الوثائق الشرعية مصدر مهم من مصادر البحث التاريخي ولا يمكن ان يستغني عنه باحث في تاريخ شبه الجزيرة العربية، كما أن الوثائق تتيح للباحث موضوعية في طرح الحقائق، وطمأنينة في الوصول الى النتائج . وأتحدث اليوم عن وثيقة تتضمن رسالة من الإمام سعود بن فيصل الى فرحان بن خير الله أرسلها سنة 1287ه وتتضمن إقامة أولاد الشيخ عبد اللطيف بن مبارك بن علي المالكي الأحسائي في مساجد ومدارس والدهم وجدهم. وقد تضمنت الوثيقة معلومات مهمة للباحثين منها: أولاً عناية حكام الدولة السعودية الثانية بالعلم وأهله، واعطاء الناس حقوقهم،ولا عجب في ذلك فقد ساروا على نهج أسلافهم من حكام الدولة السعودية الأولى حيث أشار العلامة حسين بن غنام الأحسائي في معرض حديثه عن الإمام سعود بن عبد العزيز في القصيدة الطائية الى ما قام به الإمام سعود تجاه العلماء في الأحساء فقال: وقرر أرباب الوظائف كلهم وما شاهدوا في كل أوقافهم هبطا مدارسهم معمورة بعلومهم وما ثبطوا عن نشر أحكامهم ثبطا وما أبطلت أحكامهم غير ما أتى بإبطاله الشرع الشريف وما أخطا ثانيا أشارت الوثيقة الى ثلاث مدارس لآل مبارك في الاحساء وهي مدرسة السويق وهي مدرسة علمية بنيت للعلامة عبد اللطيف بن مبارك وظل مدرسا فيها الى أن توفي. وأشارت الوثيقة الى مدرسة النعاثل التي درّس فيها الشيخ مبارك بن علي، ومدرسة الشهارنة التي أوقفها محمد بن خليفة الحملي على الشيخ مبارك بن علي المالكي لتدريس الفقه والحديث والتفسير، وكان لهذه المدرسة أوقاف كثيرة منها وقف العطشان وغيره.)1(. ثالثا أشارت الوثيقة الى أسماء ثلاثة مساجد في الأحساء منها مسجد الشهارنة في محلة الرفعة، ومسجد الشريقة. رابعا أشارت الوثيقة الى عناية حكام الدولة السعودية بتدريس العقيدة وتقرير مسائلها للناس حيث طلب سعود بن فيصل من أولاد الشيخ عبد اللطيف نشر التوحيد والعلوم النافعة وارشاد الناس. خامسا أشارت الوثيقة الى عالم نجدي سُمِّي بالرجباني وهو الشيخ أحمد بن حمد الرجباني عُرف عنه كثرة النسخ وحب تملك الكتب، وتولى القضاء في رأس الخيمة ودرّس الفقه وأصول التوحيد في جامعها الكبير )2(. والشيخ أحمد من العلماء النجديين الذين لم يترجم لهم ابن بسام في كتابه علماء نجد خلال ثمانية قرون. سادسا أشارت الوثيقة الى اسم الشيخ عبدالرحمن بن عبد الله الوهيبي وهو قاضي الأحساء تولى الإمامة والخطابة في الجامع الجبري وكان يفتي على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ورأيت له وثائق شرعية كثيرة أمضاها مما يدل على مكانته العلمية، وذكره الشيخ ابراهيم بن عيسى في كتابه عقد الدرر في حوادث سنة 1291ه حيث ذكر أن الجنود الأتراك ضربوه ضربا شديدا وأخرجوه من الكوت )3(. سابعا أشارت الوثيقة الى شيخ من مشايخ آل مبارك اسمه عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مبارك بن علي وكان على صلة بالعلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ وتولى التدريس في مدارس أسرته ونصبه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن إماماً في أحد مساجد الأحساء. )4(. الهوامش: 1 صك شرعي صادر من محكمة الأحساء سنة 1389ه. 2 كتاب التعليم التقليدي : ص 159. 3 عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر ص 91. 4 وثيقة شرعية مكتوبة سنة 1267ه .