادرة دوريا عن برامج الأممالمتحدة الإنمائية لادراك اهمية المثل الذي نصه: )ما حك جلدك مثل ظفرك(، وبالفعل )فنحن( الوسيلة الوحيدة القادرة على توصيل المعلومة الصحيحة عن واقعنا، خصوصا أن مقاييس ومؤشرات التقييم والتقويم المتفق عليها دوليا تحوي معلومات بالغة الدقة والخصوصية، مما يوجب علينا تقديمها بأنفسنا بدلا من تركها عرضة للتخمين أو الاستغلال أو التجاهل..، فعدم توافر المعلومة الرقمية المناسبة قاد ويقود في الغالب الى )الفبركة( أو ترك النماذج الخاصة بنا خالية الوفاض )رقميا!(. في الختام، من منكم لديه المعلومة الرقمية الصحيحة عن المؤشرات التنموية التالية )المألوفة عالمياً!(: عدد وفيات الاطفال الرضع لكل ألف مولود في مجتمعنا..، الكثافة السكانية في الكيلو متر المربع،.. عدد سكان الريف الى مجموع السكان..، نصيب استهلاك الفرد من الطاقة..، كمية ونوعية الحيازة والتفاعل مع وسائل المعلومات والاتصال المخلتفة..، عدد نسخ الصحف اليومية )لكل ألف نسمة(..، بل ما هو ترتيبنا )التنموي( عالميا حسب آخر دليل للتنمية البشرية، وهل لنا أي )ترتيب تنموي( حسب المؤشرات الإجرائية المخترعة حديثا لقياس ما يعرف ب)تمكين المرأة( تنمويا..؟! Pillai, V * T. Barton. )1992(. Marketinq The Census: Toward A Social Strategy. International Review Of Modern Sociology, Vol 22 )Spring(: Pp 5564 ص.ب 454 رمز 11351 الرياض