تتسبّب كسّارات الحجارة وخلاّطات الحصى المنتشرة في أطراف صنعاء، في زيادة درجة تلوّث الهواء وإزعاج السكان وتعريضهم للحوادث والإصابة بأمراض مختلفة. وتقدّر تقارير رسمية الخسارة الناجمة عن تلوّث الهواء في العاصمة بقرابة 100 مليون دولار سنوياً. وتنتشر الكسّارات ومعامل قطع الحجارة ومحارق النفايات في تجمعات سكنية نشأت حديثاً، وفي ما يعرف بالأحياء العشوائية. وتفتقر منشآت الكسّارات لمعايير السلامة. وبات مألوفاً مشاهدة سحب الغبار الصادرة عن هذه الكسّارات، وقد غطت بعض جهات العاصمة. وأشتكى عدد من أهالي حي شملان (شمال صنعاء) من الضرّر الناتج من استمرار عمل الكسّارات في منطقتهم، وتسببها في إصابتهم بأمراض. وقال بدر الزوار، المسؤول في «حارة الخانق» و «باب العمري»: «تقدمنا بشكاوى إلى الجهات المختصّة، من دون جدوى». وأوضح أن قرابة 20 الف نسمة يقطنون المنطقة، ويعانون يومياً من استنشاق الغبار الناعم الذي تحمله الرياح من جهة الكسّارات، ما يتسبب في الإصابة بأمراض رئوية، خصوصاً عند صغار وكبار السن. وذكر الزوار أن غالبية العائلات اضطرت إلى ترك المنطقة وبيع مساكنها بثمن بخس. كما تعرّض أحد أبناء الحي لحادث تسبب له بشلل جزئي عندما وقع من أعلى جرف صخري خلّفته إحدى الكسّارات. شكاوى لا تلقى استجابة وعرض احد الزوار الذي يقع منزله على بعد أمتار من إحدى الكسّارات، نماذج لشكاوى قدّمت إلى جهات رسمية مرفقة بتقارير طبية تشرح إصابات بعض من سمّاهم «ضحايا الكسّارات». وتابع: «لم نعد نستطيع أن ننام بسبب الإزعاج الناتج من عمل الكسّارات، كما تتسبب الاهتزازات التي تحدثها الآلات في خلخلة أساسات المباني... ويقع غبار الكسّارات على طعامنا، ولا تتمكن أسرنا من الصعود إلى سطوح المنازل». وتفيد معلومات رسمية أن نسبة الملوثات التي تعانيها صنعاء تزيد عن المعايير العالمية. يتضاعف ذلك مع طبيعة موقع المدينة التي تحيط بها الجبال وتمنع تشتت الملوثات، إضافة إلى الطبيعة الجرداء لتلك الجبال، ما يحوّلها مصدراً للغبار. وترتبط الكسّارات بعضها ببعض بطرق ترابية. وبحسب تقارير رسمية، فإن مصادر تلوّث العاصمة صنعاء تتمثل في مركبات النقل المختلفة ومولدات الطاقة الكهربائية، إضافة إلى الكسّارات ومناشير الأحجار والمحارق وغيرها. وتشير التقديرات إلى وجود نحو 80 كسّارة موزعة على عدد من المناطق الواقعة في محافظة صنعاء وأمانة العاصمة. وبيّن بعض الإختصاصيين أن استنشاق الغبار الناتج من الكسّارات المحتوي على دقائق صغيرة تقل عن 20 ميكروناً، قد يتسبب في جرح غشاء الرئتين، وأن بعض جزئيات الغبار يحمل مواد سامة من شأنها التسبب في الإصابة بالسرطان. وفي 2008، أقرّت الحكومة اليمنية نقل الكسّارات إلى مواقع بعيدة من المناطق الآهلة بالسكان. ويُلزم القرار مُلاك الكسّارات باستخدام منشآت مغلقة مزودة فلترات في عمليتي التكسير والطحن. كما يوصي بزيادة الغطاء النباتي ورصف الممرات الترابية المؤدية إلى مواقع الكسّارات، وباستخدام آلات حديثة والتقيد بإجراءات الصحة والسلامة المهنية. بيد أن القرار لم ينفذ حتى الآن.