تدور عجلة الزمن وبدورتها تتجدد الأفراح والذكريات، حيث تستوقفنا الذكريات الجميلة بما فيها من بطولات وأمجاد ومآثر لنقتبس منها تلك الروح التي صنعت الأمجاد والمآثر لكي تنير لنا الطريق، وتبدد دياجير الظلام الذي تعيشه أمتنا العربية والإسلامية وتجدد الآمال في استنهاض الهمم وإيقاد روح التجدد والتطور والإبداع لدى شباب الأمة، ولكي تستشرف الغد المشرق الذي يعيد لأمتنا عزتها وإبائها ويرتقي بها إلى مصاف الدول المتقدمة. فنحن اليوم أحوج ما نكون إلى تلك الروح الوثابة التي حققت المنجزات وخلَّدت تاريخ الآباء والأجداد الذين صنعوها بصبرهم ونبوغهم، وها هي ذي الأجيال تتناقل تلك الأمجاد والمفاخر كابراً عن كابر وجيل عن جيل تستقي منها الدروس والعبر التي تشحذ هممهم وتقوي عزائمهم لكي يقتفوا طريق آبائهم وأجدادهم ويحذو حذوهم في بناء الأمجاد وتحقيق الآمال والطموحات التي تسعى الأمة إلى تحقيقها ولتكون هذه المعاني حافزاً ودافعاً لتفجير طاقاتهم الإبداعية، فنحن أمة ما برحت تنجب الأبطال الأفذاذ، والعباقرة العظام الذين سادوا الدنيا وعلَّموها أعظم الدروس ونشروا نور العلم في كل أرجاء المعمورة. واليوم ونحن نعيش أفراح اليوم الوطني المجيد لمملكتنا الغالية تحملنا طيور الفرح لتغرد بنا في دوحة الذكريات حاملة معها عبق البطولات وصور من المفاخر التي صنعها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - الذي قاد معركة البناء والتوحيد وجرد لها كل الإمكانات والهمم والعزائم وانتدب لهذه المهمة أعظم الرجال الأبطال الذي كانوا خير عون وخير سند له، توج هذا العمل بأعظم إنجاز حيث لمَّ شمل هذه الأمة في وحدة متلاحمة قلَّ مثيلها في عالم اليوم. لقد أقام المؤسس دولته على أسس ثابتة من الدين والعدل والأمن والأمان، وجمع شملها بعد شتات، فعمَّ الأمن بعد الخوف، وانتشر العلم بعد الجهل، وساد الغِنى بعد الفقر، وأصبح الاستقرار سمة المجتمع بعد أن كان الترحال والهجرة هو القاعدة، وانتشر العمران في أرجاء الوطن حتى أصبحت المدن السعودية رموزاً حضارية، وعلامات عمرانية شامخة. فاليوم الوطني هو المناسبة الأهم وهو يوم خالد في سجل التاريخ والاحتفال به هو تعبير عن حب الوطن والولاء له والاستعداد للتضحية في سبيله بالنفس والنفيس... فهو الوطن الذي نشأنا فيه وترعرعنا على ترابه، وتنفسنا هواءه، وأظلتنا سماؤه، وعشنا من خيراته، وهو الذي يحتضن ذكرياتنا.. وهو الوطن الذي انطلقت منه دعوة الإسلام لنشر النور والأمل في ربوع الدنيا، وتحرر الإنسان من العبودية لغير الله وهو مهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين الذين يقصدونه من كل حدب وصوب لأداء فريضة الحج والعمرة والعمل، وهو وطن الإنسانية الذي تفيض يده بالمساعدات والخيرات لكل محتاج. فهذه الذكرى العطرة فرصة ذهبية لأبنائنا ليتذكروا هذا التاريخ المشرق ويحفزهم على شحذ الهمم واستكمال مشروعات البناء والإسهام في دفع عجلة التقدم والتنمية التي سار عليها ملوك المملكة السابقين، والتي نشهد آثارها الآن في عصر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاة - في ظل المشروعات الجديدة والمباني الضخمة التي تنبئ بعصرٍ مزدهرٍ لوطننا المجيد.