أكَّد الكاتب الأستاذ فهد الأحمدي خلال تقديمه لورشة العمل التي نظمها كرسي جريدة (الجزيرة) للدراسات اللغوية الحديثة ضمن فعاليات (ملتقى المقالة السعودية الأول) بمقر جامعة الأميرة نورة يوم أمس الأحد أن الصحف السعودية تكاد تخلو من الكاتب المحترف الذي وصفه بقولة:المتفرغ والمكتفي بالكتابة عن أي عمل آخر قائلاً: هو حالة شاذة بصحفنا ولا يستطيع الكاتب لدينا التفرغ كليًا وذلك لقلة المردود المادي وعدم القدرة على الاكتفاء به كدخل أساسي، مضيفا: دخلي الحالي أكثر من راتب الوظيفة الحكومية التي كنت أشغلها وهذا ما ساعدني على التفرغ وبالتالي الإبحار والتوسع في الكتابة، فيما رأى أن موهبة الكاتب هي الشمعة التي تنير طريقه ولا فرق بين الرجل والمرأة في فن كتابة المقال، فالإبداع والموهبة وحدهما هي من تبرز الكاتب ولا نستطيع أن نخلق كاتبًا أو قاصًا يفتقر للموهبة وذلك ردًا على إحدى الحاضرات وهي مدربة في مجال التنمية البشرية التي اتهمت كاتبات الصحف السعوديات بافتقارهن للموهبة مقارنة بالكتَّاب الذكور وأن مقالاتهن تأتي لمجرد سد الثغرة بالصحف وليس لمهارة أو فن كما رأت أن حرية المرأة مقيدة فهي لا تستطيع التعبير عن رأيها الحقيقي في مقالاتها وباسمها الصريح لذا تلجأ بعضهن عند التعبير عن أفكارهن بصراحة للاختباء خلف أسماء مستعارة في عدد من المواقع والصحف، فيما علق الأحمدي على ذلك بقوله:الكاتب المختبئ خلف رموز سواء كان أنثى أو ذكرًا هو كاتب خائف من فكرته وليس لديه القدرة على طرحها مرتبطة باسمه وبالتالي لن يستطيع التعبير عنها بشكل جيد مما يؤدي لفشله ولن تصل للمتلقي أبدًا، مثلها مثل مقالات الواسطة التي للأسف توجد في صحافتنا العربية، فمن لديه واسطة يستطيع أن ينشر مقالاً ولو كان لا يحمل فكرة، لكن من الجميل أن المتلقي ذكي ويستطيع تمييز المقال الركيك المشتت الذي يعجز كاتبه عن إيصال فكرته للمتلقي وبالتالي تفضح هذه المقالات كاتبها وتفشل لا محالة مهما بلغت واسطته، حيث سيكتشف القراء أنه لا يجيد فن الكتابة. وعلى هذا شدد الأحمدي على أهمية الفكرة لكتابة المقال. وبيَّن أن قوة المقال من قوة الفكرة وما تبقى مجرد ديكور، فقبل أن يفكر الكاتب في كيفية كتابة المقال عليه أن يسأل نفسه (ما الذي لديّ كي أقدمه للناس وأخبرهم به؟)، قائلاً: الفكرة هي الأساس وهي أصل المقال، كما يجب أن تتشكل في رأس الكاتب أولاً وتمتزج بشخصيته قبل طرحها على الورق، وشبه المقالة بالمثلث، تكون الفكرة إحدى زواياها والزاوية الثانية هي معلومات ومصادر الكاتب التي تعطي المقال مصداقية، مبينًا أن المعلومات أصبحت متاحة في عدد كبير من المواقع والكتب ويمكن الحصول عليها بسهولة لكن بامتزاجها مع الفكرة التي تمثل براءة اختراع للمقال تعطي هذه الفكرة قوة ومصداقية كبيرة، كما لا بد أن يوثق الكاتب معلوماته التي أوردها في المقال بمصادر موثوقة، فالمقال بحث مصغر يخرج منه القارئ بعدد من المعلومات المفيدة، كما حذّر المبتدئين من الكتابة من مبدأ (خالف تعرف) والحديث لأجل إثارة الضجة، قائلا: على الكاتب أن يترفع ويناقش بهدوء وحيادية وموضوعية مبتعدًا عن الزعيق الفردي الذي يستخدمه معظم الكتاب، مشيرًا إلى أهمية رأس المثلث الأخير وهو اللغة وجمال الأسلوب لنخرج منها بمقال ذي فكرة جيدة وبمعلومات مفيدة