انتهكت الهدنة المفترض أن تسمح بنقل مساعدات إنسانية إلى آلاف الأشخاص المعوزين في اليمن مراراً اليوم (السبت)، بعد بضع ساعات فقط من دخولها حيز التنفيذ، وبدا أنها ولدت ميتة، لعدم وجود إرادة لالتزامها من أطراف النزاع. ودعا مجلس الأمن الدولي أمس جميع أطراف النزاع إلى احترام هذه الهدنة الإنسانية التي أعلنتها المنظمة الأممية، والمفترض أن تستمر من الجمعة عند الساعة 23.59 بالتوقيت المحلي (20,59 ت غ) حتى نهاية شهر رمضان، أي في 17 تموز(يوليو) الجاري. لكن قيادة التحالف الذي تقوده الرياض قالت في بيان إنها «لم تتلق طلباً من الحكومة الشرعية في اليمن حول الهدنة». وقال العميد الركن أحمد العسيري إلى صحيفة الشرق الاوسط الصادرة في لندن: «نحن في إعادة الأمل غير معنيين بهذه الهدنة، لأن ليس فيها التزام من قبل الميليشيات الحوثية». وصباح اليوم، شهدت البلاد مجدداً معارك عنيفة وغارات جوية للتحالف العربي بقيادة السعودية على مواقع المتمردين «الحوثيين». وأفاد شهود عيان بأن طائرات التحالف العربي استهدفت مواقع للحوثيين في مدينة تعز (وسط)، إذ كانت مواجهات تدور بين هؤلاء المتمردين المدعومين من إيران والمقاتلين الموالين للرئيس اليمني في المنفى عبد ربه منصور هادي. وقصف «الحوثيون» ايضاً أحياء عدة من تعز وفق المصادر ذاتها. واتهمت وكالة «الأنباء اليمنية الرسمية» (سبأ) التي تسيطر عليها الحكومة في المنفى، الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح بإرسال تعزيزات إلى تعز قبل الهدنة. وفي جنوب البلاد استهدف التحالف مواقع للمتمردين في عدن وفي محافظة لحج المجاورة، وفق شهود. وقال الناطق باسم المقاتلين من أنصار هادي، عبدالله الدياني، إن «هذه الغارات تأتي بعدما قصف المتمردون أحياء عدة في عدن». واستهدفت الغارات الجوية مواقع المتمردين في محافظتي الضالع جنوباً ومأرب شرق صنعاء. وقبيل بدء سريان الهدنة المعلنة، أعلن زعيم المتمردين في اليمن عبد الملك الحوثي في بيان بثته قناة «المسيرة» التابعة له: «بالنسبة إلى الهدنة، ليس لدينا أمل كبير في نجاحها». وأكد أن «نجاح الهدنة مرتبط بالتزام النظام السعودي ورهن بتوقف العدوان كلياً»، في إشارة إلى الحملة الجوية التي تشنها الرياض». ورحب الناطق باسم قوات صالح المتحالفة مع «الحوثيين» العميد شرف لقمان بالتهدئة، لكنه أكد أن «قواته تمارس حق الدفاع عن النفس وسترد على أي انتهاك للهدنة من قبل الطرف الآخر». وانطلاقاً من معقلهم في صعدة في شمال البلاد، تمكن «الحوثيون» من السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء في أيلول (سبتمبر) الماضي، ثم نزلوا نحو الجنوب، ما دفع الرئيس هادي إلى المنفى فلجأ إلى السعودية، وشنت في 26 آذار(مارس) الماضي حملة الغارات الجوية بقيادة الرياض. وكانت الدول ال15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي دعت الجمعة المتحاربين إلى «تعليق عملياتهم العسكرية خلال الهدنة والتحلي بضبط النفس في حال اخترقت الهدنة حوادث معزولة وتجنب أي تصعيد». كما ناشدتهم «تسهيل وصول مساعدة إنسانية عاجلة إلى أرجاء اليمن كافة». ووفق الأممالمتحدة، فإن 80 في المئة من السكان -أي21 مليون شخص- يحتاجون للمساعدة أو الحماية، وأكثر من 10 ملايين شخص لا يجدون الطعام ومياه الشرب، بسبب النزاع الذي أوقع أكثر من 3200 قتيل نصفهم من المدنيين منذ أواخر آذار(مارس) الماضي، وبعد أسبوع من إعلان حال الطوارئ الصحية القصوى في اليمن، اعتبر الناطق باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك، أن «من الملح والعاجل أن تصل المساعدة الإنسانية إلى جميع الاشخاص المحتاجين طيلة مدة الهدنة». وقالت الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي عبير عطيفة، إن «هذه الهدنة هي أملنا الأخير»، مؤكدة رسو سفينتين محملتين بالمواد الغذائية والوقود قبالة عدن. ومع هذه الهدنة، يأمل برنامج الأغذية العالمي وشركاؤه في مساعدة أكثر من 237 ألف شخص. وأضافت عطيفة أن «البرنامج تمكن منذ أسبوع من تسليم تسعة آلاف طن من المواد الغذائية إلى مستودعه في اليمن، والآن باتت الهدنة ضرورية للتمكن من توزيع هذه المساعدات والوصول إلى مناطق اليمن كافة». من جهة أخرى، أعلنت منظمة «الأممالمتحدة للطفولة» (يونيسيف)، أنها تكثف عملياتها لتأمين الغذاء واللقاح لإنقاذ ملايين الأطفال وتحاول فرقها قدر المستطاع تخطي أوضاع خطيرة جداً. ووكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة مستعدة لتوسيع نطاق عملياتها خلال الهدنة، على رغم أن الاستجابة للاحتياجات التي تبلغ 1,6 بليون دولار كانت بطيئة وضئيلة، إذ وصل 13 في المئة فقط من المبلغ حتى الآن. وكانت هدنة سابقة في منتصف أيار(مايو) الماضي لم تستمر سوى خمسة أيام لتتجدد المعارك بقوة بعد ذلك. ووفق مسؤول محلي، قتل عشرة أعضاء يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»، بينهم ثلاثة قادة محليين، في غارتين لطائرات أميركية من دون طيار في جنوب شرقي اليمن. وأضاف المسؤول: استهدفت الضربات سيارة وحاوية مليئة بالأسلحة مساء أمس في ميناء المكلا، كبرى مدن محافظة حضرموت التي يسيطر عليها تنظيم «القاعدة» منذ أوائل نيسان (ابريل) الماضي. وقد استفاد التنظيم من ضعف السلطة المركزية في اليمن ومن طبيعة البلاد الجغرافية والقبلية، إضافة إلى الاحتجاجات ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لتوسيع انتشاره في البلاد.