ورقة عمل ملتهبة احيت الاماسي الثقافية بمدينة حائل حيث ناقش حضور منتدى الكلمة بنادي حائل الادبي مساء الاحد الماضي الورقة التي قدمها نائب رئيس النادي الدكتور عبد الرحمن الفريح بعنوان )شعر العامية بين الموهبة والدلالات العلمية( وذلك بمقر النادي بحي الحوازم.. وقد مهد )الفريح( لبحثه بتحديد المفاهيم والمصطلحات .. واسباب التسمية مفضلا استخدام مصطلح )العامي( على غيره من التسميات كالشعبي والملحون والبدوي والنبطي. ثم انطلق يسبر اغوار الشعر العامي ..عيوبه ومزاياه واساليبه وفنونه ومناطق نفوذه وانتشاره بين البلدان العربية ودلالاته التاريخية مؤكدا ان الشعر العامي في نجد ذو فائدة في تاريخ ما أهمله التاريخ وقال: ان )تدوين هذا الشعر تدعو له ضرورة تاريخية ويجب ان يكون التعامل معه اكاديميا للاحتفاء بدلالته تاريخيا وجغرافيا واجتماعيا وأدبيا ولغويا ونتعامل معه نوعا من التعامل الادبي فنأخذ من قيمته الفنية(. واستشهد الفريح بعدد من الآراء النقدية من ابن خلدون الى ابن عقيل الظاهري .. مؤكدا على ان العامي احاط بكل مجالات الحياة من وصف للآثار الانسانية ودقة التصوير وسمو التعبير وعمق التفكير وغطى كل ضروب الشعر واغراضه ومناحيه ومع ذلك فالفريح يرى ان هذا الشعر انما هو فاسد اللغة وان من اخص خصائصه ظهور اللحن فيه وتحرره من قيود الفصحى في المفردة معنى وصيغة وفي تركيب الجمل.. وقال )للشعر العامي كالفصيح قدوة على التأثير وليس من ذنب الشاعر فساد اللغة التي لنا ان نسعى الى الرقي بها ولكن ليس لنا ان ننكر على من ينظم بالعامي او نلغي شاعريته وابداعه(. ثم اشار الى ان ليس في الشعر العامي ما يحسب على انه محاربة للغة الام وان دراسته اذا تمت في المؤسسات الثقافية فهي دليل على سعة الافق وتقدير لأهمية العلم الذي لا يقف عند حد معين ولم ينكر ان الاقليمية إحدى سمات هذا الشعر ولكنه ينكر على من ينظرون اليه نظرة دونية اذ ان الشاعر العامي برأيه ذو موهبة وملكة وتعبيره قوي ومبدع وليس من شأنه تغير اللسان وابتعاده عن اللغة نحوا وصرفاً. ويعتبر الفريح ان من واجب الاندية الادبية ان تعني بالشعر العامي كدراسة علمية لما له من فوائد جمة في خدمة كثير من البحوث الاكاديمية سواء في الاجتماع او التاريخ او الادب، وان البحث في اللهجات يعد من مباحث علم اللغة العام وتعود بداياته الى القرن التاسع عشر الميلادي وان الدراسات اللهجية في الدرس اللغوي الحديث تعود الى بداية الاربعينات على يد اللسانين الوصفيين واورد الفريح لذلك أمثلة كثيرة من بحوث علمية لأساتذة كبار في اللغة على مستوى الوطن العربي وقال: ان منهج دراسة اللهجات القديمة قد انسحب على اللهجات الحديثة بأدبها العامي مدللا على ذلك ببحوث اكاديمية في الجامعات العريقة تخصص اقساما علمية ذات مناهج معروفة مدروسة فيما يعرف باللسانيات والصوتيات لدراسة اللهجات الحديثة وعمدتها الادب العامي وكما يستأنس المختصون في الدراسات الانسانية وفي التاريخ والحضارة على وجه الخصوص بالشعر العامي في توثيق الوقائع الحربية والحوادث الاجتماعية من اشعار اشتهر قائلوها بعنايتهم برصد حركة التاريخ، يسعى البلدانيون لتعيين المواقع بلدانا وجبالا ومنازل للعرب مستعينين بهذا الشعر كمصادر مهمة استلهم منها الباحثون في الاجتماع ما يعينهم على تصور الحياة الاجتماعية. ثم اورد نماذج لتلاقي العامي والفصيح في الصور والاخيلة والمعاني وذاكراً تفرد العامية بشعر )الرد(. عقب ذلك انطلقت المداخلات التي امتدت حتى ساعة متأخرة وتداخلت المداخلات وتشابكت المواقف وقد كانت اولى المداخلات من الاستاذ عبد الرحمن الصمعان.. الذي يرى عدم التأصيل لهذا الشعر ويعتبر انه يمثل تاريخا وحقبة غير مرغوبة وان اشتراكه مع الفصيح في الموضوعات والمعاني والصور لا يخوله مشروعية البقاء مؤكداً ان على المبدع ان يسمو بعطائه ويرتقي بذائقة المتلقي لا ان يهبط اليه به وقال انطلق في رؤيتي هذه من مواقف ثلاثة )شرعي وقومي وفكري(. ثم مداخلة الدكتور فاضل والي.. الذي اكد على خطورة الدعوة لتبني هذا الشعر مشيرا الى آراء النقاد في ضرورات الشعر وخطورتها على اللغة ويرى ان هذا الشعر خطر على اللغة الام ومدعاة للبعد عن الدين والعروبة وعامل تشرزم وهو خطر على الناشئة في استمراره. أعقب ذلك الدكتور حجازي بقوله ان العامية خروج على النص وان التأصيل يجب ان يكون للفصيح وليس العكس لان في ذلك هدم للفصيح.. تداخل بعدها الدكتور عثمان العامر وقال ان لهذا الشعر عددا من الابعاد كالبعد الدلالي والدلالة اللغوية والصورة الفنية وان هذا الشعر في واقعنا اقوى بكثير من الفصيح واكثر تأثيراً وفاعلية وتطريبا من خلال الصور الابداعية.. وقال انه مع من يطالبون بحماية اللغة ولكنه يرى انهما )الفصيح والعامي( يسيران جنبا الى جنب. اما الدكتور عبدالمنعم نافع.. فانه يميل للضربين من الشعر مؤكدا انهما ليسا في مواجهة او صراع بل هما متسقان. وفي مداخلة للدكتور محمد صالح الشنطي.. أثنى فيها على الورقة من حيث منهجيتها ونفى ان تكون اللغة وعاء للابداع بقدر ما ان الابداع مقدود من لحم اللغة وتطرق للفترة التاريخية التي تسيد فيها العامي للساحة الشعرية في عصور الانحطاط الادبي ومع ذلك لم يشكل خطرا على لغة القرآن مشيرا الى تجاذب اللهجات وتقاربها واستيعاب الواقع لكلا الصنفين. ثم مداخلة للاستاذ ابراهيم العيد.. قال فيها: اوافق الدكتور عبد الرحمن على ان الشعر ملكته واحدة وقدرة العامي على التأثير ورصد حركة التاريخ، وتطرق لاقليمية العامي وقصر مدى قناة تواصله وشيوعه مقارنة بالفصيح. فمداخلة للاستاذ احمد ابراهيم .. الذي لم يكن حاضرا للمنتدى ولكنه بعثها بالفاكس ودارت حول حيوية اللغة الرسمية وقال ان احدى مشاكل اللغة العربية الرسمية كونها ذات صلة وطيدة بالمقدس وهنا مجال خلط بينهما وبين المقدس وننسى انها كائن متحول متأثر بالزمان والمكان وان نفي اللهجات هو نفي لمرحلة من التاريخ ومساحة من الفعل الانساني .. ثم اضاف تظل اللغة المحيكة اوفر حظا في الوصول للناس والسيطرة على مشاعرهم وآلامهم وآمالهم وتعبيراً عنها ولا نستطيع ان ننفي ان الابداع ينتقي جملة او تفصيلا اذا لم يصل الى المتلقي.. عقب ذلك تفاعل الفريح مع المداخلات ورد عليها واحدة واحدة وأشبعها بحثا وتفصيلا وتجاوب مع كل المداخلات بنفس الباحث وتوالت كذلك المداخلات حتى تقرر استكمالها خلال المنتدى في جلسته القادمة. لقطات: * استمر المنتدى على مدى ثلاث ساعات. * حوارات ومناقشات جانبية دارت قبل وبعد المنتدى. * اساتذة وطلبة من كلية المعلمين حضروا المنتدى. * قدّم المنتدى الاستاذ شتيوي عزّام الغيثي. * تهرب الدكتور عبد الرحمن الفريح من سؤال الجزيرة حول عدم اهتمامه بنشر أشعاره العامية واهتمامه بالشعر الفصيح حتى اصبح الكثير يجهل انه شاعر عامي وكانت اجابة الدكتور الفريح غير مقنعة وناقض بالفعل ما كان ينادي اليه من خلال هذه الورقة!!