يقاس عمر الأمم بما تقدمه من إنجازات حضارية وما تحققه من تطلعات لأفرادها من تطور اقتصادي وعلمي ورفاهية اجتماعية. فما تشهده المملكة العربية السعودية من نهضة حضارية شاملة وتقدم هائل في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والزراعية والصناعية وغيرها من مجالات التنمية الشاملة في فترة قصيرة قياساً بعمر الشعوب دليل قاطع على حجم الانجازات والتقدم الذي تنعم به. لقد قيض الله عز وجل لهذه الأمة قائداً لجمع شتات أمته ويحمل على كتفيه نهوضهم في عصر التخلف والحروب والأمراض والجهل إلى عصر الآمال الواحدة والشعب الواحد والأسرة الواحدة التي تنضح أجسامها وتورق عقولها بالفكر. لقد كان الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - يدرك بعقله الراجح وإنسانيته الراقية معنى الخصوصية السعودية التي تقوم على كتاب الله وسنة رسوله الكريم، وعلى خدمة الإسلام والمسلمين من خلال الشرف الذي منحه الله له لخدمة الحرمين الشريفين والأراضي المقدسة. فبعد أن نجح المؤسس والقائد الملك عبد العزيز - يرحمه الله - في توحيد أرجاء البلاد المترامية وقضى على كل عوامل الشتات والفرقة وأرسى قواعد الأمن والأمان والاستقرار وغرس البذرة الأولى لهذه النهضة الحضارية التي تنامت في عهد أبنائه من بعده حتى اكتملت في هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وولي عهده الأمين - حفظهم الله - وخطت مسيرتنا التنموية خطوات ثابتة بعد الدراسة العميقة والبحث والتقصي المتأني بحيث أخذنا من معطيات العصر أفضل ما فيه. وإدراكاً من قيادة بلادنا لأهمية الاستثمار في انسان هذا الوطن باعتباره المرتكز الرئيسي للتنمية، اهتمت المملكة بصحة مواطنيها فانتشرت المستشفيات ودور الرعاية الصحية لتغطي كافة المناطق والمحافظات بينما انتشرت المدارس والمعاهد والكليات والجامعات ليرقى المواطنون وينمو مستواهم الثقافي والفكري ، وليثبت المواطن السعودي للعالم أن انسان هذه الأرض يتمتع بمخزون لا حدود له وعقل يؤهله للإبداع والتفوق. إن إقامة الحفل السادس علي كأس الكؤوس لعز الخيل علي مستوى المملكة في محافظة الزلفي بحضور الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير راعي الحفل والذي يرافقه عدد من أصحاب السمو الأمراء، لشرف كبير تحظى به مدينة الزلفي العريقة ، ويدل على مدى الأهمية الكبيرة التي يوليها ولاة الأمر في بلادنا الحبيبة لهذا النوع من الرياضة العربية الأصيلة تلك الرياضة التي حث عليها الإسلام في القول المأثور الطيب «علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل» وما لهذه الرياضة من أثر طيب ومعاني شريفة تُبث في نفوس أبناء العروبة التي هي جزء من حياة العربي الشجاع المقدام وكذلك يمثل هذا الحفل حرص المسؤولين والقائمين على شأن هذه الرياضة بأهمية إقامة هذا الحفل في محافظة الزلفي، تلك المحافظة التاريخية العريقة التي أنجبت العظماء من العلماء والمهندسين والأدباء والمفكرين ورجال الأعمال الذين أثروا الحياة الاقتصادية والصناعية والعلمية والاجتماعية والأدبية وكانت ومازالت لهم إسهامات متميزة في دفع عجلة التنمية لبلادنا الحبيبة. وإذا كان لنا أن نشيد بالجهود الدؤوبة والتشجيع المستمر والدعم المتواصل يحُق لنا أن نعترف به تجاه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض وسمو نائبه الأمير سطام بن عبد العزيز لكافة المشاريع التنموية بمحافظة الزلفي. وقبل كل شيء اعترافاً بالفضل واعتزازاً لسمو سيدي الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام ورعايته الحانية لأبنائه ومواطنيه ، الذي بفضله بعد الله سبحانه وتعالى استطعت أن اقدم لوطني ما قدمت في المجال العلمي والإنساني بتوجيهات ودعم سموه المادي والمعنوي منقطع النظير. إن ما نعيشه من منجزات تحققت وأمن واستقرار ننعم به يقتضي أن يؤدي كل منا الدور المنوط به ويسعى جاهداً للحفاظ عليها وحمايتها من خلال الإخلاص في العمل والتفاني فيه لنتابع الخطوات المباركة في التوحيد والتقدم ومواكبة العصر، مع المحافظة على الثوابت الأساسية في النهج الإسلامي الذي التزمت به المملكة منذ عهودها الأولى. لقد استرجعت الذاكرة قليلاً إلى الوراء، لأعود إلى بلدي الزلفي قبل مائة عام وما أصبحت تنعم به المنطقة بعد عهد التأسيس والتوحيد والجهاد والعطاء، وجهود والدي الشيخ حمود بن سليمان الطريقي )الرويبخ( - يرحمه الله - المخلصة في نقل تقنيات الكهرباء والصناعة والزراعة وتقديم الخدمات المتطورة في منطقة الزلفي التي أصبحت ماثلة للعيان وجزءاً من الصرح الشامخ التنموي والحضاري والصناعي الذي تتسم به مملكتنا الحبيبة في الوقت الراهن. إن هذا هو المطلب الرئيسى لأبناء كل منطقة في هذه البلاد الغالية لكشف الغبار المتراكم علي تاريخ منطقتهم الحافل بالمجد والعزة ، فهم جميعاً مدعوون لإتقان أعمالهم والتفاني فيها في سبيل رفعة وازدهار هذا الوطن العزيز.