أعلنت «إدارة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا) أمس (الإثنين) أنها تتوقع أن يواصل المسبار الآلي «نيو هورايزونز» مهمته غداً بعد أن طرأ عطل على جهاز الحاسوب الخاص به قبل تسعة أيام من الموعد المقرر لتحليقه التاريخي عند أقرب نقطة من كوكب بلوتو النائي. وخلال اقترابه من نهاية رحلته التي استغرقت تسعة أعوام ونصف العام إلى الفضاء الخارجي المجهول للمجموعة الشمسية، أغلق المسبار اتصالاته اللاسلكية مع مركز مراقبة المهمة في مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة «جونز هوبكنز» في لوريل في ولاية ماريلاند لمدة 81 دقيقة. وقال مدير المهمة غلين فاونتين، إن «مركز المراقبة الأرضي قام بإعادة تحميل برمجيات الحاسوب الأساسي للمسبار الذي كان يحاول ضغط البيانات بداخله لتوسيع نطاق الذاكرة، فيما كان يعمل في الوقت ذاته على تحميل نظام تشغيل مهمة الاقتراب من بلوتو». وتوقف الحاسوب الأصلي للمسبار عن العمل ما تسبب في تحول المسبار إلى الحاسوب الاحتياطي، فيما كان يترقب تعليمات من مركز المراقبة الأرضي. وخلال عملية التحول انقطعت الاتصالات اللاسلكية، وتوقفت عمليات التجارب العلمية. وما لبث المهندسون أن رصدوا هذه المشكلة وبادروا بإعداد المسبار في مهمة للاقتراب من كوكب بلوتو القزم وأكبر أقماره تشارون ليصبح على مسافة 12 ألفاً و500 كيلومتر من سطح بلوتو في 14 تموز (يوليو) الجاري. ولا يحمل المسبار كماً كافياً من قوة الدفع التي تمكنه من إبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة «حزام كويبر»، وهي منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون، ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 بليون عام. و«حزام كويبر» آخر منطقة مجهولة في مجموعتنا الشمسية. وسيجري نقل الدفعة الأخيرة من البرمجيات الخاصة بحاسوب المسبار لاسلكياً الأحد المقبل، ليعكف المسبار على إجراء تجارب علمية. وقال الباحث آلان ستيرن الذي يعمل في معهد الأبحاث في بولدر في كولورادو، إن «العطل أدى الى تعطيل 30 عملية مشاهدة لبلوتو وقمره تشارون، لكن ذلك لن يؤثر على الأهداف الإجمالية للمهمة». وتابع: «فيما لم نكن نحبذ أن يحدث هذا العطل، فإنه منحنا دفعة لنعود إلى سابق توقعاتنا». ومن المقرر أن يجري تجاربه العلمية خلال تحليقه قرب بلوتو، مثل مركبات «مارينر» و«بايونير» و«فويغرر» التي سبقت المسبار «نيو هورايزونز» في اكتشاف كواكب المجموعة الشمسية. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كماً كبيراً من الوقود لاستخدام مكابحها ووضع نفسها في المدار. وقضى المسبار «نيو هورايزونز» معظم فترات رحلته إلى بلوتو التي بدأت في كانون الثاني (يناير) من العام 2006، في مراحل من السكون وخرج من سباته في كانون الثاني الماضي، ليبدأ في جمع البيانات العلمية وغيرها. وبلوتو كوكب جليدي قزم يسبح على حافة المجموعة الشمسية، ويقع في منطقة تعرف باسم «حزام كويبر» في الفناء الخلفي للمجموعة الشمسية. وخلال فترة إطلاق المسبار «نيو هورايزونز»، وفيما كان في طريقه للكوكب، حرم بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكباً قزماً بعد أن اكتشف أكثر من ألف من أمثاله منذ اكتشافه ضمن «حزام كويبر». ومنذ اكتشافه في العام 1930 لا يزال بلوتو لغزاً محيراً، ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الأخرى. ويبذل العلماء جهداً خارقاً في تفسير كيف أن كوكباً قطره لا يتجاوز 2302 كيلومتر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون. وبعد أن ينجز المسبار دراساته لبلوتو عن كثب وقمره الرئيسي تشارون، ومجموعة أخرى من الأقمار الصغيرة لا تقل عن أربعة، سيواصل المسبار رحلته في «حزام كويبر». ويعتزم فريق مهمة المسبار مطالبة «ناسا» بمزيد من الأموال لإرسال مركبة فضائية أخرى إلى «حزام كويبر» في العام 2019. وعلاوة على كاميرات المسبار فإنه مزود بست معدات علمية منها مطياف لتشتيت الضوء، وأجهزة استشعار لرصد الغبار، وبلازما لدراسة جيولوجيا بلوتو وقمره تشارون، ورسم خرائط لتركيب سطحيهما ودرجة الحرارة والغلاف الجوي والأقمار الأخرى.