في قالب لغوي جميل. وشددت بدورها الدكتورة نوال الحلوة أستاذ الكرسي على أهمية اللغة لإيصال الفكرة قائلة: هذه هي البنية التحتية لكرسي الجزيرة فالكرسي يسعى للتدريب على المهارات اللغوية لما لها من أهمية في الكتابة الصحفية. الطالبات يشدن بالملتقى وعلى هامش الورشة التقت (الجزيرة) عددًا من الحاضرات اللاتي أشدن بهذا الملتقى والجهود المبذولة فيه، وعبّرن عن امتنانهن لكرسي (الجزيرة) الذي نظم الملتقى ولجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن واللجان المشاركة، حيث ذكرت أماني عبد الله المطيري (المرحلة المتوسطة): «حضرت الملتقى لطموحي أن أصبح كاتبة متميزة مثل الأحمدي، وأشكر كرسي (الجزيرة) على تنظيمه لهذا الملتقى الذي استفدت منه كثيرًا. بينما عبّرت أماني محمد العودة (طالبة بكلية الآداب) عن سعادتها قائلة: «الملتقى جدًا رائع، وأشكر كل من ساهم فيه، وهو فرصة لنا لتنمية مهاراتنا اللغوية والأدبية، استفدنا كثيرًا من هذا الملتقى، ونتمنى المزيد من التألق والمعرفة مستقبلاً». فيما أكّدت ابتسام باسنبل (طالبة ماجستير الإعلام)» على أهمية الملتقى وحاجة الطلبة له قائلة: «نحن بحاجة لهذه الملتقيات للاستفادة من الخبرات الموجودة في فنون الإعلام والكتابة، وقد قدم الملتقى اليوم خلال ورشة العمل تجربة وعرض كيفية كتابة المقال في ساعات محددة وبطريقة سلسلة، والجميل هو في اختيار أصحاب تجربة كالأستاذ الأحمدي الذي قدم تجربة ثرية جدًا من ممارس لهذا الفن، وهذا ما نفتقر إليه في الدراسة الأكاديمية». وعن سبب حضورها للملتقى ذكرت هياء القحطاني (طالبة في قسم اللغة العربية بجامعة الأميرة نورة) هوايتي كتابة الخواطر وقراءة الكتب والمجلات المختلفة، وأطمح للاستفادة من هذا الملتقى في تطوير كتابتي». وقالت هديل البخاري: «قرأتُ إعلان الملتقى في جريدة (الجزيرة) فبادرت بالحضور، لحرصي على تطوير كتابتي من خلال كتّاب كنت اهتم بالقراءة لهم كالأستاذ الأحمدي الذي كانت تعجبني حجم المعلومات التي اكتسبها بعد قراءة كل مقال له». فيما بيّنت مريم الأحمدي (لغة عربية - كلية الآداب): «هوايتي في كتابة المقالات وحبي لهذا الجانب جعلاني أسعى لتوسيع معرفتي بهذا الجانب، وأشكر كرسي (الجزيرة) على رعاية مثل هذا الملتقى، كما أشكر جامعة الأميرة نورة التي سعت بتنظيمها لهذا الملتقى لتنمية مهارات طالباتها، ورعاية مواهبهن». وأكّدت مواهب محمد المولد (طالبة اللغة العربية بجامعة الأميرة نورة) عن رغبتها في الحصول على التجربة قائلة: «حضرت لهذا الملتقى رغبة في الحصول على تجربة جديدة في مجال الصحافة، ولكي أتعلم كيفية كتاب المقال من أصحاب الخبرة في هذا المجال، وهذا ما وجدته في هذا الملتقى الذي خرجت منه بالمتعة والفائدة». لقطات: - تجاوز عدد الحضور اليوم المتوقع، حيث بلغ عدد الحاضرات في القاعة النسائية وحدها 70 حاضرة. - غلبت فئة الطالبات من المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعية، فئة الأكاديميات وطالبات الدراسات العليا، وكان من بين الحضور دارسات من علم النفس والاجتماع والقانون خلاف تخصصات اللغة والإعلام. - أشاد الأستاذ الأحمدي بالتنظيم المتميز الذي قلما نشهده في ملتقيات كهذه. - كانت المداخلات مثرية ومتعددة، مما أعطى للورشة تفاعلاً أكبر من الجميع.