حينما يغزوك صوت... يجتاحك... يتغلغل في ثنايا خلاياك.. يسري كما الدم في شرايينك.. يهزك كما النبض في عروقك.. يغريك فتنتشي معه، ولا تملك إلا أن تقول: أعطني الناي وغني.. حينها سيأخذك الحنين تلو الحنين، ويبقى حنينك في تصعيد مستمر. .... وبعده هالحنين من خلف الحنين.... بالدمع يغرقني... بأسامي منسيه.. تا أعرف لمين... وما بعرف لمين.. وبعده هالحنين... من خلف الحنين... يشلحني بالمنفي.. بعيونك الحلوين. آه يا فيروز... حينما يشلحك الحنين..... يعريك أمام الشخص الذي تحرص على ستر مشاعرك أمامه.. أي فيروز هذه.... تلملم شتاتك بأغنية، وتبعثرك بأخرى؛ حتى أنك لم تعد تميز بين الغناء والنواح. آه... من غربة الروح... يا عذبة البوح........ يا فيروز! وسألت أهل الدار: وين الناس واهل الدار؟ قال لي الهجر غدار تركوا البيت.... طفيوا النار وبعدوا الحبايب. ثمة صوت يقهرك... يجبرك على اجترار الألم... تذعن إليه بمحض إرادتك.... تسمعه بذريعة الطرب، فتكتشف بأن الطرب إشاعة... حيث هو باذخ الألم. تبكي لصوت وأنت محمّل بآخر... تفجر أحاسيسك بحزام ناسف! لأجل مَن؟ آه... من صوت يشاطرك كل شيء... همومك... أفراحك... أحزانك... ذكرياتك... إشراقتك... عبوسك.. مساءاتك... دياجير ليلك... ويأتي المساء..... وكأنك اعتدت على اللقاء كل مساء.. تنتشي روحك الكئيبة بحلول الظلام.. طير المسا جايه من سفر طويل.... وعلى باب السهرة تبكي المواويل.... ونطفي القناديل.... وتبكي المواويل.... ونسهر على العتمة ليلتنا سوا... تسرد على مسمعك فشلك العاطفي وانكساراتك، لكأنها تسخر منك.. تعريك أمام نفسك وتشلح وقارك المصطنع.. أهواك بلا أمل وعيونك تقصمني وورودك تغريني بشهيات القبل.. ... دواره ع دواره، دار الحكي، هجروا الأحبة الحاره ليش البكي.. آه من صوت يثير أشجانك.... يفتح نافذة على أرشيف ذاكرتك... يستعيد كل ما وضعته في سلة محذوفاتك من أماكن وأشخاص. ... جرب اني انسى... بتسرق النسيان.. وبفتكر لقيتك... رجع لي اللي كان... وتضيع مني كل ما لقيتك. يا وجع هذا القلم... أكاد أسمع حشرجاته بين الكلمات... المسافات... أم أنه جرح رُمّ على فساد؟ يوقظه صوت.. حين تظن أنك في مأمن.!.. يشعل الخوف داخلك وكأنه يقول: لا نجوت إن نجا. .... يا خوفي ابقى حبك في الأيام اللي جايه... واتهرب من نسيانك وما اطلع بمرايه.... حبسي انت.. انت حبسي وحريتي انت... وانت اللي بكرهو والاي بحبو انت. صوت يلهب ماضيك، يتربص بك، يعلن جراحك وأسرارك على الملأ، في أوج تغريده، تود لو تضع يدك على فمه مخافة أن يخرج أمر نفسك..... يتحرش بذاكرتك... عندما تظن أنك نسيت!... يفتح شريط الذكريات، فيجلد بسوطه حاضرك المرير.. فتتمنى أن تعود لزمن غابر.. لكن هيهات. .... فاكر لما راحوا أهلينا مشوار... تركونا وراحوا قالوا ولاد صغار.. ودارت فينا الدار.. ونحنا ولاد صغار... والهوى جمعنا وفرقنا الهوى... ... فاكر ع سهره وكان فيه صوت وندي.... والنار عم تغفي بحضن الموقد.. والعتوب مسافره... وما فيه كلام... ولا هدي قلبك ولا قلبي هدي. آه من صوت يهوي بك لمغارات ذاتك.. سخي بالجمال.... ويبيّت لك كل ألوان الوجع, يحملك أحياناً على المهانة والاستجداء.... .... زوروني كل سنه مره.... حرام تنسوني بالمره.. بنودع زمان... ومنروح لزمان... ينسانا على أرض النسيان.. بنقول رايحين ومنكون راجعين على دار الحب ومش عارفين.. صوت تسمح له أن يسطو على كل شيء فيك... يهزمك.. وتبقى متخشباً دون حراك... صوت تشعر معه بأنك أحق وأحوج بالبوح والشدو منه، لتصل رسائلك.. ..... سلم لي عليه،, قل له اني بسلم عليه.... بوّس لي عينيه.. قل له اني ابوّس عينيه. * آه.. ما أتعس عشاقك يا فيروز.. يقتاتون بصمت.... صوت.. صوت لا يشبه الأصوات.. أحسبه نزفاً بهيئة صوت! يكفي هذا الآن.. فقد... هب الغربي، وطاب النوم.. (ونامي يا عينيه إذا رح فيك تنامي).. للحديث بقية.