هل يمكن أن نفاجأ أو نتعجب ناهيكم عن أن نستغرب من إلقاء أجهزة الأمن اليقظة في المملكة على ممولة الإرهاب هيلة القصير «أم الرباب» كما ويطلقون عليها مسمى «سيدة القاعدة»؟ وهل يمكن أن نعتقد أن المسألة وملابساتها ستنتهي عند هذا الحد أو ذاك هكذا دون أية تداعيات أو تمخضات؟. قطعاً الإجابة لا يمكن أن تكون بنعم، بل تظل مرتكزة على هرم أداة النفي وحرفه القاطع «لا» حتى يتم تصفية الشر وأهله من ديار العرب والمسلمين. نقول هذا القول بعد أن دعا ما يسمى بالرجل الثاني في تنظيم القاعدة باليمن «سعيد الشهري» المكنى ب»أبي سفيان الأزدي» مؤيدي التنظيم وأعوانه وزبانيته إلى خطف الأمراء والوزراء والمسيحيين رداً على اعتقال هيلة القصير. وأيضاً نقول ذلك بعد أن بات مؤكداً للجميع من أقاصي مشارق العالم الإسلامي إلى مغارب أرضه حرص تنظيم القاعدة الإرهابي وزعاماته وعناصره من الخوارج على تجنيد الشباب ومن ثم الأطفال وأخيراً النساء لخدمة أهدافه ومطامعه التي ترتكز على الإضرار بالمسلمين وأرواحهم وممتلكاتهم. الغاية تبرر الوسيلة في منطق تنظيم القاعدة وأتباعه وأعوانه من الخوارج، وإلا لماذا بات يحرص على تجنيد الأطفال والنساء؟. على سبيل المثال لا الحصر، هيلة القصير تصرفت بشكل جاهل وحاقد ومغرض لأسباب شخصية تم تجنيدها بموجبها وانطلقت في أفعالها الداعمة لتنظيم القاعدة مؤكدة على صلتها قلباً وقالباً مع الإرهاب وتنظيمه في اليمن حيث تمكنت من جمع نصف مليار دولار لدعم تنظيم الإرهاب للقيام بالعمليات الإرهابية ضد الإسلام والمسلمين في أرض الجزيرة العربية مهبط الوحي وموقع الأراضي المقدسة. لهذا نقول لهيلة القصير ما هكذا تورد الإبل يا أم الرباب؟. لكن.. هكذا هم يفكرون، وهكذا هم يرون العالم العربي والإسلامي بمنظور ضيق وبلونين الأبيض والأسود. فهذا هو منطق الخوارج الأعوج الذي ميزهم عن غيرهم من المارقين على الإسلام والمسلمين على مدى التاريخ منذ أن خرجوا بالعنف على خليفة رسول الله وإمام المسلمين عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأدى خروجهم إلى الفتنة التي لم تنتهي بمقتله ولا حتى بعد ذلك بمقتل الخليفة الرابع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه. الخوارج متخصصون في قتل المسلمين وذبحهم وإهدار دمائهم وتدمير ممتلكاتهم وهتك أعراضهم، فيما يعطون الأمان كل الأمان لأعداء الأمة الإسلامية بل ويسهلون عليهم الاصطياد في الماء الإسلامي الذي يعكرونه لهم بأفعالهم المشينة وسلوكياتهم الدموية. الرابط الوثيق بين الخوارج يعتمد على منطق شاذ وفكر عقيم وعقيدة نشاز متشددة وهوجاء لا ترحم ولا تفرق بين الحق والباطل ولا تقبل بغير إراقة الدماء لتصفية الخلافات أو لإثبات وجهة النظر أو حتى لجر الانتباه ولفته. ولاشك أن السذاجة وحدها والجهل ذاته هما الزاد الذي يتقوى عليه تنظيم القاعدة ويستمد منه قوته ويجدد بهما خلاياه وينشط بهما دماءه. فالسذاجة والجهل وإن كان صاحبها فقيراً لن تمنعاه من مد يد العون والمساعدة لتنظيم القاعدة فيما لو تعرض لجرعات مكثفة لخطابه الحماسي ولمنطقه المشبوه. والفقر بدوره لا يمكن أن نعفيه أو نستبعده من إيقاع صاحبه فريسة سهلة بين مخالب فكر تنظيم القاعدة وإن كان صاحبه محصناً بالعلم أو المعرفة. بالإضافة إلى ما سبق فإن الحقد والكره والمعاناة على المستوى الفردي ناهيكم عن المستوى الجماعي تؤدي بأصحابها، كما حدث مع أم الرباب إلى البحث عن أي طريق لتحقيق نهم الانتقام وإشباع غريزته التي لا تنتطفئ لدى البعض إلا بالثأر الدموي. إنها بالفعل سلوكيات إنسانية شاذة، لكن لا يمكن استبعاد وجودها من أي مجتمع إنساني مهما كان متقدماً أو متخلفاً. من هنا فإن التركيز على منطق الحوار والاعتدال والوسطية، وتشجيع الشباب على تقبل الرأي الآخر والاختلاف مع الآخرين، والشفافية في الطروحات باتت ضرورة حتمية لهذا الجيل ولجميع الأجيال الوطنية القادمة كي يمكن تحصينها من فيروسات العنف والإرهاب والتطرف. هذا المنطق النبيل وتلك الطريقة الفاضلة نادى بتبنيها وتطبيقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فليحفظه الله.