والدكتور عبدالرحمن الحموديّ، مع تخصيصه الجزء الثاني، لزيارات قادة المملكة، بدءاً من جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله الرسمية، خارج المملكة، والزيارات التي قام بها ملوك ورؤساء، وأمراء الدول للمملكة، في عهد كل ملك من ملوك المملكة، الملك عبدالعزيز، ثم الملك سعود، ثم الملك فيصل، ثم الملك خالد رحمهم الله ، ثم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، الذي توسع في الحديث عنه، وقرن ذلك بسياسته الداخلية، نموذجها ماجاء في خطبته التي ألقاها بمجلس الوزراء يوم الاربعاء 30 جمادى الثانية 1403ه الموافق 13 ابريل 1983م لإقرار الميزانية لعام 1403 1404ه,,. وقد استعرض في عهد جلالته، أهم المشاريع التي تمت في عهده، حفظه الله، وهي التوسعة التاريخية العملاقة للحرمين الشريفين، وإعمارهما، مدعّمة بالأرقام والبيانات (2:1075 1102). وهذه الزيارات للبلاد، ومنها لغيرها، عندما يلتقي الزعماء، فإنما ذلك من تأصيل الدبلوماسية السعودية، التي بيّن الباحث أنها ترتكز على أسس إسلامية، بأهدافها ومميزاتها، وحرص على إيراد عشرة أمور تبرهن على تميّز الدبلوماسية السعودية، ختمها بقوله: ومن أبرز سياسات الملك عبدالعزيز الحكيمة، أنه لزم الحياد خلال الحربين العالميتين: الأولى والثانية,, وبذلك كسب ثقة الدول وإعجابها به ]1: 114 116[ كما حرص من استعراضه للدبلوماسية السعودية، من خلال التّطور السياسي للدولة السعودية الأولى والثانية على إبراز مواقف أعطت للدولة هيبتها، ورفعت من مكانتها، حيث اتصلت الدولة السعودية الأولى بدول العالم وجيرانها (1:124 126). ومن باب التوثيق المهم الذي اهتم به المؤلف: رصد السفارات والقنصليات والمفوّضيات في دول العالم التي أوجدها الملك عبدالعزيز، بتاريخ افتتاحها وأول من عمل فيها، وتبع ذلك تعريف بتاريخ تكوين وزارة الخارجية في 26 رجب عام 1349ه الموافق 6 ديسمبر 1930م,, وبعد أن عرّف بمن تولاّها من الوزراء، استعرض التنظيم الإداريّ لوزارة الخارجية، الذي بدأ على نطاق ضيّق عام 1352ه، وأول نظام متكامل لهذه الوزارة، صدر عام 1374ه بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 53 في 24/7/1374ه ثم أورد ذلك النظام بأبوابه الثلاثة، وتنظيماته الإدارية (1:166 174). ونوه عن مكانة المملكة الدولية، وما تحفل به من أمن واستقرار، مما جعل لها مكانة مرموقة، بين دول العالم، فكانت مرغوبة للكثير من المنظمات الدولية، لتكون المملكة مقراً لها,, حيث تتميز بالصفات التالية: أ القيادة الحكيمة. ب الأصالة التاريخية، ومصدرها الإسلام. ج المساعدات المالية. د المواقف الصائبة. ه وليته ذكر معها مكانة الحرمين الشريفين من قلوب المسلمين. هذه الأمور تحقق بها 18 منظمة عالمية، ومكاتب دولية، جعلت المملكة مقراً لها (1:188 189). ولم يغفل الدور السعوديّ في السياسة الدولية، ولا دور المملكة في القضايا العربية والإسلامية (1:200 221). فالمملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله ، وإلى الآن في عهد خادم