بروكسيل - أ ف ب - يجتمع عدد من العازفين العرب المهاجرين والبلجيكيين في فرقة واحدة هاجسها إنتاج فن يثير اهتمام الجاليات المهاجرة والسكان الاصليين في الوقت ذاته، فاختاروا تقديم أغانٍ بلجيكية باللغة الفلامكنية، لكن بلحن وصوت شرقيين «لتشجيع الاندماج في الاتجاهين». تقدم الفرقة حفلاتها في كل المدن البلجيكية منذ ثلاث سنوات، وتشارك في الكثير من المهرجانات الموسيقية، وهي انطلقت من اجتماع عازفين، عربي مهاجر وبلجيكي، بعد صداقة طويلة ومشاريع عمل جمعتهما في مدينة كنت البلجيكية، التي يقيمان فيها. العازف والمغني المغربي جمال برزاك وزميله العازف البلجيكي ديرك دوفريند، وكلاهما يعزف على آلة الغيتار، كانا يبحثان عن شكل جديد يقدمان عبره الموسيقى للجمهور. فوجدا مرادهما في اقتراح المنتج البلجيكي روبير فان ايبر الذي دعاهما الى مشروع يجمع تراثهما الموسيقي ويمكنهما من التوجه الى جمهور واحد في مجتمع متعدد الثقافات. وكانت ثمرة ذلك اللقاء فرقة «جاؤوا من الجنوب» التي تضم عازفين عرباً آخرين على آلات القانون والكمان والايقاع والاكورديون. ويأخذ جمال على الجاليات العربية عدم اهتمامها بثقافة البلد الذي تقيم به. ويقول: «هم يسمعوننا ونحن لا نسمعهم، وهذه مشكلة كبيرة»، لافتاً الى ان ما تقدمه الفرقة هو مساحة يلتقي فيها جمهور الجاليات المهاجرة والبلجيكيين. ويؤكد الموسيقي المغربي انهم يستشعرون رضى الجميع، موضحاً ان «البلجيكيين الفلامنكيين يفرحون لأنهم يسمعوننا بلغتهم، والعرب كذلك لأنهم يسمعون موسيقى عربية». فالاغاني تبقى ناطقة باللغة الفلامنكية لكن الموسيقى تأتي عبر آلات شرقية، وكذلك اسلوب الغناء الذي يؤدي معظمه جمال، الى جانب ديريك ومغنية تركية مهاجرة عضو في الفرقة ايضاً. منتج الفرقة ومديرها روبير فان ايبر يشرح ان فكرة إنشائها جاءته بعد مشاريعه الكثيرة في إطار «موسيقى العالم»، وتعاطيه مع موسيقيين أجانب ومهاجرين. وجعله ذلك يدرك وجود «نقص» في التفاعل الموسيقي و»حاجة» لأن يهتم الموسيقيون المهاجرون بالجمهور البلجيكي الفلامنكي الذي يقدمون له عادة انواعاً كثيرة من موسيقى العالم، لكن «لا يبدون اهتماماً كافياً بثقافته الموسيقية الأصلية»، على حد تعبيره. ويوضح ان الفكرة في البداية كانت مشروع حفلة واحدة أُقيمت في «مهرجان كنت» الموسيقي، لكن بعد هذه الحفلة جاءه العديد من متعهدي الحفلات وطلبوا منه تقديم التجربة في مناسبات أخرى. ويقول: «هكذا مرت ثلاث سنوات ونحن نقدم الحفلات ونطور تجربتنا باستمرار». الفرقة بدأت عملها بإعادة توزيع اغانٍ بلجيكية معروفة لتعزفها الآلات الشرقية، لكنها لم تقف عند ذلك. ويشرح الشريك الآخر المؤسس للفرقة، ديريك دوفريند، ان الفرقة تقدم الآن اغاني خاصة بها، ومعظمها من تاليف الكاتب البلجيكي المعروف هرمان بروسلمانس. ويؤكد الموسيقي البلجيكي: «اعتقد انها تجربة غير مسبوقة» يقوم خلالها «كاتب ناطق بالفلامنكية بالاعتماد على موسيقيين شرقيين من العراق والمغرب وتونس ليؤلفوا موسيقى نصوصه». عازف القانون العراقي أسامة عبد الرسول، المقيم في بلجيكا، هو أحد أعضاء الفرقة التي يرى انها تجسد فكرة «الاندماج» بين ثقافات يتكون منها مجتمع واحد. ويقول عبد الرسول: «اضافة الى اندماج المهاجرين فإن البلجيكيين ايضاً مدعوون إلى الاندماج في شكل ما مع المجتمعات المهاجرة عبر التعرف على ثقافتها الموسيقية»، معتبراً ان هذه المعرفة «ستقودهم الى التخلص من فكرة ان المهاجرين مجرد متطفلين على ثروات بلادهم». ولفت الى انهم عازفون عرب، لكن يهتمون بتقديم ما يمس البلجيكيين والمهاجرين معاً، وذلك «يشجع الاندماج في الاتجاهين». ويؤكد العازف البلجيكي ايريك دوفريند «كل شيء مشترك يجعلنا اقوياء، وكل شيء مختلف بيننا يجعلنا اغنياء».