من يقف في وجه التطور والتغيير قد يكون واحداً من اثنين، إما جاهل لا يدرك معنى تحولات الحياة وتطورها، أو عارف لكنه يكابر في وجه هذه التبدلات الحياتية المعهودة، وحول هذه الثنائية تقف الرؤية مذهولة من حجم هذا الهلع عند بعض المراهنين على بقاء نهج التعليم وسبل التربية في حالة تجمد وبيات رغم محاولات البعض تحريك بحيرتهما الراكدة في عقولنا منذ عقود. إرهاصة ذلك عندما سعت «قناة الاقتصادية» إلى طرح أسئلة مستفهم حول أهلية وجاهزية التلقي لمشروع تحويل الصفوف الدنيا للطلاب الذكور إلى مدارس البنات، فكان لا بد لنا من أن نجيب برؤية يكفلها العرف الإعلامي، وتحتمها الرؤية المجردة والخاصة، مثلما للآخرين الحق في تقديم رؤاهم المعارض منها والموافق، حيث تقوم وسيلة الإعلام عادة في نقل هذا التصور إلى المسئول.. أو من يمتلك القرار للنظر بأمر هذه الآراء، وتغليب ما تراه فرضيات التحول والتلقي من قبل جهات ولجان مختصة تدلي بدلوها أيضاً في هذا المجال. ومع أول مداخلة كنا فيها الضيوف كان الهجوم اللفظي لا يخلو من عويل ومناحة ورغبة ممضة على أن تبقى الأحوال التربوية والتعليمية على ما هي عليه، فهؤلاء لا يريدون لطروحات التعليم أن تتبدل أو تتحول نحو الأفضل أكثر من أن تكون تغييراً في بعض المسميات مع بقاء العقليات المستريبة من كل أمر جديد قد يتم من خلاله تحول ما في سياق البناء التربوي والتعليمي على نحو ربط الصفوف الدنيا للبنين بمدارس البنات في فصول مستقلة تضطلع بمهمة التدريس فيها المعلمات. فالذي ولول لهول ما يراه حالة من التردي والضياع والزندقة والعلمانية والليبرالية.. وهو ربما لا يعرف معناها، إلا أنه من المؤكد أنه يستخدمها دائماً أوصافاً أو نعوتاً لمن يخالفونه الرأي على نحو من خالفهم وأراد أن يقول رأيه غير الملزم من أجل عيني عبارتي: (لعل وعسى) الواردة دوماً في قاموس البحث عن أي مخرج مناسب لحال التعليم المتردية في عُرف الكثير من الباحثين والفاحصين والمعلمين والآباء وكل من له دور - وهم كُثر - في أمر التعليم. فالتربية والتعليم معروف عنها ارتباطها الوثيق بالمجتمع كحلقة كبيرة بداخلها حلقة أصغر تتمثَّل في الأسرة.. وحلقة أصغر وأهم خصوصية تتمثَّل في الوالدين باعتبارهما المربين والمعلمين والراعين دوماً لمسيرة الأبناء في التحصيل العلمي. أمر لا بد من ذكره وتجاذبه على الملأ يتمثَّل من وجهة نظر الكثيرين.. ونحن منهم أن إسناد مهمة تعليم الصفوف الدنيا (بنين) في مدارس البنات خطوة لا بأس فيها، لأسباب كثيرة أهمها أن المرأة وهي المعلمة والأم في هذه الحالة أقرب إلى الطفل في هذه السن، وأمر آخر هو عزوف المعلمين عن تدريس الصفوف الدنيا وجعلها محطة استراحة لبعض المعلمين الكسالى.. أو من حارت بهم الأفكار لعدم أهليتهم للتصدي للتدريس.. فكانت الصفوف الدنيا هي الملاذ لهم وللأسف. [email protected]