الحرمين الشريفين، وسوف تستمر بإذن الله: سلكت نهجاً واضحاً، في القضايا العربية، وسارت في درب معبّد في الدفاع عن القضايا الإسلامية، وحمل هموم المسلمين في كل مكان، لأن كل مسلم يرى في قيادة المملكة، أملاً في تخطي الصعاب، ومعيناً من قادتها على تجاوز العقبات التي تعترض كل مشكلة تمرّ,, بدءاً بقضية فلسطين، التي كان للملك عبدالعزيز رحمه الله دور إيجابي متميزّ، ورأي ناضج، لو أُخذ به منذ بدأت المشكلة، لما تعقّدت الأمور كما هي الآن. كما برز دور المملكة في سائر القضايا العربية والإسلامية، بالدبلوماسية الهادئة الهادفة مثل: قضية الخليج، قضية إعمار لبنان، قضية حرب مصر مع إسرائيل، وقضية البوسنة والهرسك، وقضية أفغانستان، وقضية الصومال، وغيرها من القضايا، التي حدد لها الفصل الثاني من كتابه هذا، وناقشها مناقشة جيدة، مستشهداً بالوقائع والأحداث المعبّرة عن نفسها (1:223 345). وبعد الاستعراض الذي مرّ به الباحث بإفاضة، عن الدبلوماسية السعودية، التي تمثل الشّقّ الأول من العنوان نراه يخصّص الفصلين: الثالث والرابع للشّقّ الثاني من عنوان الكتاب وهي المراسم, فالثالث: للنشأة وتطوّر الإدارة,, والرابع: للمراسم السعودية ومقارنتها بمراسم بعض الدول العربية. وقد دخل للفصل الأول منهما الفصل الثالث : باستعراض للحجابة منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى عهد العرب في الأندلس، ثم في المغرب بعد استيلاء الافرنج على الأندلس,, وقد أثنى على وصف الدكتور عبدالعزيز الخويطر، التأدب في مجلس الخليفة، ومقابلته للملك، وما ينبغي للإنسان أن يعرفه عند الدخول إليهما، حتى لا يقع في خطأ يندم عليه، لأن مثل هذه المجالس لها هيبتها، وخاصة لمن تكون له أول مرّة، ما يدري ماذا سيواجه، وكيف التعامل مع من يقابل، كيف وأين يكون مجلسه؟, (1:350 361). ونشأة المراسم كانت بعد الاستيلاء على جدة في عام 1344ه، حيث بدأت الدولة تتسع، وشكّل الديوان الملكي الذي كان أول رئيس له محمد الطيب الهزّاز، بموجب الأمر الملكي رقم 156 تاريخ 3/9/1344ه، حتى تاريخ 21/1/1345ه ومن أقسامه: الشعبة السياسية وترأسها يوسف ياسين، وشعبة البرقيات ترأسها محمد بن عبدالعزيز الدغيثر، وحاضرة نجد وترأسه إبراهيم بن عيدان، والشئون الداخلية وترأسه عبدالله العثمان، ومكتب المطبوعات ويرأسه إبراهيم بن عبدالله الشايقي, وشئون البادية الذي توالى على رئاسته: إبراهيم بن جميعة، وصالح بن جميعة، وإبراهيم بن سويلم ثم ابنه عبدالعزيز بن سويلم، وتشريفاتي قصر جلالة الملك، الذي كان أول تشريفاتي من يتولى هذا المنصب فؤاد شاكر بموجب الأمر رقم 1259 تاريخ 28/1/1366ه، وكان عبدالسلام غالي مسئولاً عن اسكان الضيوف بفندق الكعكي بمكة، وفندق الكندرة بجدة. وكثيراً ماكان يرافق الضيوف أثناء مقابلتهم للملك عبدالعزيز,, وقد أبان مهمات كل قسم من هذه الأقسام (1:364 367). أما التشريفات الملكية فلم تنشأ إلاّ في عهد الملك سعود في غرة صفر 1375ه، وكان أول رئيس لها صالح اسلام ويعاونه محمد بن عبدالله بن سدحان، وصالح فضائلي