دعت جامعة الدول العربية الدول الاعضاء الى حضور مؤتمر مقاطعة اسرائيل المقرر عقده في العاصمة السورية، دمشق، في الفترة من 22 الى 25 من ابريل الجاري، وهو المؤتمر المؤجل منذ ابرام اتفاق أوسلو عام 1993م بدعوى اتاحة الفرصة للسلام الذي نقضته اسرائيل. وكان مكتب المقاطعة العربية الرئيسي لاسرائيل ، ومقره دمشق، قد فشل في عقد المؤتمر الطارىء الذي دعت إليه لجنة المتابعة والتحرك في شهر يناير الماضي، وذلك لعدم اكتمال النصاب القانوني حيث لم يوافق على الحضور سوى 6 دول في حين يتطلب النصاب موافقة ثلثي الدول العربية. أعادت سوريا طرح الموضوع على القادة العرب في قمة عمان، لمواجهة حرب الابادة التي تشنها اسرائيل في الاراضي المحتلة، ووافقت القمة على طلب سوريا بتفعيل المقاطعة العربية ضد اسرائيل من خلال انتظام عقد مؤتمرات المقاطعة الدورية التي يدعو اليها المكتب الرئيسي للمقاطعة بهدف منع التعامل مع اسرائيل تطبيقا لحكام المقاطعة.كما قرر القادة العرب مواصلة تعليق مشاركة الدول العربية في المفاوضات ووقف كافة خطوات وانشطة التعاون الاقتصادي المتعددة الاطراف ومع اسرائيل وتحميلها مسؤولية الخطوات والإجراءات التي تتخذها الدول العربية تجاهها والتي تستوجبها مواجهة توقف عملية السلام، وتصعيد سلطات الاحتلال الاسرائيلية لاجراءات القمع والحصار على الشعب الفلسطيني. كما أكد القادة العرب على قرارهم في قمة القاهرة غير العادية لعام 2000 القاضي بالتصدي الحازم لمحاولات اسرائيل التغلغل في العالم العربي تحت أي مسمى، والتوقف عن اقامة اية علاقات مع اسرائيل ، ويحملونها مسؤولية الخطوات والقرارات التي تتخذ في صدد العلاقات معها من قبل الدول العربية بما في ذلك الغاؤها. وجهاز المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل الذي أنشأته جامعة الدول العربية هو الجهاز العربي الوحيد الذي عمل بكفاءة وفاعلية منذ بدايته في عام 1951م، وحتى بدأت عملية السلام على المسار الفلسطيني في بداية التسعينيات، حيث نجح هذا الجهاز في بلورة أحكام المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل على أسس علمية مدروسة، وتمكن من ان يلحق ضرراً ملموساً ومتراكماً بالاقتصاد الاسرائيلي ، وفي ظل عودة الانتفاضة الي الأراضي الفلسطينية، وتصاعد لهجة العنف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين العزل، ارتفعت أصوات عربية تنادي بتفعيل المقاطعة العربية لإسرائيل، والتي أصابها الفتور في ظل مفاوضات السلام العربية الاسرائيلية. وتعتبر المقاطعة العربية لإسرائيل التي بدأ العمل بها منذ عام 1945م عملا دفاعياً مشروعاً أقرته جامعة الدول العربية كاحدى الوسائل التي يستخدمها العرب ضد الاعتداءات الواقعة عليهم من اسرائيل، كما تجسد المقاطعة العربية لإسرائيل دفاعاً عن الوجود العربي أمام استمرار اسرائيل في احتلال الاراضي العربية والاعتداء على الشعوب العربية وتهديد الأمن القومي العربي. وتعود فكرة المقاطعة العربية لإسرائيل تاريخياً إلى عام 1922م وذلك حينما قاطع أبناء فلسطين السلع الإسرائيلية، وكان ذلك رداً على مقاطعة اليهود للسلع العربية، وقد بدأ تاريخ المقاطعة العربية لإسرائيل رسمياً عام 1945م عندما اتخذت جامعة الدول العربية قرارات وتوصيات بضرورة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل. وتشير التقارير الى ان المقاطعة العربية لإسرائيل مرت بعدة تطورات حيث تم تشكيل لجنة دائمة للمقاطعة بدلاً من اللجنة المؤقتة ؛ لمتابعة تنفيذ قرارات المقاطعة، ثم تطورت بعد ذلك، حيث تم نقل عملية المقاطعة من مجرد مقاطعة سلبية الى مقاطعة ايجابية، بمعنى ان تقوم الدول العربية بانشاء صناعات ذات اسس اقتصادية؛ لتحل محل السلع الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية أو في الدول العربية لأخرى ؛ ليتمكن الفلسطينيون من الاعتماد على السلع العربية، والاستغناء عن السلع الإسرائيلية المثيلة، وانتقلت المقاطعة العربية لإسرائيل من الالتزام الحكومي العربي فقط إلى الالتزام الشعبي، وتم إنشاء مكاتب للمقاطعة في كل دولة عربية لتعمل تحت إشراف مكتب رئيسي مقره في دمشق. ويقوم المكتب الرئيسي بتنسيق العمل بينه وبين المكاتب الإقليمية والإشراف على أجهزة المقاطعة، والتوصية بالإجراءات الواجب اتخاذها لتشديد هذه المقاطعة، ومطالبة السلطات العربية في الدول المختلفة بتنفيذ الإجراءات المطلوبة منها في هذا المجال. وتتم المقاطعة في عدة مجالات منها: الاستيراد والتصدير، والمناطق الجمركية الحرة، ومراقبة الأسواق المالية والمصارف، وتعاملات التجار، ومكافحة التهريب ومراقبة الحدود، ومعاقبة الشركات الأجنبية التي تتعاون مع إسرائيل خاصة شركات الطيران والملاحة والإنتاج السينمائي. وتشير بيانات المكتب الرئيسي للمقاطعة العربية الى ان الخسائر التي تكبدتها اسرائيل بسبب هذه المقاطعة أخذت في التراكم بمرور الوقت حتى بلغ اجمالي الخسائر 90 مليار دولار منذ بداية المقاطعة وحتى عام 1999م.