عندما تكون في صحة وعافية فإنك تستطيع أن تتحرك، وتنظر، وتسمع، وتأكل، وتشتهي، وتشرب مما تشاء، وتنام في هناء، وتفكر بقدر ما وهبك الله من حكمة، وتستأثر بمقدار ما رزقك ربك من فطنة، فتعيش في نعم الله الظاهرة والباطنة، وربما تسعد بجلها، إن عرفت قدرها، وأحسنت الاستفادة منها. وفي ظل هذه الهبة الربانية كان من الواجب عليك صرف الشكر والثناء للخالق الرازق، والمعطي المانع، الذي ليس لفضله حدود، وليس لعطائه قيود، فسبحانه جلت قدرته. عندما يكون المرء في هذه الحال فمن تمام شكر نعم الله عليه أن ينظر إلى غيره من إخوانه الذين ابتلوا ببعض الأمراض فأصبحوا في حاجة إلى المساعدة، والرفع من معاناتهم، والمساهمة في شفائهم، فيا لها من نعمة عظيمة أن تمتد يد العون إلى ذلك الفقير والمحتاج من البشر. وجمعية (كلانا) لرعاية مرضى الفشل الكلوي جمعية خيرية ترعاها مؤسسة الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وقد عملت وما زالت تعمل في خدمة مرضى الفشل الكلوي، فأدخلت السعادة على الكثير من المرضى، وأصبحوا يعيشون حياتهم بفضل العطاء الذي يبذله القائمون على الجمعية وأهل الخير من الناس. إن من يعلم أن عدد المرضى الذين كانت المؤسسة تقوم برعايتهم عام 1401 كانوا 83 مريضاً ثم ارتفع ذلك العدد في وقتنا الحاضر حتى أصبح أكثر 9400 مريض، يدرك أن جميع الأموال التي تصل إلى هذه المؤسسة الخيرية تذهب لخدمة المرضى الذين نذرت نشاطها لهم، وأنها حققت الكثير من سبيل رعاية من أحوجتهم الظروف إلى هذه الخدمة. إن رقماً يبلغ 9400 يستحق الوقوف عنده والتأمل، فهذا يتطلب مساهمات عديدة بأساليب شتّى، ولعل التعاون مع مؤسسات حكومية وأهلية يمكن أن يكون مصدراً من مصادر المساهمة في استمرار هذه المؤسسة في تقديم خدماتها، وكذلك التوسع في هذه الخدمة النبيلة، ولاسيما أن هناك زيادة ملحوظة في عدد ونسب المحتاجين لهذه الخدمة الإنسانية. ولعل إرسال رسالة قصيرة فارغة إلى الرقم 5060 من خلال شركة الاتصالات أو شركة (موبايلي) أو شركة (زين) يمكنها أن تلعب دوراً مهماً في إنقاذ نفس بشرية في حاجة إلى هذه المساعدة، كما أن الاشتراك الشهري بما قيمته 12 ريالاً فقط عبر إرسال رسالة رقم 1 إلى الرقم ذاته يمكن أن يسهم بشك كبير في هذا الميدان النبيل. الرجل ربما يقضي ساعات وهو رافعاً سماعة الهاتف يتحدث عن كرة القدم، وسبب عصيان فلان لمدربه أو خصامه مع زملائه، وقدوم ذلك المدرب أو ذهاب آخر، وخسارة هذا الفريق أو ذاك، ويصرف من المال في دفعة واحدة أكثر بكثير مما يمكن أن يستثمره في الاتصال بالرقم المذكور ليحقق آمال جزء عزيز من قاطني المملكة، ومحققاً كنزاً ثميناً يجده في آخرته، وهو بهذا ربح الدنيا بإسعاد غيره، وربح الآخرة بما يناله من أجر في تجارة أخرى بعون من الله، فيا لها من تجارة رابحة. والمرأة، ربما تصرف الساعات في الحديث عن فلانة، ناعتة إياها بما يجود به اللسان من الكلمات التي ربما قد لا تكون مناسبة، واصفة فستانها الزاهي بالباهت، ولونها البراق بالخافت، وربما ترى عيونها الناعسة، دليلاً على نظرتها العابسة، وخدها الأسيل، بالشاحب الطويل. وهكذا، وهي في كل ذلك تشتري بالمال ذُنوباً، لا بغسله ذنوباً، وقد ترسل من الرسائل الهاتفية في اليوم الواحد شأنها شأن الرجل عدد غير قليل جلها ملئ بالنكت والهزل، والهرج والمرج، مع أنه يمكنها أن تصرف نسبة بسيطة جداً من مصاريف تلك الأحاديث والرسائل في رسالة واحدة إلى الرقم 5060، راجية من الله الثواب، ومنقذة قريباً أو صديقاً أو أخاً من إخوانها في الإسلام، فأين منا ذلك العمل، فهل نفكر قليلاً، ونختصر دقيقة واحدة من معدل تكاليف مكالماتنا اليومية غير الضرورية لنوجهه إلى استثمار لما بعد الممات، وننقذ به من هو في حاجة إلى ذلك المصروف من المال في غير حاجة. إننا في انتظار المساهمة من الجميع، فلعلنا نجرب في هذا الشهر الكريم إرسال هذه الرسالة يومياً، ونحس بفائدة ما تعمل، فنستثمر فيما ينفع، راجين أن يكون عملنا خالصاً لوجه الله تعالى.