ومحمد أبوشقارة، وخالد خليفة وغالب الرفاعي وماجد مدني, واستعرض اسماء ومدد من تعاقب على المراسم حتى اليوم (1:367 369). وفي عهد الملك فيصل: تمّ تغيير مسمى التشريفات الملكية، إلى المراسم الملكية إعتباراً من غرة رجب 1389ه،وذلك بموجب الأمر التعميميّ رقم 13301 تاريخ 27/6/1389ه، الموجه لوزير المالية, وفي عام 1403ه صدرت موافقة الملك خالد رحمه الله بضم الإدارة العامة لقصور الضيافات الحكومية التابعة لوزارة المالية إلى المراسم الملكية، وكان يرأسها سليمان الحماد الشبيلي لعل التاريخ فيه خطأ مطبعيّ إذ الملك خالد رحمه الله في عام 1403ه قد انتقل إلى رحمة الله . وإدارة القصور الحكومية، تأسست في عهد الملك عبدالعزيز، وكانت تعرف بالخاصّة الملكية، ويرأسها عبدالرحمن الطبيشي، أما الكراج الخاص فكان المسئول عنه ابن فوزان، وهو مسئول عن جميع سيارات الملك والضيوف,, (1:372 378)، وقد أوضح في عرضه هذا المهمات المناطة، واسماء الموظفين العاملين في هذه الأجهزة، وتاريخ أعمالهم، وأبان عن نفسه بأنه عمل مع نبيل عكاري من لبنان، بجناحه في فندق العزيزية بالطائف عام 1388ه، الذي قام بوضع نظام الأوسمة بالمملكة، حيث استأذن رئيس المراسم الملكية، بإصدار موافقة من الملك فيصل رحمه الله على تأسيس إدارة جديدة في عام 1389ه، هي إدارة الأوسمة,, وبين مهمتها (1:376). وفي حديثه عن الأسس والأهداف التي أنشئت المراسم الملكية السعودية من أجلها، ولأنها عديدة فإن قاعدتها، وعمودها الفقري: حسن الاستقبال والتكريم، والإهتمام والعناية ورعاية الضيف، وترتيب الناس حسب مناصبهم ومراكزهم,, وبعد تعديد المهمات، ووصف الأعمال قال: ومن خلال عملي بالمراسم الملكية، منذ عهد الملك فيصل رحمه الله وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين: استطيع أن أقول: إن العمل بالمراسم مهمَّة صعبة ومتعبة ومحرجة، وفي الوقت نفسه ممتعة، ولا تعتمد على الذاكرة، فإذا نجحت في مهمتك، فذلك من واجبك، وعندما يكون هناك خطأ أو نسيان لا قدر الله فالويل لك، لأنّك تعمل في خدمة أكبر شخص في الدولة، فيجب عليك الحرص والدقّة، والتنفيذ الفوريّ، لأن عمل المراسم لايحتمل الخطأ، وأي خطأ يمكن أن يفسّر من قبل الضيف، أنه مقصود، وقد يؤدي إلى حساسية في الموقف، لأن التعامل مع الكبار، يحتاج إلى لباقة وحسن تصرف،وما التوفيق إلا من عند الله (1:379 384). وعن اختصاصات المراسم الملكية السعودية: يحدد ذلك في ثلاثة أمور: الإختصاصات الخاصة باستقبال الضيوف، والإختصاصات العامة وهي سبعة أمور، ثم اختصاصات المراسم الخاصة بوزارة الخارجية، لأن مراسم وزارة الخارجية قد تأسست مع تأسيس وزارة الخارجية غرة رجب عام 1349ه، وهي منفصلة تماماً عن المراسم الملكية، ولها مهماتها، رغم ان عمل الجهتين، مرتبط بعضه بالبعض الآخر (1:386 390). ومن واقع دراسته ومعايشته لعمل المراسم، فترة طويلة، فإنه وضع آفاقاً مستقبلية للمراسم الملكية السعودية التي يرى فيها تطويراً وتخفيفاً للأعباء وهي اقتراحات نابعة من معرفته للعمل، ومعاناة خوافيه (1:391 404). وأبان في مراسم استقبال وتوديع كبار الضيوف، وضع من أنظمة للإستقبال والتوديع، وعدد الحراسة، ورتبهم، وموضع ركوب الضيف في السيارة، ومرافقه، وضرورة إعلامه بوقت مقابلة الملك، والمدة المحددة ومراسم تقديم أوراق إعتماد السفراء، وتنظيم ذلك بالوقت والكيفية والهيئة: حضوراً وتوديعاً,, وتنظيم طاولات الطعام والموائد، وأماكن المدعوين, مع عرض لكل حالة وما وضع لها من قواعد وتنظيمات يجب أن تراعى بدقّة (1:408 433). ومع أنه مرّ حديث من المؤلف عن تاريخ الموافقة على نظام الأوسمة بالمرسوم الملكي في عام 1389ه، وأنه استقدم لها من لبنان مدير إدارة الأوسمة في رئاسة الجمهورية ناظم عكاري، حيث عمل معه المؤلف في الطائف في فندق العزيزية الا انه اعاد ذلك مع نصّ النظام بمواده الإثنتي عشرة، وصدر في 14/9/1391ه المرسوم برقم م/41، بإحداث وشاح جديد باسم وشاح الملك عبدالعزيز من الطبعة الثانية، وأن يمنح للوزراء والسفراء السعوديين والأجانب، ممن أدوا إلى الدولة خدمات جليلة غير عادية 01:463 466). وخصص الصفحات من 467 إلى 497 من الجزء الأول للأوسمة، حيث أوردها بالصورة والمسمى واللّون وبيان الدرجة ولمن تعطى، ونظام التسليم، وهي: قلادة بدر الكبرى، قلادة الملك عبدالعزيز، وشاح الملك عبدالعزيز الطبقة الأولى، رصيعة الوشاح، وشاح الملك عبدالعزيز الطبقة الثانية، رصيعة الوشاح، وسام الملك عبدالعزيز الدرجة الممتازة وسام الملك عبدالعزيز الدرجة الأولى وسام الملك عبدالعزيز الدرجة الثانية ، وسام الملك عبدالعزيز الدرجة الثالثة وسام الملك فيصل الدرجة الرابعة ولعل المقصود وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الرابعة، وأنها غلطة من المطابع وتصحيح ذلك جاء في فقرة (ه ص 482). ثم ذكر ميدالية الاستحقاق، وهي ثلاث درجات، التي تمنح للمدنيين، وميدالية التقدير العسكري وهي خاصة بالعسكريين وهي ايضا ثلاث درجات، وميدالية الصقر، تمنح لرجال سلاح الطيران السعودي، وتشتمل على ثلاث درجات، وميدالية سلاح البحرية، تمنح لرجال سلاح البحرية، وهي ثلاث درجات، ووشاح الملك فيصل، ووسام الملك فيصل الدرجة الممتازة وسام الملك فيصل الدرجة الأولى، وسام الملك فيصل الدرجة الثانية وسام الملك فيصل الدرجة الثالثة، وسام الملك فيصل الدرجة الرابعة، ومع الصور لكل وسام وميدالية، أبان نظامها ولمن يستحق أن تمنح له, ومركزه العمليّ والوظيفيّ,,, وتعرّض لنظام العلم السعودي، وهي ثلاثة أعلام: العلم الوطني، وعلم الملك، وأعلام القوات المسلحة، ولونها ومقاسها فعلم الملك خمسة أنواع: كبير للاستعراض بحضور الملك، والسارية يوضع على المبنى الذي يوجد به الملك، وعلم المكتب والصالون الخاص بالملك، وعلم سيارة الملك، وعلم طاولة الاجتماع، وفي الكل سيفان ونخلة بلون ذهبيّ في الاسفل من جهة السارية,, والعلم الوطنيّ ايضا خمسة ولكن بدون السيفين والنخلة، مع رسومات لأسبقية العلم السعودي (1:500 523). وعلى العموم فالكتاب جيد في موضوعه وعرضه، وبسطه للأنظمة التي يحتاجها كثير من الناس مواطنين