حينما تثار بعض القضايا المفاجئة في المجتمع، وتعرض غالباً أمام الملأ مدعمة بوسائل الصوت ووسائط الصورة التي باتت تتوافر في أجهزة الاتصال المختلفة.. فإنك لن تجد بداً من التسليم بأن القصد منها هو رغبة الظهور، أو ربما هي من قبيل رغبة التعرف عن قرب على بعض الحوادث التي تغلب عليها صفة الإثارة، أو الخروج عن المألوف. فالتداول العبثي لمثل هذه الصور أو المشاهد التي قد يظهر فيها طابع النزوة، ويعزز فرضية حب الفضول، أو رغبة الاستطلاع، حتى وإن كانت هذه المشاهد أحياناً مفبركة، أو منتزعة من سياقها الأصلي، لتقتنع بطريقة أو بأخرى بأنها رسائل غير واقعية في الكثير من الأحيان. فحينما نتأمل أسباب ودواعي هذه الرسائل والمشاهد، يرتسم السؤال المحير عن خلفية من يقف وراءها؟! أو من ذلك الذي يغرم بتداولها بشكل فج وسافر؟! إذ لا نجد في الغالب الأعم - للأسف - إلا مراهقا يحب الظهور، أو متصابيا صاحب نزوة يريد أن يضرم نار الخلاف حولها، بغية أن يصنع منها ما يعتبره متعة عابرة، أو فرصة للتسلية. إلا أن الأكثر إيذاء في هذه القضية هو تحوُّلها خلال فترة وجيزة من حالة خطيرة إلى مجرد نزوة، أو فقاعة، أو زوبعة لا تلبث إلا أن تخمد، دون أن تكمل دورتها المنطقية في التعاطي معها بوعي، من خلال تحليلها منطقياً بغية الخروج - قدر المستطاع - بنتائج واقعية قد تحقق أي هدف استرشادي مفيد، أو مضمون ممكن ربما يحتاج إليه الباحث عن الحقيقة، أو المتخصص في شأن هذا السلوك العجيب. فلو جاءت هذه المنقولات والمصورات عبر الرسائل محققة لدعم الحقيقة وإثبات الحجة في بعض القضايا الأمنية مثلاً على نحو فواجع الحوادث المرورية، وجرائم الخطف، والحرائق والغرق، أو تثبيت الإدانة على أي مقترف لخطأ مهني، فقد تكون مفيدة؛ نظراً إلى أهمية التوثيق المفترض فيها. لكن هذه القضية - كما أسلفنا - لا تلبث كثيراً؛ إذ سرعان ما تتحول إلى مجرد فقاعة حكائية ومن ثم تخمد؛ فلا يصبح للجدل حولها أي معنى، ولاسيما حينما يزيح أي أمر طارئ جديد هذه القضية التي لاكتها الألسن لتأخذ الحكاية الجديدة مكانها على شفاه الرواة، حيث اعتاد الناس على التفاعل مع كل ما هو جديد وطازج حتى في المصائب، والنوائب. ربما نتواءم مع هذه المنقولات والمصورات ونسوغها على أنها جزء من الوقائع الممكنة لنقول عنها: رُبَّ ضارة نافعة، ولاسيما لحظة إسهامها في كشف بعض الخلل في تصرفات الناس، وممارساتهم، وقد تكون مجدية بالفعل حينما يتم التعرُّف على ما وراء هذه المصائب المسجلة بالصوت والصورة، وكشف المتسبب فيها؟ فمن خلال هذه الصور إن وثقت بشكل علمي وعملي مدروس قد نتعرَّف على آخر مرحلة وصل إليها أمر التحقيق وإثبات الحجج على بعض هؤلاء المتهورين، ومقترفي الأخطاء المؤذية التي تحتاج حتماً - بعد إثبات الحجج - إلى عقاب رادع، أو معرفة أي ردٍّ قانوني في أي فصل من فصول هذه القضية، أو تلك. فإما أن تتم إدانته أو براءته مما نُسب إليه. [email protected]