اطلعت كما اطلع غيري على التصريح المنسوب لأحد المسؤولين في أحد القطاعات الحكومية المهمة حيث يضطلع ذلك القطاع بمهمات جليلة خدمة للتراث والثقافة ويشرف على قطاع كبير من مدارس التعليم العام في مختلف مناطق المملكة وقد تضمن التصريح ان ذلك القطاع قرر تدريس اللغة الانجليزية لطلاب المرحلة الابتدائية في كافة المدارس ذلك القطاع اعتبارًا من العام الدراسي الحالي 1421ه وقد أكد ذلك المسؤول انه قد تم فعلاً تطبيق هذه التجربة على طلبة الصف الرابع الابتدائي بهدف معرفة النتائج ومن ثم تعميم التجربة على كافة الصفوف موضحا ان ذلك يهدف الى توفير المعلومات والمهارات والخبرات الأساسية في تعليم اللغة الانجليزية لتكون القاعدة الأساسية التي يرتكز عليها تعليم هذه المادة في المراحل اللاحقة. ان قرار إدخال مادة اللغة الانجليزية وتدريسها لطلاب المرحلة الابتدائية ومزاحمتها للغة الأم لغة القرآن الكريم في هذه المرحلة المتقدمة من مراحل التعليم العام لهو خطر على اللغة الأصلية التي ما زلنا نعاني من قلة استيعاب الطلاب لها وضعف مستواهم فيها واستنادا الى ما قررته نتائج البحوث العلمية من خطر التعليم المبكر لغة الأجنبية على اللغة الأصلية حيث ان البحوث العلمية الحديثة تؤكد ان النجاح في تعلم اللغة الأجنبية لا يعتمد على العمر وحده وانما يتأثر بعوامل شتى.. منها أهداف تعليم اللغة الأجنبية ومضامين المادة التي تعلم اللغة من خلالها واستراتيجيات التعلم والتعليم والسن التي يبدأ عندها تعليم اللغة ومستوى دافعية المتعلمين... فهل تمت ملاحظة ذلك؟ لقد أجريت عدة دراسات وبحوث علمية في جامعة أجنبية عريقة هي جامعة اكسفورد عن أثر العمر في تعليم لغة أجنبية. فماذا تقول نتائج تلك الدراسات والبحوث العلمية؟ ان السن التي يبدأ عندها تعلم اللغة الأجنبية ليس عاملاً حاسماً في تعلمها وأن الفروق التي وجدت بين المتعلمين للغة في أعمار مختلفة ليست نتيجة لعامل العمر، كما ان الدراسة ترى ان السن التي يبدأ فيها بتعليم اللغة الأجنبية يؤثر سلبا على اللغة الأصلية. ومن هنا نجد ان تعليم الطفل في هذه السن المبكرة سوف يكون له مردوده السلبي على اللغة الأم لغتنا العربية لغة القرآن الكريم تلك اللغة التي أكرمنا الله بها والتي اصبح مستوى أبنائنا فيها وبكل أسف لا يسر كل غيور على هذه اللغة العظيمة. إنها معضلة حقيقية أن يقرر تدريس اللغة الانجليزية او اي لغة أجنبية أخرى في المرحلة الابتدائية من التعليم العام او ما يطلق عليها المرحلة الأساسية ويهتم بها الى هذه الدرجة والذي سوف يكون ولا شك على حساب اللغة الأم لتنافسها في عقر دارها.. ان هذا التحمس للغة الانجليزية والتأييد لها من قبل بعض المسؤولين لهو أمر لافت للنظر رغم ان هناك قرارات سياسية حاسمة بشأن اعادة سيادة اللغة العربية في صروحنا التعليمية ومصالحنا الحكومية .. وكل ما نأمله ان يهتم القائمون على التعليم في بلادنا باللغة العربية وان يعملوا على تأصيلها في نفوس الناشئة وعلى تسهيل ايصالها لهم وتيسير منهجها واختيار الأساتذة الأكفاء لتدريسها وألا ننساق وراء التقليد والمحاكاة ومن ثم نعمل على تدريس اللغة الانجليزية كلغة ثانية في المراحل التعليمية التالية. وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والعلم النافع...