يمضي عام ويأتي بعده عام يحمل في طيّاته الخير والبركات، وتتواصل فيه العطاءات المباركة والنافعة للوطن والمواطن فها هي الذكرى الثمانون لليوم الوطني الجيد لوطننا الغالي تتجدد هذا العام تحمل معها بشائر الخير والنماء والازدهار والاستقرار والتي تصادف يوم الخميس الأول من الميزان الرابع عشر من شهر شوال - ألف وأربعمائة وواحد وثلاثون من الهجرة المصادف للثالث والعشرين من شهر سبتمبر للعام ألفين وعشرة من الميلاد. إننا عندما نحتفل بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا والعزيزة على نفوسنا، لابد وأن نتذكّر فيها مجد وكفاح الوالد المؤسس في بناء دولة ذات كيان مستقل ترتكز على كتاب الله وسنّة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما يجب أن لا ننسى أن ما ننعم به الآن من رخاء وأمن وأمان يعود الفضل فيه لله ثم للملك عبد العزيز رحمة الله عليه. لقد استطاع الملك المؤسس أن يقوم ببناء دولة مسلمة، كما استطاع بحنكته وسياسته الحكيمة أن يقوم بإرساء قواعد الأمن ونبذ الخلافات وتوحيد الكلمة والصف بين القبائل التي كانت تسود بينها الفرقة والتناحر، كما أنه - رحمه الله - عمل على خلق مجتمع تسوده المحبة والراحة والطمأنينة وسعى لإيجاد سبل العيش والرفاهية لأبنائه المواطنين، ولم يتوقف عند ذلك الحد بل انه كان من أولوياته إنشاء الوزارات والإدارات التي تقوم بخدمة المواطنين والمقيمين، وإنشاء المحاكم الشرعية التي تقوم بتطبيق شرع الله وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم. كما انه كان حريصاً على رعاية الحرمين الشريفين وخدمتهما وتقديم كل الرعاية للحجاج والمعتمرين وتأمين الراحة والأمن لهم. وقد تحقق له ولله الحمد ما أراد بفضل إيمانه بالله وحسن نواياه، حتى أصبحت المملكة العربية السعودية دولة لها كيانها ولها مكانتها المرموقة بين دول العالم، وصارت عضواً في كثير من الهيئات والمؤسسات الدولية. كذلك عمل جاهداً على خلق أواصر المحبة والألفة بين إخوانه العرب والمسلمين وكذلك الأصدقاء وتوطيد العلاقات الطيبة مع الجميع. كما أنه - رحمه الله - لم يغفل عن إخوانه المسلمين المحتاجين والمتضررين في شتى بقاع الأرض وتقديم يد العون والمساعدة لهم وتوحيد صفهم ولمّ شملهم وحل خلافاتهم والمحاولة على حل قضاياهم، وتأتي قضية الشعب الفلسطيني ومعاناته من أول وأهم القضايا التي وقف معها وناصرها بشده ودافع عنها بقوة، بل كان أول من دعا بضرورة إعطاء الشعب الفلسطيني حقه واسترجاع أرضه ومقدساته. لقد اتصف الملك عبد العزيز بالحكمة والشجاعة وسرعة البديهة وسداد الرأي مما جعله قائداً فذاً يعرف كيف يتعامل مع المشاكل والقضايا ويضع الحلول المناسبة لها، ويعرف كيف يدير دفة الحكم وشؤون البلاد بحكمة ودراية. كما كان - رحمه الله - شديد الحرص على تربية أبنائه ومجالستهم له والاستفادة منه في كيفية تصريف الأمور والتعامل مع أبناء شعبه. وكان - طيّب الله ثراه - يحثهم على ضرورة اتباع شرع الله ونشر العدل والمساواة وإنجاز أمور المواطنين بكل يسر وسهولة حتى توفي - رحمه الله - في العام ألف وثلاثمائة وثلاثة وسبعين للهجرة، بعد أن أرسى قواعد البلاد وقام بإنشاء دولة سعودية حديثة يشار إليها بالبنان. وقد خلفه من بعده أبناؤه الملوك الكرام الملك سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله جميعاً - الذين أكملوا مسيرة والدهم العظيم وساروا على نهجه، واليوم ها هو سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - رعاه الله - يكمل المسيرة المباركة ويسير على خطى والده وإخوانه - طيّب الله ثراهم -. إننا في هذا اليوم الأغر لابد وان نتذكر بكل فخر وشموخ كفاح وملحمة وإنجاز المؤسس البطل، كذلك يجب أن نزداد تماسكاً ومحبة والتفافاً حول قيادتنا - وفقها الله - وإصراراً وحماساً وتفانياً في بذل المزيد من الجهد والإخلاص لخدمة بلدنا والدفاع عنه وعن ترابه الطاهرة، وان نبذل الغالي والرخيص والنفس والنفيس من أجل أمن ورفعة وطننا الغالي وطن المجد والعزة والكرامة، لكي يبقى شامخاً وعزيزاً، وتظل راية العز عالية خفّاقة دائماً وأبداً بإذن الله. إن اليوم الوطني يوم مجيد ومحبب لنا، يوم له مكانته وخصوصيته لابد وان نحببه لأبنائنا ونوضح لهم ماذا يعني لنا جميعاً، إن هذه المناسبة ومثيلاتها لاشك بأنها تنمي فينا روح المواطنة الصادقة والولاء لله ثم لقادتنا ووطننا. نسأل الله أن يحفظ بلادنا ويديم عليها عزها وأمنها واستقرارها في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد الأمين وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وأن يحفظ الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي الوفي من كل سوء وشر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.