عندما غادر صاحب السمو الملكي الأمير الجليل نايف بن عبدالعزيز أرض الوطن في الشهر الماضي متجهاً إلى الولاياتالمتحدة خفقت قلوب محبّة كثيرة قلقاً، وتقلبت نفوس مقدِّرة ليست بقليلة أرقاً مما قد يكون الحامل على هذه الرحلة المفاجئة إلى بوسطن مدينة الطب الشهيرة هناك من شؤون صحية وشجون جسمية، ولكن هذه القلوب والنفوس ما لبثت أن هدأت واطمأنت إلى أن الأمر لم يكن يعدو فحوصاً طبية روتينية، فحمد الجميع الله حينئذٍ على أن يسر ما ظنناه عسيراً، وعلى أن أكرم أميراً إنساناً يتصف كما يشهد بذلك القاصي والداني بأفضل الشمائل وأرقى الصفات وأسمى الخصال، ويُعرف بأنه أقيل الناس للناس من عثرات، وأنه من أوسعهم عطفاً وأغزرهم لطفاً وأعمقهم وداً وأصفاهم نفساً. أكرم أميراً إنساناً كريم المحتد حمل في جوانحه إرثاً أصيلاً وأصلاً كريماً وإلى جانبهما نماذج راقية من المعاني الانسانية وأمثلة حيّة من قيم المروءة، وتميّزت ذاته بالنقاء والشفافية، واتسمت توجهاته بالاندفاع في خدمة الشأن العام على الصعد المحلية والاقليمية والعالمية، وليس إشرافه العادل السمح على وزارة من أهم وزارات الدولة وعلى العديد من اللجان المختلفة الفعّالة، وليس نهوضه بالكثير من المهمات التي تصب بنشاط وديناميكية في حقول خدمة مواطني هذا البلد الطيب، وليست مسؤوليته أيضاً عن الدعم المالي للانتفاضة الفلسطينية وحرصه الشديد على أن يصل إلى أيدي مستحقيه وحدهم فعلاً، وليس إنشاؤه كذلك الكراسي العلمية في الجامعات العالمية لخدمة الإسلام والمسلمين، وليست أعماله الأخرى مما نعلم و مما لا نعلم، سوى آثار باقية تشهد على مآثر سموه وعلى سمو أفعاله وصدق أقواله ورصانة تصرفاته وجدواها وجميل أثرها على الخاصة والعامة. لا يسعنا إلا أن نحمد الله ونثني عليه ونشكره أن منَّ علينا بعودة سموه إلى أرض الوطن متمتعاً بالصحة والعافية، ومتزوّداً بشحنة إيمانية جديدة تحمله على المزيد من الأعمال الجليلة النافعة، وتهدي إليه باقة ورد من المحبة العميقة الشاملة، وتطوّق جيده بقلادة من ود الناس، وتحوطه بفيض من الدعوات الصادقات الخالصات التي تسيل بحرارة وتتدفق بإخلاص من قلوب محبة على ألسنة ودودة وبأقلام تمجِّد العمل الصادق وحده ولذاته وتثني على أربابه ممن يجلس على قمة هرمهم مع الجالسين صاحب السمو الملكي الأمير نايف سدد الله خطاه وأمده بحسن توفيقه ورعاه. بالأمس ودّعناك تزمع رحلة قصد العلاج وكلنا متكدر واليوم عدت بصحة موفورة والكل منّا ضاحك مستبشر فالحمد لله الذي آلاؤه ليست تُعد وفضله لا يُحصر الحمد لله على السلامة يا طويل العمر