سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الرقية ليست لابتزاز الناس والضحك عليهم عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان
لا يجوز التوسع في الرقية وإخراجها من حدها الشرعي وأن تكون بالكلام العربي المفهوم وليس بالأعجميات والطلاسم والرسوم
مازال كثير من الناس لا يبالي بنوع الرقية ونوع الراقي ولا يتحرى المشروع في هذا الأمر عندما يذهب ليعالج مرضاً عنده فقد يقع فيما هو أشد وأخطر، بل قاتل وهو الشرك والكفر بالله. كذلك فإن الناس في هذا الزمان توسعوا في أمر الرقية واتخذ القراء هذا الأمر حرفة وتجارة يتفرغون لها ويفتحون من أجلها محلات وساحات للرقية ويرتبون لها مواعيد مثل عيادات الاطباء, فما موقف الشرع من هذا كله؟ وأين الحلال والحرام في أمر الرقية سواء بالنسبة للراقي أو طالب الرقية؟ صاحب الفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء يحدثنا في هذا الأمر ضمن محاضرة ألقاها فضيلته مؤخرا بجامع الامام تركي بن عبدالله بالرياض. موقف المسلم امام الابتلاءات * في البداية بيّن فضيلة الشيخ صالح الفوزان موقف المسلم أمام المصائب والابتلاءات، وقال فضيلته إن الله عز وجل يبتلي عباده بالضراء والسراء وبالخير والشر فيجب أن يكون موقف المسلم المؤمن أمام هذه الابتلاءات موقف الرضا والصبر والاحتساب، فإذا اصاب المسلم مصيبة أو مرض فإنه عليه: أولا: أن يعلم أنه من عند الله وأنه بقضاء الله وقدره، فيصبر ويحتسب الأجر من الله، وفي الحديث: إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط . ثانياً: ان يحاسب هذا العبد نفسه فما أصابه شيء إلا بسبب ذنوبه والله من حكمته أنه يعجل العقوبة للمؤمن في هذه الدنيا على أمور أصابها, فيبادر المسلم الى التوبة والاستغفار ويقلع عن الذنب ويحمد الله أن الله لم يستدرجه كما استدرج أهل الشقاء. ثالثاً: عليه أن يتوكل على الله وأن يعتمد على الله في زوال ما أصابه ويكثر من الدعاء الى الله عز وجل أن يزيل عنه ما أصابه. رابعا: إن الإنسان لا ينبغي له ان يستسلم للأوهام والوساوس لأن الإنسان الذي يصاب بمرض الوهم والوسواس يخيّل إليه انه مصاب ومريض وكل ذلك من الشيطان فيوهن عزمه ويشغله عن الطاعات ويصبح دائما يفكر في المرض وأنه مصاب ويخاف من كل شيء وعلى المسلم ألا يستسلم لذلك وان يكون عنده إيمان قوي وتوكل على الله وثقة بربه حتى يسلم من الأمراض الوهمية. التداوي أخذ بالأسباب خامسا: مع ما سبق كله فإن العبد عليه أن يتخذ الأسباب النافعة التي أمر الله باتخاذها، فإن الأخذ بالأسباب أمر مشروع ولا ينافي التوكل على الله جل وعلا، ولكن لا يعتمد على الأسباب إنما يعتمد على الله، ومن الأسباب التداوي تداوي المرضى بالأدوية النافعة التي خلقها الله، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى, فلا بأس من التداوي وهو سبب من الأسباب التي أباحها الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تداووا ولا تداووا بحرام ، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم . فيتداوي الإنسان بالأدوية النافعة المباحة وفي كل الاحوال لا يعتمد على الأدوية وإنما يعتمد على الله سبحانه وتعالى. حصّن نفسك بالذكر وتحدث فضيلة الشيخ الفوزان عن الرقية التي تستعمل قبل نزول البلاء ونصح المسلمين بتحصين أنفسهم بالرقية واستعمال الأوراد الشرعية في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والمداومة على تلاوة القرآن وذكر الله في كل وقت ولا يكون المسلم غافلاً عن نفسه، فإذا أهمل الإنسان وترك الأذكار حري أن يتسلط عليه شياطين الإنس والجن فيصيبونه بما يؤذيه لأنه هو الذي فرط وضيع نفسه والأذكار موجودة ومبسوطة في كتب الأئمة وهي مأخوذة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مثل كتاب الاذكار للإمام النووي وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وكتاب الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية. الرقية ماذا تعني؟ يقول فضيلته إن الرقية بعد الإصابة بمرض معناها ان المسلم يقرأ على نفسه من القرآن وينفث على موضع الاصابة فالعبد في حالة إهمال نفسه وتركه لقراءة القرآن وذكر الله قد يصيبه مس من الشيطان او تصيبه عين حاسد او يصيبه سحر ساحر، فهنا يلجأ الى الرقية الشرعية بأن يقرأ بفاتحة الكتاب وينفث على موضع الإصابة, وقد سمّى النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب بالرقية فيقرؤها المريض ويرقي نفسه فهذا أنفع الرقى ويقرأ معها سورة الإخلاص والمعوذتين ويدعو الله ما شاء له أن يدعو, نقول إن الأنفع أن يرقي المصاب نفسه فقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ على المرض ورُقي عليه الصلاة والسلام رقاه جبريل ولا مانع أن يطلب الإنسان الرقية من الذين يثق في عقيدتهم ودينهم وعلمهم. وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالرقية وقال: لا بأس بالرقية ما لم تكن شركاً وسأله الناس فقالوا يا رسول الله إنا لنا أدوية نتداوى بها ورقي نرتقي بها فقال عليه الصلاة والسلام اعرضوا علي رقاكم لا بأس بها ما لم تكن شركاً . شروط الرقية النافعة * فالرقية مشروعة وكانت موجودة حتى في الجاهلية ولكن كانت رقى الجاهلية، يدخلها الشرك وعادات الجاهلية فالنبي صلى الله عليه وسلم أقر منها ما ليس فيه شرك. فالرقية النافعة يتوفر فيها عدد من الشروط: أولاً: أن تكون الرقية من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن الأدعية المشروعة أو الأدعية الموافقة للمشروع فلا يكن فيها أدعية شركية أو بدعية وهذا إنما يعرفه أهل العلم ولا يسأل المسلم كل من هب ودب من المنحرفين والجهال والمضللين. ثانياً: أن يكون الراقي من أهل التوحيد والعقيدة الصحيحة فلا يذهب طالب الرقية إلى المشعوذين والدجالين والى السحرة يطلب عندهم الرقية حتى لو كان الناس يذكرون هؤلاء ويدلون عليهم. لقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان الكهان والعرّافين فقال عليه الصلاة والسلام: من أتى كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً وفي حديث آخر من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . ومثل هؤلاء السحرة والدجالين والمشعوذين والكهّان لا يعرفون الحق من الباطل او يريدون الكسب والمال، فليحذر المسلم طالب الرقية من هؤلاء فلا يدفعك حرصك على الشفاء والخلاص من المرض الى الوقوع في الشرك والكفر على يد هؤلاء الدجالين والسحرة والمشعوذين الذين يأمرون بالدعاء لغير الله والذبح لغير الله وهذا شرك أكبر مخرج من الملة. ثالثاً: ان تكون الرقية التي يرقي بها الراقي بالكلام العربي المفهوم وليس بالألفاظ الأعجمية أو الطلاسم او الحروف المقطعة والرسوم فقد تكون هذه أسماء شياطين وأسماء جن يدعوهم هذا المشعوذ من دون الله! رابعاً: أن يعتقد المريض أن الشافي هو الله جلّت قدرته، وأن الرقية الشرعية سبب فقط إن شاء الله رتب عليه الشفاء وإن لم يشأ لم يرتب عليها شيء. هذه هي الرقية الشرعية وغيرها أي التي لا تتوافر فيها الشروط التي ذكرنا فهي رقية شركية فيها دعاء غير الله عز وجل وفيها كلام محرّم لا يعرف معناه وفيها ذبح لغير الله وغير ذلك من الأمور الشركية وهذا كله لا يجوز الرقية به لأنه محرم بإجماع أهل العلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك والمراد بالرقى هنا الرقى الشركية, أما التمائم فهي التي تعلق وفيها الشرك والألفاظ البدعية والطلاسم وأما التولة فهي شيء يضعونه يزعمون أنه يحبب المرأة الى زوجها والرجل إلى امرأته وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التمائم والتولة لأنها شرك بالله. ولا يحمل الإنسان حبه للعلاج وحرصه على الشفاء أن يتساهل في هذه الأمور فيذهب للعلاج على أيدي المشعوذين والدجالين بحجة أن الناس يذهبون إليهم، إن الله وسع على المسلمين وجعل لهم الرقية الشرعية النافعة المفيدة فعليهم أن يقتصروا على ما شرع الله وفيه الخير الكثير ولا يذهب يطلب العلاج ثم يقع في الشرك ويتحول من مسلم إلى كافر فليحذر المسلم من الوقوع في هذا الخطر ولا يتساهل. هذا من العبث والضياع وحذّر فضيلة الشيخ صالح الفوزان من التوسع في أمر الرقية وإخراجها من حدها الشرعي، وقال فضيلته إن الناس في هذا الزمان توسعوا في هذا الامر واتخذوا من الرقية حرفة وتجارة ومواعيد وأماكن للعلاج وهذا من العبث ويخشى منه الضياع فمثل هؤلاء قد لا يبالون بالحلال والحرام ولا يبالون إذا كانت الرقية شرعية ام شركية وهمهم الكسب المادي والدراهم والتوسع في أمر الرقية لم يكن معروفاً عند السلف فلم يتفرغوا للرقية ولم يخصصوا لها أماكن ولا موظفين. كذلك من الناس من يبالغ في الرقية حتى يخرجها عن الحد الشرعي، فمن القراء من يقرأ في خزان ماء ومنهم من يقرأ في قوارير كبيرة وصغيرة وتعرض في الأسواق وتُباع بأسعار مختلفة، فهذه قراءة مكثفة وهذه قراءة عادية وهذا كله من العبث لأنه يخرج الرقية عن حدها الشرعي، ولا تجعل مادة للكسب وابتزاز أموال الناس,. الرقية عبادة ودعاء ولابد أن يتقيد فيها بما شرع ولا يجوز التوسع فيها. كذلك من الناس من يجمع المرضى في مكان واحد ويقرأ قراءة واحدة وينفث على الجميع، وهناك رقية بالهاتف خارج الحدود ويطلب القراء ارسال قيمة العلاج بالشيك مسحوب على البنك الفلاني وهذا ليس من الرقية، بل هو عبث وضياع وضحك على الناس. نقلاً عن الزميلة الدعوة