وغير مواطنين للمعرفة والعلم، فقد بذل جهداً ونشر ثقافة لاتتيح للمهتم معرفتها إلا بسؤال ومتابعة، وقد يصل بعضه مغلوطاً، فجاء هذا الحديث عن المراسم بهذا الكتاب الأول من نوعه في تاريخ المملكة باسطاً وشارحاً ووافياً بالمهمة التي يريدها من يعرف، ومرجعاً للمهتمين والباحثين، موثقاً بالأرقام والهيئة والتاريخ. نماذج من المراسم: أورد أبوالحسين هلال بن المحسن الصابي المتوفى عام 448ه في كتابه: مراسم دار الخلافة نماذج مما هو سائد في قصور الخلافة الإسلامية، ومن ذلك قوله: حدثني الحسن بن محمد الأنباري، قال: كنت أخطّ بين يدي دلويه الكاتب أيام المقتدر بالله والقاهر بالله وهو يتولى كتابة سلامة الطولوني، حاجب القاهر بالله، وهو أخو نجح الطولوني أمير أصبهان، ثم الكوفة فالبصرة أيام المقتدر، وكنت أجلس بالدّهليز بباب الخاصّة، الذي يلي دجلة من دار السلطان، فأخدم صاحبي فيما يستخدمني فيه، فاني لجالس متعلق على دكّة هناك، اذجعلت احدى رجليّ على الاخرى وكان بإزائي صديق لي من خلفاء الحجّاب، يودّني وداً شديداً، فوثب إليّ، وضرب رجلي ضربة مؤلمة، بعصاً كانت في يده، فقمت مذعوراً، فقال: يا أبا علي، اعرف لي موضع مسامحتى إياك. ووالله لو أن ها هنا من اتخوّف أن يرفع الخبر يريد المخبرين من الرجال في القصر الموكلين بذلك لما قدرت على مسامحتك, فقلت: وأي شيء أنكرت مني؟, وبأي شيء سامحتني؟, فقال: نحن مأمورون إذا رأينا أحداً من الناس كلهم، قد جلس في دار السلطان هذه الجلسة التي جلستها، ووضع احدى رجليه على الأخرى، بأن تجرّ رجله من موضعه، حتى نخرجه من حريم الدار، ونهاني عن المعاودة إلى هذا الأمر، وعن ان اكشف رأسي أو أتبذّل أو أمزح، أو أرفث في شيء من تلك المواضيع، فشكرته على ما عاملني به وأرشدني إليه. وقال ايضا: وحدثني جدي: أن المكنىّ أبا الهيثم حضر يوماً في دار عضد الدولة، وأخذ عمامته من رأسه ووضعها بين يديه، ورآه بعض أصحاب الأخبار، فكتب بما كان منه، وخرج استاذ دار لقبطيّ يتولّى تنفيذ أمر الخليفة فضيّق على أبي الهيثم وشتمه، وأخذ العمامة، وضرب بها رأسه، حتى تقطعت قطعاً، ووكل به واعتقله,, فسئل فيه عضد الدولة، وقيل هذا رجل محرور الرأس، لايستطيع ترك العمامة على رأسه، وإنما فعل هذا لذاك، لا لجهل بأدب الخدمة,, فبعد مراجعات ما، أمر بإطلاقه على الاّ يعود لمثلها. كما ذكر انه: ليس للحاجب ان يُقبل على احد ممن يكون السلطان معرضاً عنه، ولا أن يرضى عمّن يكون السلطان ساخطاً عليه، ولا ان يوليه من البرّ والإكرام، ماكان يوليه من قبل، ولذلك فعل نصر القشوريّ الحاجب، بحامد بن العباس ما فعل، وقد كان وزِّر، وذلك: أن حامداً لما خاف من علي بن محمد بن الفرات، في وزارته الثالثة، اصعد من واسط إلى بغداد مستتراً، ودخل دار السلطان بزِّي الرهبان, متنكراً واستأذن على نصر، فلما وصل إليه ورآه نصر لم يقم إليه ولا وفاه من الحق ما كان يوفيه، وقال له: أين جئت؟ قال جئت بكتابك, واعتذر اليه وردّه قائلاً: لا يمكنني مما أعرفه من تنكر الخليفة عليك أن اتجاوز ما وقفت عنده (77 78).