كابول - رويترز، أ ف ب - شن تسعة مسلحين من حركة «طالبان» على الاقل هجوماً جريئاً وسط العاصمة الأفغانية كابول أمس. وفجّر انتحاريون أنفسهم في مواقع عدة وخاضوا معركة ضارية في مركز «غراند أفغان» التجاري القريب من وزارة العدل والقصر الرئاسي. وعلى رغم فشل المسلحين في الاستيلاء على مبانٍ حكومية، لكنهم أظهروا قدرتهم على إحداث فوضى في وقت يحاول الرئيس الأميركي باراك أوباما حشد دعم لمهمة عسكرية موسعة ضدهم. وهزّ اطلاق النار وانفجارات مدوية محيط ساحة باشتونيستان، التي تحظى بحماية امنية مشددة بسبب وجود مبانٍ رسمية فيها. وتصاعد الدخان من مركز «غراند أفغان» التجاري الذي اشتبك فيه المسلحون مع قوات الأمن طيلة اربع ساعات على الاقل، قبل ان يعلن الرئيس الافغاني حميد كارزاي السيطرة على الوضع واستعادة النظام، مندداً بمحاولات زرع «الشقاق الوطني» بين الأفغان. وأفاد شهود بأن المسلحين اقتحموا المركز التجاري بعد انفجار عند بوابة القصر الرئاسي القريب. وأجلى حراس الأمن المدنيين بينما صعد المسلحون بسرعة الى الطوابق العليا. وأعلن مسؤولون أمنيون مقتل خمسة اشخاص بينهم اربعة شرطيين داخل المركز التجاري، وتفجير أربعة انتحاريين انفسهم في اماكن اخرى بينها مركز تجاري آخر ومبنى وزارة التعليم ومقر البنك المركزي، ما اسفر ايضاً عن جرح 38 شخصاً. وقاد احد المهاجمين سيارة إسعاف خاصة بالجيش، ما يشير الى احتمال تنكر المقاتلين بزي قوات الأمن الأفغانية او انهم اخترقوها. في المقابل، اشارت «طالبان» الى مشاركة أكثر من 20 من مقاتليها في الهجمات التي زعمت انها استهدفت القصر الرئاسي لدى اداء وزراء جدد في الحكومة قسم اليمين، ووزارات العدل والمالية والمناجم والبنك المركزي، والتي توجد كلها وسط المدينة. وقال ريتشارد هولبروك المبعوث الاميركي الخاص الى افغانستان وباكستان والذي غادر كابول الى نيودلهي قبل ساعات من الهجمات: «الاكيد أن من يفعل ذلك لن يحقق اهدافه، لكننا يمكن أن نتوقع حدوث امور مماثلة في شكل متكرر. هؤلاء هم طالبان». وتمثل الهجمات صفعة لمبادرة مصالحة جديدة مع «طالبان» يعتزم كارزاي إعلانها خلال مؤتمر دولي يعقد في لندن في 28 الشهر الجاري، علماً ان هذه المبادرة تشكل جزءاً أساسياً من استراتيجية الرئيس أوباما التي تتضمن ايضاً إرسال 30 الف جندي اميركي اضافي الى افغانستان من اجل تغيير دفة الحرب وقلب الموازين في مواجهة الجماعات المتمردة. واعتبرت الهجمات نادرة نسبياً في كابول منذ سقوط نظام «طالبان» نهاية 2001، لكنها تكثفت في الشهور الاخيرة، في وقت يحقق المتمردون مكاسب على الارض. وانفجرت قذيفة قرب السفارة الالمانية في حي وزير اكبر خان وسط كابول الجمعة الماضي، من دون ان تتسبب في وقوع ضحايا. وفي 15 كانون الاول (ديسمبر) الماضي، قتل ثمانية اشخاص في هجوم انتحاري قرب فندق ينزل فيه اجانب، فيما سقط 8 اشخاص بينهم 5 موظفين اجانب لدى الاممالمتحدة في هجوم شنته «طالبان» على مركز ضيافة تابع للمنظمة الدولية في كابول في نهاية تشرين الاول (اكتوبر) الماضي. وفي 11 شباط (فبراير) 2009، سقط 26 شخصاً في هجمات منسقة شنها انتحاريون من «طالبان» على وزارات ومبانٍ رسمية. كوشنير وفي اعقاب الهجمات، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان الوضع «خطير» في كابول، «كما هو الحال منذ وقت طويل للأسف». وأكد ضرورة تحضير المؤتمر الدولي المقبل الخاص بأفغانستان «بدقة بالغة في سبيل الخروج بحلول عملية، ما يعني انه يجب الاقتراب من الافغان في شكل اكبر بكثير مما قمنا به حتى الآن. الافغان هم الذين يجب ان يحددوا مستقبلهم». الى ذلك، طالب كاي ايدي مبعوث الأممالمتحدة الخاص الى أفغانستان المانحين الدوليين بالتركيز على مشاريع أطول مدى وأكثر قابلية للاستمرار في أفغانستان، بدلاً من تنفيذ مهمات أصغر حجماً تهدف الى إظهار نتائج سريعة في الداخل. وأضاف المبعوث الذي يختتم خلال اسابيع مهمته التي استمرت عامين في البلاد: «هناك حاجة الى إجراء تغيير في كيفية قياس النجاح في أفغانستان واتباع نهج أقل عشوائية يؤدي الى تعزيز قدرة الحكومة الأفغانية على توفير الخدمات». وأشار الى ان المانحين يركزون على «الأهداف السهلة»، فيما يجب تحويل التركيز من المشاريع الصغيرة الى مشاريع تحقق النمو»، موضحاً أنه بين نحو 18 ألف مشروع نفذتها فرق إعادة الإعمار الإقليمية حتى الآن، قلت كلفة 15 الف مشروع عن 100 الف دولار ولم تؤثر غالباً في المجتمعات، لأنها لا تحقق نمواً اقتصادياً ولا توفر وظائف ولا تدر عائدات». ورأى ان إرسال 30 ألف جندي اميركي إضافي في المرحلة المقبلة سيزيد إغراء التركيز على أعمال يظهر أثرها بسرعة اكبر، مشدداً على ضرورة ألا تبعد زيادة عدد القوات التركيز على الأهداف المدنية والسياسية في أفغانستان، «خصوصاً ان النهج المتبع لتحسين الحكم غير منظم، اذ يفتقر على سبيل المثال حكام مناطق كثيرون الى مكاتب ووسائل نقل، وتبلغ رواتبهم نحو 70 دولاراً شهرياً». وتابع: «يعني ذلك عدم امكان استقطاب اشخاص ملائمين، وعدم وجود موازنة تسمح بتوفير خدمات».