قرارات أو خطابات أو تعاميم التربية والتعليم هذه الأيام يأتي بعض منها غير مدروس بعناية أو تغلب عليه صفة الآنية أو الظرفية، فمن المهم في قطاع كهذا أن تكون الأنظمة واللوائح متكاملة وتسري على الحركة التعليمية برمتها وألا تكون كالعادة مبنية على هذا النحو من التعاميم الطارئة والخطابات المعدة على عجل. آخر مشهد تعميمي لا يبدو أنه تربوي أو توجيهي إنما هو إجراء إداري احترازي ضد معلمي المرحلة الابتدائية لا أكثر ولا أقل، فقد طُلِب من المدارس وبطريقة أبوية صارمة عهد فيها أنها لا تفضل النقاش بقدر ما تود تنفيذ الأوامر دون أسئلة من قبيل: (ليش طيب؟!) فجاء الطلب بفحوى تعليق نتائج وشهادات الصغار في الصفوف الابتدائية، بل وتعتبر الدراسة في هذه الصفوف سارية حتى نهاية اختبارات المرحلتين المتوسطة والثانوية مع نهاية دوام يوم الأربعاء 18-7-1431ه.. فلا يمنح هؤلاء الصغار أي شهادة أو (أي كعكة نجاح مبردة) إلا بعد أن تنتهي جميع المراحل؟! إن وجدت بالطبع كعكة نجاح.. ومن عجائب هذا الخطاب أو التعميم الذي سلق بسرعة بالغة.. (أسرع من براد أبو أربعة) أن طلاب المرحلة المتوسطة ينهون اختباراتهم قبل موعد تسليم النتائج للصغار (الابتدائي) وليس في الأمر ما يبرر ذلك، أو يدعو إلى هذا التكريس العجيب لفن (قهر المعلمين) حتى وإن كان على حساب فرحة هؤلاء الذين يتشوقون لقطف حصاد تعليمهم البسيط. الأمر بالفعل غريب ومؤلم حينما نكتشف أن المقصود من هذا التأجيل هو (دوام المعلم والمعلمة)، فمن أجل حشرهم في الزاوية الضيقة وعدم منحه حتى فرصة التخيل بأنهم سيلتقطون الأنفاس. فلكيلا يكون الضحية الطفل في مراحل الصفوف الابتدائية.. أليس من الأجدى البحث عن بدائل لهذا التصور الذي يراد فيه بقاء المعلم داخل أسوار المدرسة وإشعاره أن مهمته لم تنته بعد، ولماذا إذاً لا يخضع لدورات تدريبية تعينه على الاستعداد للمرحلة المقبلة وذلك بطريقة مسئولة وغير محرجة؟ مشهد آخر في الحصاد المر لرحلة التربية والتعليم هي الإطالة وافتعال برامج تعليمية، وترتيب مناهج طويلة وعريضة من أجل ألا يتمتع المعلم بإجازة أطول بغية أن يتساوى في أيام إجازته مع الموظف في قطاعات أخرى. من الحيف والظلم عدم التمييز بين رسالة التعليم والعمل الوظيفي الآخر، ثم لماذا هذه الإطالة في أسابيع الدراسة طالما أن المناهج يمكن أن يفرغوا منها مبكراً ولاسيما وأن حرارة الجو تشتد بل تلتهب في نهاية العام الدراسي. كل الدول من حولنا تعد العدة مبكراً لتتخلص من تبعات الحر الذي يتجاوز الحدود المعقولة، إلا أن ما في الأمر لدينا للأسف - كما أسلفنا - هو أن تكون أيام إجازة المعلم مثل إجازة الموظف في القطاعات الأخرى، ولا سبب غير ذلك للأسف رغم محاولات التربية والتعليم التظاهر بأن الأمر تربوي ينطلق من الحرص على التحصيل العلمي ومستوى الطالب والعمل على راحته!! [email protected]